بيتكوين: 112,000.00 الدولار/ليرة تركية: 40.96 الدولار/ليرة سورية: 12,892.87 الدولار/دينار جزائري: 129.80 الدولار/جنيه مصري: 48.43 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

الهجري يدعو لإقليم درزي مدعوم من أمريكا وإسرائيل… هل فُتح ملف تقسيم سوريا من بوابة السويداء؟

الهجري يدعو لإقليم درزي مدعوم من أمريكا وإسرائيل… هل فُتح ملف تقسيم سوريا من بوابة السويداء؟

أعاد تصريح شيخ عقل الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، بدعمه إقامة إقليم خاص بالدروز، النقاش حول مستقبل محافظة السويداء ودورها في خريطة سوريا السياسية المقبلة، وسط مخاوف من أن تكون هذه الدعوات بوابة جديدة لتغذية مشاريع التقسيم وإشعال توترات إضافية مع الحكومة السورية. 

الدعوة التي جاءت في أعقاب أحداث السويداء الأخيرة التي راح ضحيتها المئات إثر انتهاكات بعد معارك بين القوات الحكومية وفصائل محلية بالسويداء، تفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول مآلاتها، وما إذا كانت تعكس إرادة داخلية حقيقية أم أنها جزء من لعبة إقليمية ودولية تتقاطع فيها مصالح متناقضة، وفق ما شرح خبير تحدث لوكالة ستيب نيوز.

تدويل ملف السويداء: لعبة إسرائيلية أم مرحلة مؤقتة؟

يرى الباحث السياسي السوري لؤي صافي، خلال حديث لوكالة ستيب نيوز أن ملف السويداء لم يعد شأناً سورياً صرفاً، بل بات مطروحاً في أروقة القوى الإقليمية والدولية. 

ويقول: "تدويل ملف السويداء يرتبط بمساعي إسرائيل لمنع قيام دولة سورية موحدة ومعادية للحكومة الإسرائيلية". 

ويضيف: أن إسرائيل فوجئت بانهيار نظام الأسد بعد أن بدا أنه استعاد السيطرة، وسارعت لتأمين مواقعها عبر ضرب القواعد العسكرية السورية وإعلان استعدادها لحماية قسد والدروز.

لكن، بحسب صافي، فإن الموقف الأمريكي بدا مختلفاً، إذ تصر واشنطن على وحدة الأراضي السورية، وترى في استقرار البلاد شرطاً أساسياً لإبعاد النفوذ الإيراني عن شرق المتوسط. 

ويؤكد صافي أن "التدويل يبدو مرحلياً، ويمكن أن ينتهي إذا نجحت الحكومة السورية في تعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية، على حد قوله.

الحرس الوطني الدرزي… بين الضمانات الخارجية واحتمال المواجهة

الخطوة الأبرز التي أقدم عليها الشيخ الهجري كانت الدفع باتجاه تشكيل "الحرس الوطني" في السويداء، وهو ما اعتُبر مقدمة لبناء كيان عسكري موازٍ للدولة، حيث جمع بحسب تقديرات نحو 15 ألف مقاتل يقودهم نحو 25 ضابطاً وقادة عسكريين من أبناء المحافظة بتشكيل عسكري واحد، يهدف لضبط الأمن وحمايتها. 

وهنا يعلّق صافي: "الهجري يراهن على مستقبل السويداء دون أن يملك تصوراً واضحاً لطبيعة موازين القوى المتغيرة إقليمياً ودولياً".

ويضيف: أن علاقات شيخ عقل دروز إسرائيل موفق طريف مع حكومة نتنياهو، وتصريحات داعمة من الخارج، منحت الهجري شعوراً بوجود غطاء يمكن أن يؤسس لدولة درزية. 

لكن صافي يحذر: "الهجري يلعب لعبة أكبر بكثير من قدراته، وهو يضع السويداء في موقف صعب… إذا استمر في التصعيد فالمواجهة العسكرية مع دمشق تبدو أمراً لا مفر منه".

بالمقابل يرى أطراف محلية في السويداء أن القوات الحكومية ارتكبت انتهاكات بحقهم خلال المعركة الأخيرة، وبالتالي قطعت معهم أي طريق للوصال، كما أن إغلاق الطرق وحصار المحافظة يدفعهم للمطالبة بحماية وتدخل دولي.

كما أن تشكيل الحرس الوطني سبقه تشكيل لجان قانونية تشرف على إدارة المحافظة نتيجة غياب كامل لمؤسسات الدولة فيها بعد الأحداث والتصعيد الأخير بين الفصائل المحلية والقوات الحكومية السورية.

الرهان على واشنطن… وهم أم فرصة؟

في تصريحاته الأخيرة، أشار الهجري إلى تنسيق مع الجانب الأمريكي، بالتزامن مع تصريحات للمبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، حول نظام حكم جديد في سوريا لا هو فيدرالي ولا مركزي، لكن صافي يرى أن هذه القراءة تنطوي على مغالطة.

ويقول: "تصريحات الهجري تعكس سوء فهم لآليات اتخاذ القرار السياسي في أمريكا… حتى الرئيس الأمريكي نفسه لا يستطيع فرض قرار منفرد".

ويؤكد الباحث أن واشنطن ليست معنية بشكل الحكم بقدر ما تركز على استقرار سوريا وتجنب عودة المحور الإيراني. بل ويذهب أبعد من ذلك بالقول إن إسرائيل نفسها لا تسعى فعلياً لقيام دويلة درزية، لأن وجودها سيشكّل تهديداً داخلياً لها بالنظر إلى الأقليات الدرزية في أراضيها.

وكانت إسرائيل صرّحت مراراً على لسان مسؤوليها أنها مستمرة بتقديم الدعم والحماية للدروز في سوريا، كما ذكرت تقارير أنها تفاوض الحكومة السورية على فتح ممر إنساني من الجولان المحتل إلى السويداء.

السويداء كورقة ضغط… بين دمشق وواشنطن وتل أبيب

أما عن الضغوط الدولية على الحكومة السورية لمعالجة ملف السويداء، فيرى صافي أنها ليست موجهة حصراً نحو ملف السويداء فقط، بل تُستخدم كأداة ضمن مساومات أوسع.

ويقول: "الهدف الأمريكي – الإسرائيلي هو إرغام الإدارة الجديدة في دمشق على تقديم تنازلات تعطي الأولوية للمصالح الأمريكية".

ويلفت إلى أن هناك تناقضات بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي في سوريا، وأن دمشق تحاول استثمار هذه الفجوة بالتعاون مع حلفاء عرب وأتراك من أجل الحفاظ على وحدة البلاد. ومع ذلك، يقرّ صافي بصعوبة المشهد وتشابكه، لكنه يعتبر أن فرص نجاح دمشق أكبر من رهانات الهجري.

هل هي بداية التقسيم؟

فيما يخص احتمالية أن تكون هذه التطورات مقدمة لتقسيم سوريا، يوضح صافي أن الإدارة الذاتية أو المحلية لا تعني بالضرورة التفكك.

ويقول: "تنظيم الدولة السورية وفق نموذج الإدارة الذاتية قد يكون حلاً لمنع عودة الاستبداد… لكنه ليس تقسيم البلاد".

ويشير إلى أن النقاش حول الفيدرالية أو الإدارة المحلية لم يُدرس بشكل علمي بعد، وأن الخلط بين المفاهيم يغذي المخاوف. 

ويتابع: "معظم من يتحدث بها لم يدرس الأنظمة الإدارية دراسة معمقة، وخاصة الأنظمة الإدارية التي سمحت باستمرار التنوع السكاني لقرون، لأنه يساوي بين الإدارة الذاتية (النظام الاتحادي أو الفدرالي) التي ترتبط بالمركز في المسائل المتعلقة بالأمن العسكري والاقتصادي المشترك وفي العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، والإدارة المستقلة (النظام التعاوني أو الكونفدرالي) التي تستقل فيه المحافظات أو الولايات بسياساتها الأمنية والاقتصادية والخارجية".

ويشدد على أن الحسم في هذه المسألة يجب أن يُترك للشعب السوري خلال صياغة دستور دائم، لا أن يُفرض عبر مواقف ظرفية أو تدخلات خارجية.

بين مشروع الهجري وخيارات دمشق

ما بين دعوة الشيخ الهجري لتأسيس إقليم درزي، وتأكيد الحكومة السورية على وحدة الأراضي، يقف مستقبل السويداء أمام مفترق حساس، فالمحافظة التي لطالما تجنبت الانخراط العميق في أتون الحرب السورية، تجد نفسها اليوم في قلب معادلات جيوسياسية تتجاوز قدراتها المحلية.

وبينما يراهن بعض أبناء الطائفة على دعم خارجي قد يحوّل الحلم إلى واقع، يرى محللون أن هذه الحسابات تحمل مخاطر كبرى، أبرزها جرّ المحافظة إلى مواجهة دامية مع دمشق، أو استخدامها كورقة ضغط في مساومات إقليمية لا تخدم بالضرورة مصالحها المباشرة.

يبقى السؤال مفتوحاً: هل تشكل تصريحات الشيخ الهجري بداية لمسار تقسيمي جديد في سوريا، أم أنها مجرد ورقة في لعبة دولية أوسع سرعان ما ستطويها المفاوضات؟ والمؤكد أن مستقبل السويداء، مثل مستقبل سوريا برمتها، لن يُحسم في خطابات فردية ولا في وعود عابرة، بل في توازنات إقليمية ودولية معقدة، وفي إرادة السوريين أنفسهم عند صياغة دستورهم المقبل.

 

المقال التالي المقال السابق
0