حورات خاصة

احتجاجات في المغرب ومطالبة بحقوق المعلمين المتعاقدين تقابل بعنف مفرط.. ما قصتها وهل ستحول لثورة

خرجت احتجاجات في المغرب مؤخراً أخذت طابعاً مختلفاً عن تلك التي اجتاحت معظم البلدان العربية، حيث كان شرارتها عدد من المعلمين الذي طالبوا بحقوق سُلبت منهم من خلال قرارات ووصفت بأنها غير “شرعية” تجاوزت حاجتها خلال مرحلة معيّنة بالبلاد لتصبح “ظلماً” على مئات الأساتذة، إلا أن ما لفت بتلك الاحتجاجات هو ضخامتها وتنسيقها الحضاري مقابل مواجهتها بعنف من قبل السُلطات.

وللوقوف على طبيعة هذه الاحتجاجات في المغرب ومطالب الأساتذة الذين أطلقوا وسماً على مواقع التواصل الاجتماعي وصل لقائمة الأكثر تداولاً وهو “احموا الأساتذة المتعاقدين بالمغرب”، التقت وكالة ستيب عضواً من تنسيقة الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، وحقوقي من هيئة الدار البيضاء في المغرب.

 

احتجاجات في المغرب يقودها المعلمون

بدأت قصّة المعلمين وخلافهم مع الحكومة المغربية منذ عام 2016، حين فتحت وزارة التعليم الأبواب لتوظيف الأكاديميين بعقود مدتها سنتين، وكانت خطوة مفاجئة وغير مدروسة تلاها تراكم للمشاكل بين المتعاقدين والدولة.

تقول فاطمة الزهراء، عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين، خلال حديث لـ”وكالة سيب الإخبارية”: “بعد اشتغال المتعاقدين بالعقود مع الأكاديميات تفاجأ الأساتذة بعدم احترام هذه الأكاديميات لبنود العقد، وآخرها كان فسخ عقود أستاذين بسبب تقرير المفتش، وهو ما يتنافى مع العقد والذي ينص على أننا -الأساتذة المتعاقدين- نعتبر في فترة تدريب ميداني وبالتالي فتقرير المفتش هو جزء من هذا التدريب ولا ينبغي أن ينبني عليه قرار الطرد أو فسخ العقد”.

وتضيف: “بسبب هذه الخروقات في العقد أدرك الأساتذة أن الأكاديميات مؤسسات غير منظمة وليست مؤهلة للتوظيف فهي تحتاج لبرنامج إصلاح وهيكلة قبل أن توكل لها مهمة التوظيف”.

وعلى إثر ذلك خرج الأساتذة للاحتجاج في الرباط يوم 6 مايو 2018 مطالبين بالاندماج في أسلاك الوظيفة العمومية مع الوزارة بدلاً من العقد المؤقت، عقبتها مسيرة في مراكش يوم 27 يونيو، ثم مبيت ليلي أمام وزارة التعليم في الرباط يومي 29 و30 أغسطس، لكن الوزارة استمرت في تجاهل مطالب الأساتذة، وفي عام 2019 دعت التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين إلى إضراب استمر شهراً.

وتوضح الأستاذة “فاطمة” أن الوزارة ردّت بإصدار نظام موظفي الأكاديميات وإدماج الأساتذة في هذا النظام على الرغم من حديثهم سابقاً عن رفضهم التوظيف مع الأكاديميات كما عبّروا عن رفضهم لنظام موظفي الأكاديميات الذي يحرمهم من عدة حقوق يتمتع بها موظفي الوزارة ومنها (الحركة الوطنية والتقاعد والولوج لمراكز التفتيش والتخطيط والتوجيه والإدارة التربوية) وغيرها.

 

الاحتجاجات في المغرب لن تتحول إلى ثورة

وتؤكد خلال حديثها بأن الاحتجاجات لقيت تضامناً واسعاً من جميع مكونات الشعب المغربي ولو أن هذا التضامن يبقى حبيس مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك لا تعتقد الأستاذة أنها قد تتطور لثورة، لكنها تؤكد بأن الأساتذة لا تدفعهم أي جهة وليست لديهم أي انتماءات أو مصالح شخصية، ومطلبهم واضح وهو الاندماج في سلك الوظيفة العمومية في نظام موظفي الوزارة فقط.

وتشير إلى أن نهج الحكومة لسياسة العنف لا يمكن تفسيره إلا بكونه اعتراف صريح منها بعدم رغبتها أو قدرتها على حل هذا الملف، ويمكن اعتباره استفزازاً للأساتذة والدفع بهم نحو التصعيد.

وتقول: “هذا ما تسعى إليه الحكومة لأسباب مجهولة وأخرى تتعلق بإيجاد شماعة تعلق عليها فشلها في تدبير التعليم العمومي في ظل الجائحة وتنفير أكبر عدد من الأسر منها نحو التعليم الخصوصي”.

أما فيما يخص توثيق العنف في الاحتجاجات في المغرب والمتابعة القضائية فتبيّن بأنه قد ساعد بذلك الرأي العام والفيديوهات التي تثبت العنف المفرط الذي استعملته السُلطات لتفريق الاحتجاجات في المغرب، ويبقى للنيابة العامة الصلاحيات لمتابعة المعنيين أو التستر عليهم.

 

شاهد: مجاعات المغرب.. عندما باع المغاربة أطفالهم ونبشوا القبور ثم ظنوا أن الساعة قامت!!

ما قانونية الاحتجاجات في المغرب؟

وبالحديث عن النظرة القانونية لما جرى ضمن الاحتجاجات في المغرب، ومشروعية قرار التعاقد، وأحقيّة المعلمين ضمن القانون المغربي بمطالبهم، وحول ما يجري من عنف تجاههم، فتحدث لـ”وكالة ستيب الإخبارية”، المحامي في هيئة الدار البيضاء، الخاميس بن بوعبيد فاضيلي.

ويقول “فاضيلي”: “فرضت الحكومة المغربية التعاقد بوقت كان عليها ديون لصندوق النقد الدولي، بحدود عام 2016 حين كانت تحتاج لسداد هذه الديون، وفي تلك الفترة كان جيل الشباب بحاجة للعمل فاضطروا للقبول بالتعاقد، دون البحث عن آثار ونتائج هذه العملية”.

ويوضح بأن الأزمة كانت أعمق بكثير خصوصاً خلال عامي 2004 و2005 حيث خرج العديد من الموظفين من وظائفهم مما سبب فجوة بالأعداد البشرية للموظفين خصوصاً في سلك التعليم.

ويتابع: “الدولة المغربية حين حاولت إيجاد حلول مترابطة من خلال نظام التعاقد، تبيّن لاحقاً بعد 5 سنوات من تطبيقه بأنه لا يضمن أبسط الحقوق بالنسبة للموظفين، وخلق هذا النظام ازدواجية بالتعلم بين الموظفين الرسميين والمتعاقدين، ولم يتمكن من تأطيره في عدالة توظيفة”.

ويؤكد المحامي المغربي أن نظام التعاقد لا يزال غير دستوري حيث أنه صادر من وزارة التعليم ولم يصدر على شكل قانون من السُلطة التشريعية، وانطلقت الاحتجاجات لإثارة الرأي العام حول هذه القضية، بعد أن شعر المتعاقدين بالمظلومية حيث يعملون مع المعلمين الرسميين بنفس المكان ونفس المنهاج ونفس المدارس لكنهم يختلفون بالحقوق.

 

العنف مرفوض والمطالب لن تتوسع

ويشير “فاضيلي” إلى أن العنف الذي قوبلت به الاحتجاجات في المغرب مرفوض قانونياً ودستورياً، ورغم ذلك المعلمين لم يرفعوا أي قضايا ضد المُعنِّفين حتى لا تخرج الاحتجاجات عن طابعها ومطالبها القانونية.

أما عن محاولة أخذ قوائم بأسماء المعلمين المتعاقدين الذين شاركوا بالاحتجاجات والإضراب فاعتبره أمراً مرفوضاً وهو نوع من العقاب التعسفي الغير مقبول، ولفت بذات الوق إلى أنه لا يوجد بوادر للاستجابة لهذه الاحتجاجات، ويبدو أن الجهات المسؤولة تحاول التهرب وفرض الأمر الواقع، وربما يتم تلبية أجزاء من الملف المطلبي.

اقرأ أيضاً: المغرب.. منظمة حقوقية نسائية تتحدث عن قضية “التحرش بمعلمة” خلال الاحتجاجات الأخيرة وتؤكد متابعتها

ولا يزال المعلمين المتعاقدين في المغرب يعانون من تجاهل السُلطات من جهة وبعض العنف الذي يقابلهم باحتجاجاتهم السلمية من جهة أخرى، ورغم ذلك يواصلون نشاطهم من خلال التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين ويصرّون على ملاحقة حقوقهم مؤمنين بمبدأ “لن يضيع حق وراءه مطالب”، ويؤكدن من خلال هتافاتهم وبيانتاهم المشتركة بأن المعلم كان ولا يزال “باني الأجيال” ويستحق أن يعامل بعدل واحترام ولا تهدر أبسط حقوقه وهي الاعتراف به موظفاً رسمياً بالدولة.

احتجاجات في المغرب ومطالبة بحقوق المعلمين المتعاقدين تقابل بعنف مفرط.. ما قصتها وهل ستحول لثورة
احتجاجات في المغرب ومطالبة بحقوق المعلمين المتعاقدين تقابل بعنف مفرط.. ما قصتها وهل ستحول لثورة

حوار: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى