داريا .. مقبرة المهاجمين و حاضنة البراميل
كثّفت قوات النظام من حملتها العنيفة على درايا مؤخراً , والتي دخلت عاملها الثالث , في ظل الحصار الخانق التي تعيشه المدينة، حيث شهدت الأيام الماضية تصعيداً لافتاً من حيث الكم الهائل من البراميل التي يتم القائها على المدينة التي باتت ركاماً.
مدينة داريا في الغوطة الغربية , تصدت لمئات المحاولات من قبل قوات النظام الساعية للسيطرة عليها ، التي استخدمت كافة أنواع الأسلحة بما فيها الكيماوي والنابلم الحارق , وشهدت المدينة , في الأسبوعين الاخيرين , تصعيداً عسكريا نوعياً على كافة أطرافها , من قصف بالطيران المروحي والحربي , مرافقاً لقصف روسي , و متزامناً مع اشتباكات دائرة على أربع محاور, لتضييق الحصار على الثوار، في مساعي للوصول لأحد الحلين ، إما احتلالها أو فرض المصالحة وفق شروطه.
وتقصف داريا يومياً بمعدل 45 – 48 برميلاً , و4 صواريخ أرض أرض , ومن نوع الفيل , إضافة لـ 100قذيفة مدفعية ، و علق احدهم على كثافة القصف على داريا “داريا عدّ البراميل و إنسى””.
شهدت الجبهة الغربية , اليوم , كما العادة محاولة جديدة ، من قبل قوات النظام لاقتحامها حيث تصدى لها الثوار وقتل قائد مجموعة الاقتحام في قوات النظام , تزامن ذلك مع قصف المدينة بـ 20 برميل و 7 صواريخ أرض أرض وأكثر من 100 قذيفة مدفعية وإسطوانة متفجرة .
التصعيد الأخير ، جاء كرد فعل على معركة “لهيب داريا” ، التي كلفت قوات النظام المدعمة بعناصر الحرس الثوري الايراني , و ميليشيا حزب الله اللبناني , خسائر فادحة بالقتلى و خسارة مناطق جديدة في محيط المدينة العصية .
و لجأت قوات النظام في الآونة الاخيرة , لاتباع سياسة الضغط على المدنيين الذين يشكلون “الحاضنة الشعبية” للثوار في المدينة , فقام النظام باعتقال المدنيين على الحواجز او عن طريق المداهمات والزج بهم على الجبهات الساخنة، إضافة للقصف الجنوني على من تبقى في المدينة.
ساهم في صمود داريا , موقعها الاستراتيجي , وادارة مواردها الشحيحية بشكل منظم , أضافة للأقبية الموجودة تحت كل بناء ، مما ساعد الثوار للجوء لها في حال تكثيف القصف الجوي , لتصبح الحياة فيها على سطح الأرض معدومة , و ينتقل مجرى الحياة الى الأقبية تحت الأرض , بعد تحول المدينة إلى كتلة من الركام.
داريا ، الولّادة للمبادرات ، خرّجت قوات خاصة في بداية الشهر الماضي و أطلقت عليها اسم “نخبة الخير” ، المدربة بشكل عالي المستوى على مختلف أنواع المعارك و الحروب , و القدرة على التعامل مع حروب الأنفاق و الكمائن , لتشارك في المعارك ضد النظام بعد فتح الأخير محاور من كافة جهات المدينة , مما أسهم بشكل كبير بصمود الثوار ورفع عزائمهم , من خلال اتباع استراتيجية جديدة في القتال , ناهيك عن الأنفاق التي أسهمت في تعزيز الثوار بالأسلحة .
و بالرغم من التغطية الجوية المكثفة للنظام , الا أنه لم يتمكن ان يحرز نصراً على الأرض في المدينة , ولو بضع أمتار , بسبب المعنويات المحطمة للجنود , الذين يجهلون من يواجهم , حتى تحول الثوار لشبحٍ جاثمٍ على صدورهم , و قد أكد أحد الجنود المنشقين عن النظام انه حاول دفع مبلغ كبير لكي لا يلتحق بجبهات داريا , لأنه على ثقة تامة أن مصيره إما قتيلاً أو جريحاً , على غرار رفاقه .