الشأن السوري

“من قاسيون أطل يا وطني”

قاسيون

متى يعود لأهله ؟

يطل جبل قاسيون على العاصمة السورية دمشق من الجهة الشمالية والشمالية الغربية بارتفاع يبلغ 1150 مترا عن سطح البحر , وهو امتداد لسلاسل الجبال الغربية  من العاصمة .

يقال أن سبب هذه التسمية يعود لطبيعته القاسية حيث قسا فلم تعد تنبت عليه الأشجار .

تقع بعض أحياء العاصمة على سفح الجبل مثل حي المهاجرين وركن الدين وأبو رمانة وغيرهم كما يوجد على رأسه محطة تقوية للإذاعة والتلفزيون . ويحوي في سفحه من الجهة الجنوبية الغربية نصب الجندي المجهول .

لطالما كان قاسيون مقصدا لأهالي دمشق للتنزه والترفيه وخاصة بفصل الصيف حيث يحوي أماكن ترفيهية ومطاعم كما يتميز بارتفاعه الذي يتيح للمرء أن يشاهد العاصمة بشكل كامل بالإضافة لطقسه المعتدل صيفا , كما أنه يحوي عددا من المعالم الأثرية من أشهرها مغارة الدم أو ما يعرف بين الناس مقام الأربعين كما يضم الجبل قبتين تاريخيتين وهما , قبة السيار وقبة النصر المدمرة الآن .

لطالما تغنى به الشعراء وأنشدوا له القصائد حيث قيل فيه :

من قاسيون أطل يا وطني                وأرى دمشق تعانق السحبا

بدأت الثورة السورية منتصف العام 2011 وتنقلت بمراحلها من السلمية إلى المسلحة والناس لاتزال تعتبر قاسيون الأب الحنون لأهل العاصمة تقصده مساء لتريح نفسها من هموم الدنيا ومشاغلها وتم جبل قاسيون على ذلك إلى ما بعد أحداث دمشق من تفجير مكتب الأمن القومي وانتشار الجيش الحر بأحياء دمشق .

هما بدأ النظام وكعادته باستخدام الأماكن المرتفعة لقصف الأماكن المرتفعة وكانت هذه المرة من نصيب قاسيون .

بين ليلة وضحاها رأى أهالي دمشق المدافع منصوبة على سفح الجبل وفجأة بدأ النظام بقصف مناطق العاصمة المحررة بالمدفعية المتمركزة فوق قاسيون  .

أذكر أول يوم وتحديدا مع بداية شهر 8 من عام 2012 وقد استيقظنا صباحا على أصوات عنيفة لنصعد لأعلى ونرى المدافع المتمركزة فوق قاسيون تقصف مختلف أنحاء العاصمة الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر مخلفة دمارا هائلا وحرائق ودخانا كثيفا يملأ سماء العاصمة .

فجأة تحول قاسيون من متنزه وأماكن للترفيه والترويح عن النفس فضلا عن ليالي الصيف التي لا تنسى فوقه ومنظر العاصمة المضاء ليلا تحول لظلام دامس .

منذ بدأت قوات النظام بتحويل الجبل إلى ثكنة عسكرية قامت بإغلاقه نهائيا وإغلاق المطاعم والمنتزهات التي كانت منتشرة فوقه , وبدل أن نرى العبارات التي تزين الجبل أثناء الأعياد الرسمية أصبحنا نرى الغبار المتصاعد خلف المدافع من جراء القصف العشوائي على منازل المدنيين .

بدل أن نرى الألعاب النارية تزين الجبل ليلا بالمناسبات الرسمية صرنا نرى لهبا قويا يتبعه بعد لحظات صوت أقوى منه وهو لقذيفة تخرج من قاسيون لتستقر بأحد منازل أهل العاصمة من جوبر وعلى الغوطة الشرقية بأكملها التي أصبح قاسيون كابوسا لها بعد أن كان متنزها لأطفالها , وقذائف أخرى تخرج منه إلى أحياء العاصمة الجنوبية مخلفة دمارا وشهداء من ابناء قاسيون .

حول النظام خلال الثورة قاسيون من رمز للسوريين إلى رمز لقصفهم ’ ومن مرتع لنزهاتهم إلى كابوس يقض مضاجع الدمشقيين عامة وأهل مناطقها المحررة خاصة .

فمتى يعود قاسيون لأهله , ومتى يرجع كما كان مقصدا للدمشقيين ومرتعا لأهله لا ثكنة للمجرمين ولا مكانا لقصف أهله الذي طالما تغنوا به وبجماله .

10708092_354276124748552_633826466_n

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى