حورات خاصةمقال رأي

هل تنجح قمة المناخ بإنقاذ العالم من كارثة بيئية؟.. منطقتان عربيتان الأكثر خطورة

تدور في مدينة شرم الشيخ المصرية فعاليات قمة المناخ، المعروفة بـ”COP27″، التي ستناقش على مدار أسبوع حلولاً مقترحة لحماية الأمن الغذائي العالمي ولإنقاذ كوكب الأرض من تداعيات الظواهر المناخية الحادة، كالتصحر وحرائق الغابات، بحضور زعماء العالم وصنّاع القرار من نحو 200 دولة.

وتأتي القمة في وقت يتعرض فيه قادة العالم لضغوط كبيرة لتعزيز تعهداتهم المناخية وضمان تقديم الدعم المالي للدول النامية التي تعدّ من أكبر ضحايا التغير المناخي.

كما تأتي وسط أزمات متعددة مترابطة في العالم، على رأسها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأزمات التضخم والركود والطاقة والغذاء، ما قد يدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات رغم أن تداعياتها المدمرة تجلت كثيراً عام 2022.

قمة المناخ والتحديات العالمية

حول كوب27، تقول أستاذة الإعلام البيئي في الجامعة اللبنانية راغدة حداد، لوكالة ستيب الإخبارية، إنَّ قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ “تأتي في خِضام تحديات عالمية كبرى، لا سيما جائحة كورونا وحرب أوكرانيا وما يتبعهما من مشاكل اقتصادية وما حصل من ركود اقتصادي عالمي”.

وأضافت: “تأتي أيضاً وسط أحداث مناخية كبرى ضربت العالم وخصوصاً الدول النامية، من فيضانات باكستان التي خلفت قتلى وملايين النازحين إلى القارة الأمريكية حيث حدثت الأعاصير، وأيضاً الجفاف الذي أدى ويؤدي إلى موت الملايين في أفريقيا جوعاً، ولا ننسى موجات الحر في أوروبا هذه السنة”، قائلةً: “الموقف المناخي حرج جداً”.

وزادت: “هناك ضائقات وأحوال مناخية خطيرة تضرب أنحاء العالم لا يمكن التغاضي عنها؛ لذلك سوف تتطرق إليها بعمق قمة شرم الشيخ، ولكن لا أظن أن القمة ستعالج التحديات البيئية لأن الحالة الاقتصادية هي التي تتحكم بالمعالجة”.

حداد أردفت: “الجهود العالمية لمكافحة أخطار تغير المناخ بلغت ذروتها في اتفاقية باريس عام 2015، حين تعهدت دول العالم بتخفيض انبعاثاتها الكربونية لإبقاء ارتفاع معدل الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين خلال هذا القرن، ومتابعة الجهود لثباته بحدود 1.5 درجة مئوية”.

لماذا يتغير المناخ؟

بحسب الخبيرة البيئية، فإن النشاطات البشرية، خصوصاً حرق الوقود لأغراض النقل والصناعة وتوليد الكهرباء، أدت إلى ازدياد انبعاثات الغازات الدفيئة التي تراكمت في الغلاف الجوي وخصوصاً غاز ثاني أكسيد الكربون.

وتابعت: “تراكم هذه الغازات يتسبب في احتباس الحرارة في جو الأرض وارتفاع معدل درجات الحرارة العالمية، لذلك الهدف من قمة المناخ الآن هو تخفيض الانبعاثات من هذه القطاعات الثلاثة (الصناعة والنقل والكهرباء) وأيضاً زرع الأشجار التي تمتص هذه الانبعاثات”.

ما هي الدلائل على تغير المناخ؟

تشير حداد إلى أن أبرز الدلائل على تغير المناخ يعود إلى ازدياد العواصف والأعاصير والفيضانات وموجات الحر والجفاف والحرائق حول العالم، وأيضاً ذوبان الكتل الجليدية التي تذهب مياهها إلى البحار والمحيطات، وكذلك تمدد مياه المحيطات والبحار مع ارتفاع درجات الحرارة.

يعتقد العلماء أن مياه البحار والمحيطات سترتفع بين متر ومترين ربما مع نهاية هذا القرن، وهذا الارتفاع يهدد بغرق الجزر والشواطئ والأراضي المنخفضة.

هذا الارتفاع في مستوى البحار، بحسب حداد، سيؤثر بشكل فادح على البلدان العربية التي تمتد سواحلها على مسافة 34 ألف كيلومتر، بينها 18 ألف كيلومتر مؤهلة، تتركز فيها غالبية المدن والأنشطة الاقتصادية والزراعية والسكنية.

أستاذة الإعلام البيئي قالت: “طبعاً ستكون بعض الأماكن أكثر خطورة خصوصاً دلتا النيل في مصر و دلتا نهري دجلة والفرات في العراق، وهما مكتظتان بالسكان وتضمان أهم الأراضي الزراعية في المنطقة العربية”.

وأردفت: “المنطقة العربية التي تنتج 5% فقط من الانبعاثات الكربونية العالمية، هي أكثر المناطق تأثراً بتغيرات المناخ في العالم؛ وأكثر هذه التأثيرات: فترات الجفاف الطويلة التي نلاحظها والتصحر، نقص المياه، خسارة النظم الطبيعية، التدهور الساحلي وازدياد العواصف الغبارية. ففي العراق مثلاً هناك مئة يوم من الأيام الغبارية، ويتوقع أن تزداد إلى 250 يوماً مع حلول العام 2050 وربما إلى 300 يوم مع نهاية هذا القرن”.

الجفاف ونقص المياه سينعكسان على إنتاج الغذاء في المنطقة العربية وسيتسببان في حالات من الجوع ونقص التغذية والأمراض المتعلقة بذلك، وفقاً لحداد.

القضيتان الرئيسيتان في قمة المناخ

وفقاً لحداد، فإن القضيتين الرئيسيتين في قمة المناخ؛ هما التزام دول العالم بتخفيض انبعاثاتها الكربونية لكي يبقى ارتفاع معدل الحرارة العالمية بحدود 1.5%، أما النقطة الثانية هي أن البلدان الصناعية المتقدمة تعهدت بتعبئة مئة مليار دولار سنوياً لتلبية حاجة البلدان النامية في تخفيف انبعاثاتها الكربونية والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ.

وقالت: “هذه هي النقطة الرئيسية (التعويضات) في جميع مؤتمرات كوب، وحالياً تأتي قمة المناخ في خضام الأزمة المالية العالمية والاقتصادية العالمية، ولكن لا أظن أنها في هذه الأحوال الاقتصادية ستنحل. أتوقع أن المشكلة ستنسحب إلى القمة التالية”.

وأضافت: “كل مؤتمر للمناخ يشهد ضغوطاً من الدول النامية على الدول الصناعية لدفع ثمن الأضرار المتعاظمة والناجمة عن تغير المناخ والتي تزيد معاناة شعوبها، باعتبار أن الدول الصناعية تتحمل المسؤولية الكبرى عن الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري”.

كيف ستستفيد الدول العربية من فرص التمويل بـ قمة المناخ؟

تطرقت أستاذة الإعلام البيئي في الجامعة اللبنانية راغدة حداد، إلى موضوع تنفيذ معظم بلدان العالم مشاريع لتخفيض انبعاثاتها الكربونية وخصوصاً في قطاعي الطاقة والنقل.

فقد أعلنت الإمارات العام الماضي مبادرة تتوخى من خلالها أن تصبح أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحقق الحياد المناخي بحلول سنة 2050، وذلك برفع كفاءة استهلاك الكهرباء والوقود ورفع حصة الطاقة النظيفة إلى 50% من مزيج الطاقة.

أيضاً ستنتج السعودية وصولاً إلى 40% من طاقتها من مصادر متجددة، كما أن المغرب بحلول 2030 سيكون 52% من مزيج الطاقة فيها بالطاقة الشمسية ومزارع الرياح، وهناك خطط ومشاريع في مصر والجزائر وغيرها.

ولكن مازالت هذه الجهود في المنطقة العربية محدودة، بحسب حداد، كما يتوجب التزام الدول العربية بعملية مواجهة تغير المناخ على الصعيد الدولي؛ وذلك بتنفيذ تعهداتها بتخفيض الانبعاثات وهذا شرط أساسي لكي تستفيد الدول العربية من فرص التمويل الدولي لمشاريع التكيف مع تغير المناخ.

إعداد: سامية لاوند

هل تنجح قمة المناخ بإنقاذ العالم من كارثة بيئية؟.. منطقتان عربيتان الأكثر خطورة
هل تنجح قمة المناخ بإنقاذ العالم من كارثة بيئية؟.. منطقتان عربيتان الأكثر خطورة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى