أخبار العالمأخبار العالم العربي

“صراع السدود” يحتدم بين تركيا وإيران…والعراق الخاسر الأكبر بحرب الماء

تصاعد الصراع على زيادة حصص المياه بين إيران وتركيا بعد عزم الأخيرة بناء السدود على نهر “أرس” المشترك بين البلدين، بالتزامن مع بنائها السدود على دجلة والفرات، ما قد يرمي بظلاله أيضا على سوريا والعراق، لتتفاقم قضية السدود إلى مستويات غير مسبوقة.

صراع السدود بين تركيا وإيران

وأعربت إيران، اليوم الثلاثاء، عن رفضها للإجراءات التركية، والتي قد تؤثر على حصة إيران من المياه الآتية من تركيا حيث لوح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، بمقاضاة تركيا أمام المحاكم الدولية، على خلفية بناء السدود على المياه الحدودية والتأثير على حصة بلاده من المياه.

وقال عبداللهيان إنه لا يمكن القبول بإجراءات تركيا في بناء السدود على المياه الحدودية، محملاً أنقرة المسؤولية عن إثارة مشاكل للشعب الإيراني وشعوب المنطقة.

وأضاف: “لو كانت تركيا عضواً في معاهدة نيويورك 1997 لكان بإمكاننا المضي بهذه القضية عن طريقها، إلا أننا اليوم نتابع القضية عن طريق اللجنة الحدودية المشتركة وكذلك في إطار العلاقات الدبلوماسية”، بحسب وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية.

وأكد أنه: “ليس من المقبول لإيران أن تقوم تركيا بإجراءات في مجال بناء السدود تكون نتيجتها مشاكل للشعب الإيراني وشعوب المنطقة، ونعلن بصوت عال معارضتنا لهذه الإجراءات”.

وبالتزامن مع قيام إيران ببناء سدود على الأنهار الرابطة بينها وبين العراق وإعلان الأخيرة رفضها للإجراءات الأحادية الإيرانية التي قللت من حصة العراق من المياه، جاء القرار التركي ببناء سدود على الأنهار الرابطة بينها وبين إيران لتزداد مسألة السدود تعقيداً وتلقي بآثارها على العراق أكثر من الطرفين المتصارعين على المياه.

وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق ثنائي بين إيران وتركيا بشأن الأنهار الحدودية، إلا أن وزيرا خارجية البلدين تشاورا خلال الأشهر الماضية حول مستقبل حصة إيران من مياه نهر أرس، لكن الجانب التركي لم يخطر نظيره الإيراني بما جرى من إجراءات حول بناء السد المزمع إقامته على نهر أرس.

وطلبت إيران من تركيا المشاركة في لجنة ثنائية من خبراء المياه من البلدين لقياس الآثار الضارة من بناء السد التركي، مع إمكانية مناقشة تلافي تلك الأثار السلبية على إيران، إلا أن المناقشات لم تسفر إلا عن تشكيل لجنة من خبراء إيرانيين زارت موقع السد التركي، فيما من المتوقع أن تزور لجنة تركية إيران لوضع الأمر على مائدة المناقشات بين البلدين.

ووفق أحدث تقرير رسمي لشركة إدارة الموارد المائية الإيرانية، فإن احتياطي مياه السدود في البلاد بات أقل من 40%، بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2021.

اقرأ أيضاً : بعد انقطاعها من تركيا.. أزمة مياه في الفرات ومخاوف من موسم جفاف

العراق ضحية الصراع على المياه

وفي ظل ذلك الشد والجذب بين تركيا وإيران من جهة نهر أرس، إلا أن سدودًا بنتها إيران على روافد نهر دجلة جددت مخاوف العراق على حصتها المائية من تلك الروافد، في ظل تعنت الجانب الإيراني بشأن بناء تلك السدود، مع عدم الأخذ في الاعتبار الحق العراقي في مياه نهر دجلة وروافده.

إضافة إلى السدود التي تبنيها تركيا على نهري دجلة والفرات والتي تؤثر على العراق وسوريا أيضاً، حيث تعتبر تركيا النهرين من الأنهار الوطنية وليس الدولية بسبب وجود المنابع داخل حدودها.

وتعود الأزمة الأولى إلى الفترة التي عقبت انهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، حيث تحول كل من نهري دجلة والفرات من نهرين داخليين إلى نهرين دوليين يخضعان لسلطة ثلاث دول، حيث اختصت تركيا بالمنبع والمجرى الأعلى للفرات ودجلة، وسوريا بالمجرى الأوسط للفرات، والعراق بنهر دجلة والمجرى الأدنى للفرات، إلا أن تركيا في الواقع ترفض هذا التقسيم وتعتبر هذان النهران ملكاً وطنياً.

وكان تقاسم مياه الفرات موضع سوء تفاهم بين العواصم الثلاث، وقد أجادت تركيا دولة المنبع، استخدام هذه الورقة كسلاح جيوسياسي في التعامل ليس فقط مع سوريا والعراق، بل مع دول عربية أخرى أيضاً.

وزاد وجود هذه الأطراف الثلاثة قضية الفرات تعقيداً، وأصبح من الضروري وضع مجموعة قواعد وأحكام واتفاقيات تنظم استعمالات المياه بين الدول الثلاثة، العراق وسوريا وتركيا.

ولهذا نصت المادة 109 من معاهدة لوزان 1923 على ضرورة تشكيل لجنة مشتركة بين تركيا وسوريا (تحت السلطة الفرنسية) والعراق (تحت السلطة البريطانية) بهدف حل النزاعات المحتملة التي يمكن أن تثيرها المشاريع الهيدروليكية لهذه الدول.

بالتالي، تجد تركيا نفسها في هذه المادة ملزمة بإبلاغ العراق بمخطط أي بنية تحتية جديدة لمشروعات تنوي القيام بها على طول الأنهار، مشيرة مرة أخرى إلى الوضع الدقيق في مصب النهر.

في المقابل، أدى إنشاء السدود التركية وتوليد الطاقة الكهرمائيّة على النهرين إلى خفض تدفق المياه إلى العراق بنسبة 80 في المئة وإلى سوريا بنسبة 40 في المئة، واتهمت كل من سوريا والعراق تركيا بتخزين المياه وتهديد إمداداتها من المياه.

فقد تضمن مشروع Gap ثمانية سدود على نهر دجلة، وفي عام 2006 وُضع حجر الأساس لأكبر مشروع في تركيا وثالث أكبر مشروع من نوعه في العالم، وهو سد “إليسو” الأكبر على الإطلاق في حجم تهديده لمستقبل العراق.

وفي الأول من يونيو/ حزيران 2018 أعلنت تركيا عن بدء عملية ملء خزان السد ومنذ ذلك الحين، بدأت المخاوف تتحول إلى واقع وكارثة بدأت تتكشف ملامحها في مختلف أنحاء العراق من الشمال إلى الجنوب.

والعام الفائت قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان: “تركيا كانت تملك 276 سداً حتى عام 2002 وإن إجمالي عدد السدود ارتفع إلى 585 في غضون السنوات الـ 18 الماضية (منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في البلاد)”، مضيفاً “سنفتح 17 سداً إضافياً أيضاً، يفصل بين افتتاح كل منهم شهر أو أقل من ذلك”.

ويذكر أنه منذ بداية العام الحالي خرجت تقارير وإحصاءات عدة تنذر بأن السدود التركية ستؤدي إلى خفض المياه الواردة إلى العراق عبر نهر دجلة إلى 47 في المئة من الإيراد السنوي الطبيعي، الأمر الذي سيهدد مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إضافة إلى تصحرها، ويجده الكثير من المختصون تهديداً للأمن القومي العراقي.

"صراع السدود" يحتدم بين تركيا وإيران...والعراق الخاسر الأكبر بحرب الماء
“صراع السدود” يحتدم بين تركيا وإيران…والعراق الخاسر الأكبر بحرب الماء

اقرأ أيضاً : خاص|| مشاهد لانخفاض سد الفرات وتحذيرات من كارثة بعد تجاوزات تركية على مياه النهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى