اخبار العالم العربي

دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟

بينما لا تزال الأطراف المعنية بغرق سفينة المهاجرين قرب سواحل اليونان تتنصل من المسؤولية وتتبادل الاتهامات، يبرز السؤال الأهم الذي يسأل عن الجاني المسؤول عن الكارثة المروعة التي راح ضحيتها أكثر من 500 شخص؟.

– تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين

عاد أخطر طريق للهجرة إلى دائرة الضوء من جديد، ولكن هذه المرة على أشلاء أكثر من 500 شخص فقدوا حياتهم عندما غرق قارب مزدحم بالمهاجرين الحالمين بـ”جنة” أوروبا.

فالقارب المخصص للصيد انقلب وغرق في وقت مبكر من صباح الأربعاء 14 يونيو/حزيران 2023، على بعد نحو 50 ميلاً (80 كيلومتراً) من بلدة بيلوس الساحلية بجنوب اليونان، وكان يحمل على متنه ما بين 400 و750 شخصاً مكدسين على متن قارب الصيد الذي يتراوح طوله بين 20 و30 متراً.

وتمكنت السلطات اليونانية من إخراج 104 ناجين وجثث 78 غريقاً إلى الشاطئ في أعقاب الكارثة مباشرة، لكنها لم تعثر على أي شخص آخر منذ ذلك الحين، مع انتهاء عمليات البحث والإنقاذ المكثفة بعد أن تضاءلت الآمال في العثور على ناجين آخرين.

دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟
دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟

ماذا حدث في غرق سفينة المهاجرين

أثار الحادثة اهتمام وسائل الإعلام العالمي، حيث رصد موقع “Middle east Eye” البريطاني، المزاعم والردود المتبادلة بشأن حادثة غرق سفينة الصيد قبالة اليونان، وذلك بعد 3 أيام من غرق سفينة الصيد الصدئة وعلى متنها “مئات” من الأشخاص قبالة الساحل اليوناني في أعمق جزء من البحر المتوسط، حيث ظهرت أسئلة أكثر من الإجابات حول كيفية وقوع الكارثة.

ويوم الجمعة الماضية، دَعَت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق عاجل في الحادث، مع مخاوف بشأن مصير مئات المفقودين، من بينهم 100 طفل، كانوا على متن السفينة.

وبهذا الصدد، قال مسؤولون يونانيون: إنهم انتشلوا جثث 78 رجلاً وامرأة وطفلاً مباشرةً عقب غرق السفينة يوم الأربعاء 14 يونيو/حزيران، ومنذ ذلك الحين، لم يُعثَر على جثث.

وأُنقِذ نحو 104 ناجين- جميعهم من الرجال السوريين والمصريين والباكستانيين- بعد الحادث، على الرغم من أنَّ ما يصل إلى 500 شخص آخرين لا يزالون في عداد المفقودين ويُخشَى وفاتهم.

لكن مع اختتام المسؤولين اليونانيين لعملية البحث، يتساءل كثيرون عمّا إذا كان خفر السواحل اليوناني وشركاؤه الأوروبيون كان بإمكانهم فعل المزيد لإنقاذ الأشخاص على متن السفينة.

من أين جاء القارب الغارق؟

في 9 يونيو/حزيران، أبحر قارب من شرق ليبيا على متنه نحو 750 شخصاً، على أمل الوصول إلى أوروبا، وتعتقد السلطات اليونانية والمنظمات غير الحكومية أنَّ القارب كان متوجهاً إلى إيطاليا، حيث تطلّع من كانوا على متنه إلى طلب اللجوء هناك.

وترك العديد من الأشخاص على متن السفينة أوطانهم من أجل مستقبل أفضل والوصول إلى أقاربهم في أوروبا، رغم اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات تمنع وصول المهاجرين بل تمنع عمليات إنقاذهم، بحسب ما تكشف عنه الحوادث المتتالية.

ويوم الثلاثاء 13 يونيو/حزيران، رصدت طائرة مراقبة تابعة لوكالة الحدود الأوروبية وخفر السواحل “فرونتكس” سفينة الصيد المكتظة في الساعة الـ12.47 مساءً بالتوقيت المحلي (الـ9.47 صباحاً بتوقيت غرينتش)، وقالت إنها “أبلغت السلطات اليونانية”.

كما قالت السلطات اليونانية من جانبها: إنها راقبت تقدم القارب وهو يواصل طريقه إلى إيطاليا بعدما أبلغتها فرونتكس. 

ثم في مساء يوم الأربعاء 14 يونيو/حزيران، أي بعد 5 أيام من انطلاق سفينة الصيد، غرقت قبالة شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية، وهنا برز السؤال المحيرّ، كيف غرقت سفينة اللاجئين؟.

بينما لا تزال أسباب غرق السفينة غير واضحة، إلا أن المسؤولين اليونانيين والناجين والمنظمات غير الحكومية يقولون إنَّ “الاكتظاظ” كان عاملاً مساهماً.

ويعتقد الخبراء أنَّ سفينة الصيد ربما نفد وقودها أو واجهت مشكلات في المحرك، مما أدى إلى انقلابها إثر تحرك الناس.

وذكرت مبادرة Alarm Phone، التي تدير خطاً ساخناً لنجدة الأشخاص الذين يواجهون محنة في البحر، أنَّ أشخاصاً على متن سفينة الصيد اتصلوا يوم الثلاثاء 13 يونيو/حزيران، الساعة الـ3.20 مساءً بتوقيت غرينتش، وقالوا إنَّ السفينة لا تتحرك والقبطان قد فر على متن قارب صغير.

وبعد 14 دقيقة، أبلغت المبادرة أنَّ الأشخاص الذين كانوا على متنها اتصلوا مرة أخرى وقالوا إنَّ “القارب مكتظ ويتأرجح من جانب إلى آخر”، وهذا ما أكدته صور المراقبة التي التقطها خفر السواحل اليوناني وفرونتكس، وهو أنَّ السفينة كانت مكتظة.

ما الذي يقوله الناجون؟

وقال ناجون: إنَّ خفر السواحل اليوناني حاول ربط حبل بالسفينة لسحبها إلى بر الأمان، وفي وقت متأخر من يوم الخميس 15 يونيو/حزيران، أظهرت لقطات فيديو أحد الناجين وهو يخبر رئيس الوزراء اليوناني السابق أليكسيس تسيبراس، بأنَّ خفر السواحل ألقى بحبل إلى ركاب القارب. 

وأخبر الناجي، الذي تحدث بمساعدة مترجم، تسيبراس بأنَّ الأشخاص الموجودين على متن السفينة “لم يعرفوا كيف يسحبون الحبل [و] بدأت السفينة تميل يميناً ويساراً… وكان قارب خفر السواحل يتحرك بسرعة كبيرة، لكن السفينة كانت تميل بالفعل إلى اليسار، وهكذا غرقت”.

بدورها، قالت مبادرة “Alarm Phone”: إنَّ الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة الغارقة طلبوا المساعدة مرتين على الأقل، مضيفةً أنها أبلغت السلطات اليونانية ووكالات الإغاثة قبل ساعات من وقوع الكارثة.

فيما قال الناجون، الذين تحدثوا إلى الناشطة في مجال حقوق الإنسان نوال صوفي، إنَّ الأشخاص على متن السفينة كانوا يحاولون التقاط الإمدادات من السفن التجارية والسلطات اليونانية، وضمن ذلك زجاجات المياه، وهو ما قد يكون ساهم في تأرجح القارب من جانب إلى آخر، وبالتالي بث حالة من الذعر.

ما الذي يقوله خفر السواحل اليوناني؟

قالت السلطات اليونانية إنَّ السفينة رفضت جميع أشكال المساعدة حتى اللحظة الأخيرة قبل غرقها، كما أيّدت شركة Eastern Mediterranean Maritime Limited، التي تدير الناقلة Lucky Sailor Merchant التي ترفع علم مالطا، والتي ساعدت الأشخاص على متن القارب، أجزاءً من هذا الادعاء، وقالت إنَّ الأشخاص على متن السفينة كانوا “مترددين جداً” في تلقي المساعدة.

في حين نفت أثينا مزاعم الناجين بأنَّ القارب غرق لأنَّ خفر السواحل حاول ربط حبل بالسفينة وسحبه إلى الشاطئ، وقال متحدث باسم الحكومة اليونانية إنَّ خفر السواحل “استخدموا حبلاً لتثبيت أنفسهم حتى يقتربوا ويروا ما إذا كانوا يريدون أية مساعدة”، لكنه أصر على أنَّ خفر السواحل لم يحاول جر القارب أو ربط سفينة خفر السواحل به.

حيث، قال المتحدث باسم خفر السواحل اليوناني نيكوس أليكسيوي، الجمعة: إنَّ خفر السواحل والسفن الخاصة عرضت مراراً عبر الراديو ومكبرات الصوت المساعدة على سفينة الصيد، يوم الأربعاء 14 يونيو/حزيران، أثناء وجودها في المياه الدولية.

وأضاف أليكسيوي أنَّ أية محاولة لنقل سفينة الصيد المزدحمة أو المئات من “الأشخاص غير الراغبين” إلى السفن القريبة كانت ستُشكِّل خطراً.

وتابع أنه بعدما قبلت سفينة الصيد طعاماً من سفينة تجارية، رفض الركاب على متن القارب حبلاً يحمل مزيداً من الإمدادات من سفينة تجارية ثانية، لأنهم “اعتقدوا أنَّ العملية برمتها هي وسيلة لنقلهم إلى اليونان”.

وفي وقت سابق، قال خفر السواحل اليوناني إنَّ متحدثاً باللغة الإنجليزية على متن سفينة الصيد أصر على أنها “ليست في خطر” ولا تحتاج إلى أية مساعدة.

دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟
دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟

جماعات حقوق الإنسان لماذا تنتقد اليونان؟

قال وزير الداخلية الإيطالي، بيانتيدوزي، لقناة “سكاي تي.جي.24” التلفزيونية الإيطالية: إن “الحادثة وقعت ضمن منطقة البحث والإنقاذ اليونانية، في نطاق المسؤولية المحددة لهذا البلد”.

لكنه استدرك قائلاً: “لكن هذا لا يعني إلقاء اللوم على اليونان، بل إن الأمر يتعلق فقط بتحديد مناطق المسؤولية”.

وأستطرد بيانتيدوزي: “هذه مأساة كبرى تشجعنا أكثر على الطريق الذي سلكناه، نعتقد اعتقاداً راسخاً أن السبيل الأنسب لمعالجة ذلك هو وقف مهربي البشر”، في إشارة إلى عمليات انطلاق الهجرة غير الشرعية من شمال إفريقيا، مضيفاً: “لن نتمكن من فعل ذلك إلا بالتعاون معاً مع أوروبا والمجتمع الدولي”.

ففي مارس/آذار، شددت الحكومة الإيطالية اليمينية، التي تتبنى نهجاً متشدداً مع الهجرة غير المشروعة، عقوبات السجن لمهربي البشر بعد أن تسبب تحطم قارب مهاجرين قرب كالابريا جنوب البلاد في مقتل 94 على الأقل.

وفي الوقت نفسه، كانت تقارير إعلامية قد أشارت في البداية إلى أن قارب الصيد القديم قد غادر مصر، ثم أخذ ركاباً من مدينة طبرق الساحلية الليبية، في العاشر من يونيو/حزيران. 

وقال الناجون الذين تحدثوا إلى السلطات اليونانية، إن كلاً منهم دفع 4500 دولار للسفر إلى إيطاليا، ولا تزال ظروف غرق القارب بينما كان خفر السواحل اليوناني يتابعه عن كثب، غير واضحة.

إلا أن الخارجية المصرية أصدرت بياناً نفت فيه أن يكون القارب قد غادر من مصر، قائلة إنه غادر من السواحل الليبية.

وتقول السلطات اليونانية، التي راقبت القارب على مدى 15 ساعة قبل غرقه بعدما تلقت تنبيهاً من روما بشأنه في اليوم السابق، إن ركابه رفضوا مراراً المساعدة، قائلين إنهم يريدون الذهاب إلى إيطاليا.

لكن وعلى الرغم من التأكيدات اليونانية، انتقدت وكالات الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية خفر السواحل اليوناني، وقالت: إنه كان يجب أن يتحرك في وقت أبكر لإنقاذ الأشخاص على متن القارب.

وقال فينسينت كوشيتيل، المبعوث الخاص للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لوسط وغرب البحر المتوسط، إنَّ حجة اليونان بشأن عدم التدخل “غير مقنعة”.

بدورها، ذكرت مبادرة Alarm Phone أنَّ الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة اتصلوا بخفر السواحل اليوناني قبل ساعات من غرق السفينة وقالوا إنهم “لن ينجوا تلك الليلة”.

كما انتقد خبراء قانونيون خفر السواحل اليوناني، قائلين إنَّ القانون البحري يستلزم من السلطات اليونانية محاولة الإنقاذ إذا كان القارب غير آمن، بغض النظر عمّا إذا كان الركاب قد طلبوا ذلك.

دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟
دول تتنصل.. تفاصيل حول غرق سفينة المهاجرين تثير الجدل فمن الجاني؟

اقرأ أيضاً:

كان يبحث عنه بين الأموات.. لقاء “عاطفي” لشاب سوري نجا من “كارثة” قارب اليونان (فيديو) 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى