حورات خاصةحرب ايران واسرائيل

رسائل بالصواريخ وتهديد نووي بين إيران وإسرائيل.. خبراء يكشفون ما بعد الضربات وسيناريو “اللحظة الأخيرة”

بعد تصعيد خطير تبادلت خلاله إيران وإسرائيل الضربات العسكرية والتهديدات، حيث شنت طهران هجوماً غير مسبوق بالطائرات المسيرة والصواريخ باتجاه إسرائيل، لم يسفر عن سقوط ضحايا، بينما ردت تل أبيب بضربة صاروخية في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة الفائت على قاعدة جوية بمدينة أصفهان ، لكن تلك الضربات كان بين ثناياها رسائل “نووية” وصلت إلى أروقة صنع القرار لدى الطرفين، وحذرت منها عدة جهات، قبل أن تخرج عن السيطرة. 

 

رسائل بالصواريخ وتهديد نووي بين إيران وإسرائيل.. خبراء يكشفون ما بعد الضربات وسيناريو "اللحظة الأخيرة"
رسائل بالصواريخ وتهديد نووي بين إيران وإسرائيل.. خبراء يكشفون ما بعد الضربات وسيناريو “اللحظة الأخيرة”

التصعيد بين إيران وإسرائيل 

 

وكانت وقد أكدت القيادة العسكرية الإسرائيلية أن الهجمات الإيرانية “ستواجه برد حازم”، وتشير التقارير إلى أن الضربات الإسرائيلية على أصفهان استهدفت منطقة فيها قاعدة جوية للحرس الثوري الإيراني، وتحديداً قرب مفاعل نطنز المثير للجدل، والذي تتحدث معلومات أنه يوجد بداخله مواقع سرية للبرنامج النووي الإيراني، لكن الضربة الإسرائيلية كانت محدودة ولم تعتبرها إيران رداً حقيقياً، بينما يقول خبراء أن الرسائل التي حملتها الضربة أدت إلى برودة رد فعل طهران حولها. 

 

وفي ظل هذه التطورات، دعت الولايات المتحدة وعدة دول أخرى إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد بين إيران وإسرائيل الذي قد يغرق المنطقة في صراع أوسع، وحذرت من جهتها منظمة الطاقة الذرية من أخطار نووية غير محسوبة. 

 

وتأتي هذه الأحداث في وقت حساس، حيث تواصل إسرائيل تعزيز مواقعها العسكرية في غزة خلال الحرب المستمرة منذ أشهر.

 

رسائل خلف الضربات الحساسة 

 

ويقول الخبير السياسي والدبلوماسي العراقي السابق، الدكتور غازي حسين، في حديث لوكالة “ستيب نيوز”: “كان القصف الجوي الإسرائيلي على قاعدة الحرس الثوري الجوية في أصفهان وقرب مفاعل نطنز الإيراني بتسعة صواريخ وطائرات مسيرة بمثابة رسالة إلى إيران بأن الهدف القادم هو المفاعلات النووية الأربعة، وكما استطاعت الضربات الوصول إلى تلك القاعدة فهي قادرة على الوصول إلى مفاعلاتكم”.

 

ويضيف:”إيران ذهبت للتقليل من شأن الضربة من أجل عدم الرد عليها والانزلاق باتجاه تصعيد، بل وشككت بمصادر هذه الصواريخ وتحدثت عن إجراء تحقيقات بالوقت الذي لم تعترف إسرائيل رسميًا بالوقوف وراءها”.

 

بدوره يرى الكاتب والباحث السياسي محمد شعت بحديث لوكالة” ستيب نيوز” أن الضربة الإسرائيلية بالقرب من منشأة نطنز، هي رسالة للقدرة على الوصول إلى أماكن حساسة، لكنه يقول: “هناك العديد من الرسائل التي أرسلتها إسرائيل سابقاً بمدى اختراقها للداخل الإيراني وتفوقها الاستخباراتي فيما يتعلق بالاستهداف أو سرقة أرشيف البرنامج النووي أو اغتيال فخري زاده وغيره من قيادات الحرس الثوري في سوريا، وهي كلها رسائل بقدرة إسرائيل على الوصول إلى العمق وتهديد منشآت حساسة”. 

 

مستوى الرد بين إيران وإسرائيل 

 

ويقرأ رئيس منتدى العلاقات الدولية للحوار والسياسات، شرحبيل الغريب، الوضع بين إيران وإسرائيل بأنه رد مضبوط الإيقاع، وما قامت به إيران وإسرائيل من تبادل رسائل النار يندرج في سياق فرض قواعد اشتباك جديدة، حيث لأول مرة تباشر إيران برد من أراضيها تجاه إسرائيل.

 

ويقول: “ردت إيران وأرست قواعد اشتباك جديدة، وردت إسرائيل رد مضبوط الإيقاع كمحاولة لترميم صورة ردعها التي تآكلت بشكل كبير”. 

 

ويضيف: “ربما تكون كذلك رسالة تهديد ، لكن هذا يندرج في سياق سياسية التلويح بسيناريوهات القادم في إطار الصراع المتصاعد في المنطقة بين إسرائيل وإيران، إذ أن طبيعة الصراع باتت متدحرجة بشكل متسارع لأول مرة في التاريخ ، بعد السابع من أكتوبر وتداعياتها على المنطقة وإسرائيل”.  

 

أيضاً يعتقد “غازي حسين” أن الضربة الإسرائيلية لم تكن بمستوى الرد على ضربة إيران التي كانت بنحو 350 صاروخ وطائرة مسيرة، إلا أن إسرائيل أبلغت واشنطن ذلك لمنع إحراج إيران ودفعها لرد جديد، ورغم حديث الإعلام الإيراني عن فشل الضربة إلا أن المطلوب منها قد وصل إلى طهران فعلاً، بحسب الخبير السياسي. 

 

ويتفق “الغريب” مع “حسين” و”شعت” ويقول: “في تقديري هناك رغبة أمريكية في عدم اتساع الصراع إقليمياً وأمريكا مارست ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لأجل رد محدود يضمن عدم توسع نطاق المواجهة واقتصارها في قطاع غزة والجبهة الشمالية بشكلها المعتاد”. 

 

ويضيف أيضاً: “مستوى الرد شكّل صورة من محاولات إسرائيل ترميم صور ردعها في المنطقة، حيث تآكلت بشكل كبير جداً خلال الفترة الماضية ، وممر إجباري لنتنياهو الذي يعتبر نفسه أبو الملف النووي الإيراني، وبالتالي كان الرد محدوداً بما لا يؤدي إلى حرب شاملة مفتوحة، وفي تقديري أي محاولة إسرائيلية لرد في العمق الإيراني معناها الحقيقي حرب متدحرجة سيصعب السيطرة عليها، ولا تريدها كثير من الأطراف”.  

 

التهديد النووي ورسائل مُبطّنة

 

خلال ضربة إيران في 13 من أبريل، قالت تقارير إن أحد الأهداف كان موقع مفاعل ديمونة الإسرائيلي، لكن طهران نفت ذلك، وفي الرد الإسرائيلي قالت تقارير أن أحد الأهداف هو تهديد مفاعل نطنز الإيراني.

 

وحول ذلك يقول “شرحبيل الغريب”: “أشكك في مثل هذه التقارير ، و نعتمد الرواية الرسمية في هكذا قضايا ، خاصة في ظل إعلان رسمي إيراني أن القصف كان لقواعد عسكرية محددة ، وبالتالي من السابق لأوانه الحديث عن الانتقال من المواجهة المباشرة إلى التهديد النووي المتبادل، خاصة مع تحديد نطاق المواجهة بين الأطراف”.

 

ويتفق “غازي حسين” قائلاً: “إمكانية التهديد بضرب المفاعلات النووية فاعتقد أن فيها محاذير، فإسرائيل التي قصفت مفاعل العراق عام 198‪1 كان حينها قيد الإنشاء فقط، أما مفاعلات إيران فهي فعالة وفيها من الوقود النووي ما يمكن أن يسبب أخطار على المنطقة، كذلك الحديث عن أن أحد صواريخ إيران التي اتجهت إلى إسرائيل مطلع أبريل كان متوجهاً نحو مفاعل ديمونة، فلا اعتقد أن إيران بصدد التهور بتلك الضربة التي قد تؤدي لحرب حقيقية بالأقليم وقد تكون أيضاً مجرد رسالة إيرانية للضغط على تل أبيب”. 

 

ويؤكد “محمد شعت” أنه من المستبعد تماماً الاتجاه إلى التهديد النووي، خاصة إذا كانت هناك قدرة على إدارة حرب سيبرانية تستطيع تخريب المنشآت النووية أو تعطيل البرنامج النووي الإيراني، وهو ماسبق لإسرائيل فعله، لكن يعتقد أن رمزية الأماكن تبقى في إطار الرسائل المتبادلة التي لن تصل إلى حد التهديد النووي.

 

تغير طبيعة المواجهة وسيناريو نووي بين إيران وإسرائيل 

 

يرى الخبراء أن الظروف الحالية في المنطقة والإقليم متصاعدة وتسخن تدريجياً ، لكن هناك ملفات أخرى تحتل أولوية لدى الإدارة الأمريكية التي على أجندتها الحرب الاوكرانية الروسية وملف الصين ، وبالتالي سيناريو الحرب النووية الإسرائيلية لا تدفع المنطقة باشتعاله رغم توقف المحادثات مع القوى الدولية . 

 

ويقول “الغريب” : “يمكن الحديث عن كارثة نووية محتملة إذا ما تصاعدت حدة وطبيعة المواجهة في المنطقة والإقليم، وما زالت مؤشرات ذلك قائمة طالما المنطقة تغلي بحرب مستمرة لأكثر من ستة أشهر وقابلية انفجار جبهات أخرى واردة لترابط الملفات وتشابكاتها”.

 

أما “شعت” فيقول: “التصعيد من جانب طهران رغم أنه شهد تحولاً في قواعد الاشتباك التقليدية إلا أنه لايعكس رغبة إيرانية في التصعيد، لكنه جاء فقط للحفاظ على السردية الإيرانية التي تعتمد على الندية على الأقل أمام الوكلاء والجمهور بعد ضرب القنصلية الإيرانية في سوريا، وبالتالي ليس من المتوقع أن ترد طهران على الرد الإسرائيلي وقد يعود التصعيد عبر حروب الظل من جانب إسرائيل أو تحريك الوكلاء من جانب طهران”.

 

بينما يقرأ “غازي حسين” السيناريو النووي من وجهة نظر أخرى، ويقول: “حتى اليوم لا أحد يؤكد أن إيران أو إسرائيل تمتلكان أسلحة نووية، رغم أنه هناك تقارير تتحدث عن تسريب أسلحة نووية من الاتحاد السوفيتي عند انهياره ولا أحد يعلم أين وصلت، ويبقى برنامج إيران النووي محط جدل فيما إذا كانت قد وصلت فعلاً طهران لتقنيات تطوير الأسلحة النووية أم لا، بينما يعتقد أن إسرائيل تمتلك مثل هذه الأسلحة رغم عدم اعترافها بذلك ويبقى برنامجها أيضاً سري وغير خاضع للرقابة، لكن لا أتوقع اللجوء إلى مثل هذه الأسلحة إلا في لحظات حرجة حين تشعر إحداهما أنها قد تهزم لدرجة الانهيار”.

رسائل بالصواريخ وتهديد نووي بين إيران وإسرائيل.. خبراء يكشفون ما بعد الضربات وسيناريو "اللحظة الأخيرة"
رسائل بالصواريخ وتهديد نووي بين إيران وإسرائيل.. خبراء يكشفون ما بعد الضربات وسيناريو “اللحظة الأخيرة”

 

إعداد: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى