الشأن السوري

تصفية قيادات احرار الشام كان حجر الأساس في تحويلها لفصيل ” معتدل “

تحاول حركة احرار الشام ان تجد لها دورا يتناسب مع الفترة الحالية التي تمر بها الثورة السورية او بالأحرى يحاول من يقف وراء الحركة ان يوجد لها هذا الدور , فبعد ان كانت الحركة على مسافة خطوة واحدة من ان تصنّف ” تنظيم إرهابي ” من قبل الولايات المتحدة الامريكية التي أدرجت تنظيم جبهة النصرة وتنظيم ” الدولة الإسلامية ” على لائحة الإرهاب سابقا وبعد ان كان هناك شبه حظر دولي على التعامل مع الحركة في الفترة الماضية , تظهر حركة احرار الشام اليوم بمظهر الفصيل المعتدل المنفتح إعلاميا عبر الصحف العالمية والمواجه لتنظيم الدولة والأفكار المتشددة والداعي لإقامة دولة ديمقراطية تحفظ حقوق مواطنيها على اختلاف اعراقهم وطوائفهم .
ولعل ما تشهده حركة احرار الشام الإسلامية منذ ما يقارب العام تقريبا وحتى اليوم بما فيه تغيير شعارها من ” مشروع امة ” الى “ثورة شعب ” يسير ضمن مخطط مرسوم ومدروس من قبل دول تسعى جاهدة ان تهيئ الحركة للمشاركة في حكم سوريا مستقبلا , فقبل ما يقارب العام لقى معظم قيادات الصف الأول في حركة احرار الشام حتفهم في عملية اغتيال جماعية لا تزال تفاصيلها غامضة حتى اليوم , حيث تعرّض اجتماع ضم قيادات الحركة حينها لتفجير غير واضح المعالم استهدف ما يسمى بالمبنى صفر لدى الحركة بالقرب من بلدة رام حمدان في ريف ادلب الشمالي نتج عنه مقتل العشرات معظمهم من قياديي الصف الأول على رأسهم أبو عبد الله الحموي امير حركة احرار الشام ومؤسسها , ومعظم من مات في تلك الحادثة وكما ظهر بالصور كان قد مات اختناقا دون اثار دماء الامر الذي فسّره الكثيرين حينها هو استنشاقهم لغاز سام اثناء اجتماعهم داخل بناء تحت الأرض .
سبق عملية تصفية قيادات حركة احرار الشام اغتيال عدد من الرموز الجهادية بها كان ابرزهم ” أبو خالد السوري ” المرجع الأساسي لحركة احرار الشام سابقا واحد اهم اعلام ” الجهاد الإسلامي ” منذ ما يقارب الأربعين عام , حيث لقى حتفه في تفجير استهدف مقر للحركة في حي الهلك بمدينة حلب واتهمت الحركة حينها تنظيم ” الدولة الإسلامية ” بالوقوف وراء العملية
بعد ان تمت تصفية معظم قيادات حركة احرار الشام الإسلامية بدأت الخطة الجديدة لبناء حركة احرار الشام المعتدلة والتي يعلو فيها الصوت السياسي عن صوت الرصاص والتشدد , حيث فتحت الصحف العالمية وبضغط من الجمهورية التركية أبوابها لقيادات من الحركة محاولة الترويج لها إعلاميا واظهارها كفصيل معتدل لاقى ظلم بالتعامل من قبل إدارة الرئيس الأمريكي أوباما على حد وصف السيد لبيب النحّاس مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة الامر الذي وصل بالسفير الأمريكي السابق في سوريا ” روبرت فورد ” بمطالبة بلاده قبل أيام بشكل صريح وواضح بالتعاون مع حركة احرار الشام وتقديم الدعم لها باعتبارها من اقوى القوى المحاربة للنظام على حد قوله

وبدأت الحركة سلسلة من الإصلاحات ومحاربة الفاسدين في صفوفها او كما وصفه البعض محاربة ” المتشددين في صفوفها وعزلهم مستبدلة إياهم بقيادات جديدة منفتحة على التعاطي مع الدول صاحبة القرار بالشأن السوري وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانية وتركيا والسعودية حيث جرت عدة لقاءات ضمت قيادات رفيعة المستوى في حركة احرار الشام مع ممثلين عن دول غربية وعربية داخل تركيا وخارجها للوصول الى طريقة عمل جديدة تجعل لحركة احرار الشام الدور الأبرز في حكم المنطقة الامنة التي تسعى تركيا لإنشائها في الشمال السوري , وتدفع بالحركة لتوجيه قوتها في محاربة تنظيم الدولة في شمال سوريا , وبحسب مصدر مقرب من احرار الشام ان قرار الحركة قبل أيام بعزل محمد الشحود ” أبو البراء معرشمارين ” رئيس القوة المركزية في حركة احرار الشام والناجي الوحيد من عملية تصفية القيادات قبل عام جاء ضمن سلسلة التحوّلات الجديدة التي تشهدها الحركة مؤخرا , الا انه لا زال هناك بعض الأصوات المتشددة التي تميل الى توطيد العلاقات مع تنظيم القاعدة والحفاظ على العمل المشترك مع جبهة النصرة كتلك التي وجهت بيان تعزية قبل أيام الى حركة طالبان بوفاة اميرها ” الملا عمر ” الامر الذي اعتبره البعض تصرّف احمق لم يتم بموافقة الجميع من قيادات الحركة الا انه كان ضروري للحفاظ على تماسك عناصر الحركة وعدم نفورهم منها بعد علاقاتها الأخيرة مع الحكومة الأمريكية .
وعن نشاط الحركة الداخلي في سوريا وتحديدا في محافظة ادلب ذكر المصدر ( ر . م ) المقيم في ادلب حاليا والذي طلب عدم الكشف عن اسمه ذكر بأن حركة احرار الشام مرت بفترات ازدهار وضعف خلال السنوات الماضية الا ان الفترة الحالية وحسب وجهة نظره تعد مرحلة صعود لحركة احرار الشام التي تتوسع بشكل كبير بالشمال السوري وتحاول احتكار مفاصل إدارة الحكم في المحافظة شبه المحررة بالكامل , فلم يعد يقتصر عمل الحركة على المجال العسكري بل اخذت بالتدخل بالأعمال المدنية ووضع يدها على القضاء والتعليم والاقتصاد والإغاثة والجوانب الحياتية الأخرى محاولة التفرد بالسلطة ومحاربة بشكل غير علني أي نشاطات أخرى تجري خارج دائرة سيطرتها , الامر الذي دفع سكان مدينة ادلب وبعض مناطق ريفها للخروج بمظاهرات متفرقة وصغيرة ضد تسلّط عناصر الحركة والاعتقالات العشوائية التي ينفذونها بحجة ” خلايا نائمة لتنظيم الدولة ” والتي يبنى معظمها على عداوات ومصالح شخصية , والتهاون بحقوق المواطنين بدلا من تأمين الحياة الامنة لهم في ظل ما تعيشه المحافظة من قصف يومي وفوضى منذ تحرير ادلب المدينة من سيطرة النظام .
وبذلك يبدو جليّا للمتابع للشأن السوري ان مسير الاحداث في سوريا قابل للتحول ضمن رؤى الدول الداعمة او المهتمة بالملف السوري , وانه من المعقول ان يتم تحويل تنظيم الدولة الذي يحاربه التحالف الدولي حاليا الى فصيل معتدل مستقبلا يشارك في حكم سوريا ضمن صياغة تتفق عليها جميع الأطراف

بقلم : سامر الاسود

335

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى