تشهد منطقة حارم بريف إدلب الشمالي حالة من التوتر المتصاعد، بعد اندلاع اشتباكات عنيفة فجر اليوم الأربعاء، بين قوى الأمن العام السوري ومجموعات مسلحة أجنبية متحصّنة داخل مخيم الفردان، الذي يضم مقاتلين من الجنسية فرنسية.
وبحسب مصادر ميدانية تحدثت لوكالة ستيب نيوز، فقد عُقدت مساء اليوم جلسة تفاوضية موسّعة بين ممثلين عن الفصائل الأجنبية في المخيم، وبين وفد من جهاز الأمن العام السوري، لبحث آلية إنهاء الاشتباكات واحتواء الموقف.
وشارك في الاجتماع كلٌّ من أمير الحزب الإسلامي التركستاني، وأمير كتيبة الغرباء، وأمير كتيبة التوحيد والجهاد (الأوزبك)، وأمير جيش المهاجرين والأنصار (القوقاز)، وسط أجواء مشحونة يسودها الحذر والترقب.
ووفق المعلومات المتقاطعة، تم التوافق على وقف إطلاق النار مؤقتاً إلى حين التوصل لاتفاق نهائي، فيما تستمر المفاوضات حول مطلب الأمن العام بتسليم عدد من الشخصيات الجهادية البارزة، التي تتحصن داخل المخيم وتُتهم بالضلوع في جرائم خطف وابتزاز بحق مدنيين.
تعزيزات عسكرية وتحليق مسيّرات
تزامناً مع المفاوضات، دفعت قوى الأمن الداخلي والجيش السوري بتعزيزات جديدة إلى محيط المخيم، ترافقت مع تحليق طائرات استطلاع مسيّرة فوق المنطقة لجمع المعلومات ومراقبة تحركات المسلحين.
وفي المقابل، استقدمت الفصائل الأجنبية تعزيزات مماثلة من محيط مدينة حارم ومناطق جبل السماق، في مؤشر على استمرار حالة الاستنفار المتبادل.
خلفية التوتر
تعود جذور الأزمة إلى فجر اليوم، حين نفّذ الأمن العام عملية أمنية داخل مخيم الفردان، بهدف إلقاء القبض على القيادي الفرنسي عمر ديابي.
وبحسب ما أكده العميد غسان باكير، قائد قوى الأمن الداخلي في إدلب، فإن التحرك جاء استجابة لشكاوى الأهالي بعد سلسلة انتهاكات داخل المخيم، كان آخرها حادثة خطف فتاة على يد مجموعة مسلّحة يقودها ديابي.
وقال العميد باكير: "تحرّكت الأجهزة الأمنية لحماية المدنيين وفرض النظام داخل المخيم، بعد تجاوزات متكرّرة من عناصر مسلحة استغلت حالة الفوضى الأمنية. وقد حاولنا التفاوض مع ديابي لتسليم نفسه طوعًا، لكنه رفض وفتح النار باتجاه عناصرنا، ما استدعى تطويق المنطقة واتخاذ إجراءات عاجلة لضمان سلامة المدنيين".
وأضاف أنّ قوى الأمن الداخلي نشرت نقاط مراقبة على مداخل ومخارج المخيم، وأقامت طوقًا أمنيًا لمنع أي محاولة فرار أو تسلل، مشددًا على أنّ "أي استغلال للمخيمات كملاجئ للمطلوبين سيُواجه بحزم ووفق الإجراءات القانونية".
ملف أمني معقّد
ويُنظر إلى مخيم الفردان، الذي يُعرف أيضًا باسم "مخيم المهاجرين الفرنسيين"، كأحد أعقد الملفات الأمنية في الشمال السوري، إذ يضم مقاتلين سابقين في تنظيمات متشددة جاؤوا من فرنسا ودول أوروبية، واستقروا في المنطقة منذ سنوات.
ويرى مراقبون أن ما يجري في حارم قد يشكل اختبارًا لمدى قدرة الأجهزة الأمنية السورية على بسط السيطرة التدريجية على مناطق نفوذ الفصائل الأجنبية، رغم إعلان انضمام هذه الفصائل تحت سلطة الحكومة السورية.