بيتكوين: 114,855.78 الدولار/ليرة تركية: 40.99 الدولار/ليرة سورية: 12,887.05 الدولار/دينار جزائري: 129.91 الدولار/جنيه مصري: 48.49 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
قطر
قطر
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الجزائر
الجزائر
الامارات
الامارات
اخبار سوريا اخبار 24 ساعة

هل تحل جماعة الإخوان المسلمين نفسها في سوريا.. ما سرّ توقيت "رسالة" مستشار الرئيس الشرع؟

هل تحل جماعة الإخوان المسلمين نفسها في سوريا.. ما سرّ توقيت "رسالة" مستشار الرئيس الشرع؟

أثار مقال كتبه الإعلامي والكاتب السوري أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع، على موقع الجزيرة نقاشًا واسعًا بعد أن دعا فيه جماعة الإخوان المسلمين في سوريا إلى حل نفسها، معتبرًا أن بقاءها على شكلها التنظيمي الراهن لم يعد يخدم البلد ولا المرحلة المفصلية التي تعيشها، فهل كان توقيت نشر هذا المقال من قبل "زيدان" ذو دلالة بعد أيام قليلة من إعلان تعيينه مستشاراً برئاسة الجمهورية، وهل ستقبل الجماعة حل نفسها؟

رؤية زيدان: الحاجة إلى خطوة جريئة

زيدان، الذي كان في وقت سابق عضوًا في صفوف الجماعة قال إنه نأى بنفسه عنها لاحقاً، كتب قائلاً: "لا تزال الجماعة وفيّة لتنظيمها وحزبها وتسعى إلى الاستمرار فيهما، بينما الوطن بحاجة إلى تجاوز هذه البنى الضيقة نحو أفق أوسع يجمع كل السوريين."

ويضيف: “حل الجماعة اليوم سيكون خطوة في خدمة البلد، تفتح المجال أمام الشباب ليشاركوا في بناء سوريا الجديدة بدل أن يبقوا أسرى تاريخ تنظيمي أنهكته السجون والمنافي.”

حضور طويل وصدام دموي

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1945 كفرع من التنظيم الأم في مصر، وشاركت منذ وقت مبكر في الحياة السياسية والبرلمانية. لكن علاقتها بالنظام السوري دخلت في طور المواجهة المباشرة بعد وصول حزب البعث إلى الحكم عام 1963.

وفي السبعينيات، ومع تصاعد دور حافظ الأسد، دخلت الجماعة مرحلة صدام مسلح بلغ ذروته في مجزرة حماة عام 1982، حين شن النظام البائد حملة قمعية واسعة أودت بعشرات الآلاف وأجبرت من تبقى من الإخوان على اللجوء إلى الخارج.

منذ ذلك التاريخ، ظل التنظيم محظورًا في سوريا، وجرى استثمار صورته الرسمية باعتباره "خطرًا وجوديًا" لتبرير القبضة الأمنية.

ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، حاول الإخوان العودة عبر الائتلاف الوطني المعارض ومؤسسات المعارضة في الخارج، لكن حضورهم ظل محدودًا داخل البلاد بسبب غياب البنية التنظيمية وانتشار العداء الشعبي الذي غذته عقود من الدعاية الرسمية.

أزمة ثقة ممتدة

يرى زيدان في مقاله أن استمرار الجماعة بصيغتها التقليدية يعمّق أزمة الثقة مع الشارع السوري والدولة، ويزيد من عزلتها عن المشهد السياسي، لافتًا إلى أن غيابها عن الداخل طوال نصف قرن مكّن النظام البائد من تكريس مصطلح "الإخونجي" كوصمة اجتماعية. وهنا كتب: “إن تمسك الجماعة بالبقاء حرمها وحرم أبناءها من دورهم الطبيعي في مشروع وطني جامع.”

توقيت الطرح: هل هو رسالة من الدولة؟

الباحث السياسي وخبير الجماعات الإسلامية عبد السلام طالب يرى، خلال حديث مع وكالة ستيب نيوز، أن طرح زيدان في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن موقعه الجديد كمستشار للرئيس أحمد الشرع.

ويقول: "البعض يرى أن زيدان متذبذب الانتماء، لكن الأمر أعمق من ذلك. فالإخوان تغلغلوا منذ سنوات في صفوف بعض الكيانات والفصائل في المعارضة السورية حينها، واليوم يتواجدون في المؤسسات الإدارية للدولة الجديدة، وربما قلّة من يعرفهم بسبب سرّة تنظيمهم".

ويضيف: "توقيت مقاله قد يكون محاولة للتماهي وربط الجسور بين الإخوان والدولة؛ بالظاهر يطالب بحل الجماعة، لكن في الباطن قد يفتح لها الطريق للتمكين من داخل مؤسسات الحكم."

بينما يرى آخرون أن "رسالة" زيدان كانت خطوةً جريئة تجاه هذا التنظيم الذي فشل بالبلاد العربية فشلاً ذريعاً خلال السنوات الأخيرة، وحتى لا يتكرر هذا الفشل في سوريا.

سابقة تاريخية: حل الجماعة في سبيل الوحدة

استشهد زيدان في مقاله بسابقة حل الجماعة نفسها عام 1958 عندما اشترط الرئيس جمال عبد الناصر حل الأحزاب السياسية لتحقيق الوحدة المصرية-السورية. آنذاك، قدّم الإخوان السوريون التنازل "محبة واستجابة للوحدة" حسب وصفه، في وقت كان فيه نظراؤهم في مصر يواجهون أشد أشكال القمع. هذا المثال بالنسبة لزيدان يؤكد أن حل الجماعة ليس خيارًا مستحيلًا، بل قرارًا يمكن أن يُتخذ حين تقتضي المصلحة الوطنية ذلك.

