في خطوة تعكس مزيجًا من الضغط والاحتواء، اختارت واشنطن تصعيدًا مزدوجًا ضد موسكو يجمع بين العقوبات الاقتصادية والتصعيد الدبلوماسي، دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة.
فقد أعلنت الإدارة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على شركتي النفط الروسيتين "روسنفت" و"لوك أويل"، في خطوة تستهدف أحد أبرز مصادر تمويل روسيا لحربها في أوكرانيا، وتعمّق عزلتها المالية على الساحة الدولية.
وتزامنت هذه العقوبات مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء القمة المقررة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ما يعكس حالة الفتور التي تسود العلاقات بين البلدين رغم استمرار قنوات الاتصال الرسمية.
وفي الوقت ذاته، سعى ترامب إلى نفي ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال بشأن سماح واشنطن لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، مؤكدًا أن الولايات المتحدة "لا علاقة لها بتلك الصواريخ"، في محاولة لتأكيد أن التصعيد الأمريكي ما زال محصورًا في الإطار الاقتصادي والدبلوماسي، بعيدًا عن الانخراط العسكري المباشر.
إلغاء القمة وفتور العلاقات
أكد ترامب أنه ألغى القمة مع بوتين لأنها "ليست مناسبة في الوقت الراهن"، مضيفًا أن العقوبات النفطية الجديدة "هائلة"، لكنه يأمل ألا تستمر لفترة طويلة، قائلاً: "نأمل وضع حدّ للحرب قريبًا."
وأشار إلى أن محادثاته السابقة مع بوتين كانت "جيدة لكنها غير مثمرة"، في إشارة إلى غياب أي تقدم ملموس في ملفات الخلاف بين البلدين.
هدف العقوبات
من جانبه، أوضح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن العقوبات تهدف إلى دفع موسكو للقبول بوقف إطلاق النار في أوكرانيا، داعيًا حلفاء واشنطن إلى الالتزام بالخطوة والانضمام إليها.
وبيّن بيسنت أن الولايات المتحدة تتجه نحو "زيادة كبيرة في مستوى العقوبات"، مشيرًا إلى أن الحزمة الحالية هي من أكبر الحزم الاقتصادية ضد موسكو حتى الآن، بسبب ما وصفه بـ"عدم صدق الرئيس بوتين في المحادثات مع الرئيس ترامب".
ارتفاع أسعار النفط
وعقب الإعلان الأمريكي، قفزت أسعار النفط بأكثر من دولارين، إذ ارتفعت عقود خام برنت بنسبة 3.98% لتصل إلى 36.76 دولارًا للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 4.23% إلى 59.66 دولارًا.
كما أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية انخفاضًا في مخزونات النفط الخام بمقدار 961 ألف برميل، خلافًا لتوقعات بزيادة، ما يشير إلى ارتفاع الطلب على الطاقة في الأسواق العالمية.
نفي استخدام الصواريخ البعيدة
جدد ترامب نفيه لما نشرته وول ستريت جورنال حول منح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام صواريخ بعيدة المدى، مؤكدًا أن ما ورد في التقرير "غير دقيق على الإطلاق"، بينما أشارت الصحيفة إلى أن واشنطن خففت بعض القيود على استخدام أسلحة غربية في الهجمات الأوكرانية.
تحوّل في السياسة الأمريكية
وبحسب وكالة رويترز، تمثل هذه الخطوات تحولًا في موقف ترامب الذي كان يتجنب فرض عقوبات مباشرة على روسيا منذ اندلاع الحرب، مفضلًا الإجراءات التجارية.
كما فرضت واشنطن رسومًا جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع الهندية ردًا على شرائها النفط الروسي بأسعار مخفضة، في حين سبقتها بريطانيا الأسبوع الماضي بإعلان عقوبات مشابهة على روسنفت ولوك أويل.
ولم تصدر حتى الآن أي تعليقات من السفارة الروسية في واشنطن أو بعثة موسكو لدى الأمم المتحدة بشأن العقوبات الأمريكية الجديدة.
