في ظل تصاعد التوترات النووية العالمية، أثارت منشأة "لوب نور" النووية الصينية في صحراء شينجيانغ جدلاً واسعاً بعد رصد توسعات كبيرة فيها عبر صور أقمار صناعية وتحليلات استخبارية، تزامناً مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه استئناف تجارب الأسلحة النووية "على قدم المساواة مع الدول الأخرى".
توسع غير مسبوق في منشأة نووية تاريخية
كشفت صور الأقمار الصناعية عن أعمال حفر واسعة في موقع "لوب نور"، الذي شهد أول تفجير نووي صيني عام 1964، وتشمل التطويرات الجديدة أنفاق تحت الأرض، غرف تفجير، منشآت لوجستية، ومبانٍ إدارية، إضافة إلى آبار عميقة يُعتقد أنها مخصصة لاختبارات رأسية ذات قدرة تفجيرية أعلى.
ووفقاً لتحليلات شركة "AllSource Analysis"، فإن ما يجري يمثل "أكبر توسع في قدرات الصين النووية منذ ثلاثة عقود"، ما يعكس استعداداً صامتاً لاحتمال انهيار منظومة ضبط التسلح الدولية.
تجارب "تحت حرجة" لتعويض نقص الخبرة
أوضح الباحث في معهد كارنيغي للسلام الدولي، تونغ تشاو، أن الصين "الأقل خبرة" بين القوى النووية الكبرى، وقد تسعى لتعويض ذلك عبر تجارب منخفضة القوة أو تجارب "تحت حرجة"، وهي تجارب لا تنتهك معاهدة حظر التجارب النووية (CTBT) بشكل مباشر.
وفي تقريرها العسكري لعام 2024، حذّرت وزارة الدفاع الأميركية من أن الصين تستعد لتشغيل موقع "لوب نور" على مدار العام، وسط غياب الشفافية التقليدية بشأن أنشطتها النووية. وقدّر التقرير أن الترسانة النووية الصينية قد تصل إلى 1000 رأس نووي بحلول عام 2030، مقارنة بـ3700 رأس أميركي.
ورغم رفض بكين الدخول في مفاوضات نزع السلاح قبل تقليص الترسانتين الأميركية والروسية، يرى محللون أن السرية الصينية تمثل بحد ذاتها أداة ردع، تزيد من الشكوك حول قدراتها الفعلية.
سباق تسلح جديد يلوح في الأفق
يرى خبراء إستراتيجيون أن توسع "لوب نور" لا يعني بالضرورة قرب إجراء اختبار نووي، لكن الظروف الجيوسياسية الحالية، خصوصاً مع تصعيد إدارة ترامب، قد تدفع القوى الكبرى إلى العودة لمنطق الحرب الباردة.
وقد أثار ترامب موجة قلق دولية عندما لمح إلى معلومات تفيد بأن روسيا والصين تجريان تجارب نووية سرية، مؤكداً أن واشنطن "لن تقف مكتوفة الأيدي"، وردت موسكو بإبداء استعدادها لاستئناف برنامجها التجريبي، بينما نفت بكين الاتهامات، مؤكدة التزامها بسياسة "عدم الاستخدام الأول" للسلاح النووي.
هشاشة التفاهمات الدولية
رغم أن معاهدة حظر التجارب النووية الموقعة عام 1996 لم تُصدّق عليها الولايات المتحدة والصين، فإنها أرست عرفاً دولياً ضد التفجيرات النووية. لكن انسحاب روسيا من المعاهدة عام 2023 وتصريحات ترامب الأخيرة جعلا هذه التفاهمات أكثر هشاشة من أي وقت مضى.