لكن عبد السلام طالب يستبعد أن يستجيب الإخوان لهذه الدعوة، بل يشكك في نواياها أساسًا، قائلاً: “ربما هم من دفعوا زيدان لطرح هذه الفكرة ليجدوا مدخلاً نافذاً نحو مفاصل الدولة. حتى لو أعلنوا حل أنفسهم، فلن يتغير شيء سوى الاسم. نحن نتمنى أن يظهروا أولاً على العلن ليعرف الناس عددهم وحقيقتهم، لكنهم يفضلون البقاء في السرية والغموض.”

نماذج عربية: فشل يتكرر

إن دعوة زيدان لحل الجماعة في سوريا ترتبط بسياق عربي أوسع شهد إخفاقات متكررة للإخوان المسلمين في الحكم:

مصر: بعد ثورة 2011، وصل الإخوان إلى السلطة عبر الرئيس محمد مرسي، لكنهم سرعان ما خسروا الشارع بسبب خلافاتهم الداخلية وتوجهاتهم الإقصائية، ما مهد لانقلاب 2013 وإقصائهم تمامًا من المشهد.

السودان: لعب الإخوان دورًا مركزيًا في نظام عمر البشير على مدى ثلاثة عقود، لكن تجربتهم انتهت بانهيار الدولة وفقدان الجماهير الثقة بهم.

تونس: حركة النهضة التي تعد الامتداد المحلي للإخوان دخلت في أزمات متتالية بعد 2011، وانتهى بها الأمر بعد استلام الرئيس قيس سعيّد إلى تراجع شعبيتها وتهميشها سياسيًا.

الأردن: رغم وصولهم للسيطرة على مجلس النواب ومفاصل كبيرة بالدولة، إلا أن أجنداتهم الإقليمية غلبت مصلحتهم الوطنية، لكن الحكومة الأردنية تنبّهت لذلك وقبضت على خلايا كادت تزعزع استقرار البلاد، ليكون بذلك الحدث مفترقاً بوجودهم السياسي بالبلاد، حتى تم حظر الجماعة وحلها هناك.

تركيا: وإن لم يُطلق على حزب العدالة والتنمية صفة "إخواني" رسميًا، فإن ارتباطه بالخطاب الإسلامي السياسي أظهر تقاطعات واضحة مع فكر الجماعة. ومع ذلك، فإن التراجع الاقتصادي والاستقطاب السياسي وضع الحزب أمام تحديات مصيرية، وقد تكون تجربة هذا الحزب هي الوحيدة التي استمرت بسبب براغماتية قادته.

في ضوء هذه التجارب، تبدو دعوة زيدان أقرب إلى تحذير مبكر بأن بقاء الجماعة في سوريا بشكلها التقليدي لن يفتح لها سوى طريق الفشل ذاته.

الغياب التنظيمي والفشل السياسي

زيدان يرى أن الغياب الطويل عن الداخل أضعف الجماعة، بينما يشدد طالب على أن السبب أعمق من ذلك، ويقول: "الإخوان لا يريدون فتح مكاتب ولا تأسيس حزب سياسي لأنهم فشلوا في إقناع الشارع. أصغر أعضائهم اليوم تجاوز الستين، وعددهم الحقيقي قليل جدا"ً.

ويضيف: “إذا انكشف حجمهم للناس سيتضح أنهم مجرد مجموعة صغيرة تقتات على الوهم. وجودهم أصلاً يخدم أجندة خارجية، وهو في جزء منه مطلب أمريكي لأنهم أثبتوا أنهم خير من فشل في السياسة، وبالتالي خير من يُفشل مشروع الإسلام السياسي.”

مستقبل الجماعة: بين النهاية والتموضع الجديد

تأتي رسالة مستشار الرئيس السوري، أحمد زيدان، للجماعة، بعد أام قليلة عن تقارير تتحدث عن خطة لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة "إرهابية" في الولايات المتحدة، وهو ما يهدد وجودها بأي بلد عربي.

وحول ذلك يرى طالب أن هذا الاحتمال غير واقعي بشكل شامل، ويقول: “أمريكا تعرف من هم الإخوان، ولن تصنفهم جميعاً كتنظيم إرهابي، ربما تستهدف بعض أذرعهم مثل حماس. لكن الجماعة ككل تعيش مرحلة أفول طبيعي، بسبب فشلها في كسب ثقة الجماهير وبقائها في السرية، ما يجعلها في مواجهة مع الزمن ومع المجتمع في آن واحد.”

ملف الإخوان معقد

بين دعوة أحمد موفق زيدان إلى حل الجماعة واستشهاده بتجارب تاريخية، وبين تشكيك عبد السلام طالب في نوايا الطرح ومآلاته، يتضح أن ملف الإخوان في سوريا يظل معقدًا ومفتوحًا على احتمالات متناقضة. فبين من يراه مدخلًا لبناء ثقة جديدة مع الدولة، ومن يراه تكتيكًا براغماتيًا لإعادة التموضع داخل الحكم، وبين ما أظهرته التجارب العربية من إخفاقات متكررة، يبقى السؤال مفتوحًا:

هل حان الوقت فعلًا لطي صفحة الجماعة في سوريا، أم أنها ستعيد إنتاج نفسها بأسماء جديدة كما فعلت في تجارب أخرى؟

المقال التالي المقال السابق
0