تثير العملية العسكرية الأميركية المتصاعدة ضد من تصفهم واشنطن بأنهم "تجار مخدرات فنزويليون" قلقاً متزايداً لدى عدد من الدول الأوروبية التي لديها مصالح في البحر الكاريبي. وبحسب مصادر تحدثت لوكالة فرانس برس، بدأت فرنسا وهولندا والمملكة المتحدة في تقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة خشية استخدامها لشن ضربات قد تعتبر غير قانونية داخل أراضيها أو مناطق نفوذها في الكاريبي.
مصالح أوروبية في المنطقة
وتمتلك المملكة المتحدة أقاليم صغيرة في الكاريبي تعود لفترة الاستعمار، بينما فرنسا تعتبر مارتينيك وغوادلوب وغويانا الفرنسية أجزاء رسمية من أراضيها، كم أن هولندا تمتلك ثلاث جزر قريبة جداً من فنزويلا والمعروفة باسم "جزر إيه بي سي"، ما يجعلها الأكثر حساسية جغرافياً.
الاتهامات المتبادلة
فنزويلا تتهم واشنطن بالسعي إلى تغيير النظام في كراكاس عبر تعزيز وجودها العسكري، بما في ذلك نشر حاملة طائرات وسفن حربية وطائرات شبح في البحر الكاريبي.
في المقابل، تتهم الولايات المتحدة الرئيس نيكولاس مادورو بقيادة "كارتل مخدرات إرهابي"، وهو ما تنفيه كراكاس.
الغارات الأميركية
منذ سبتمبر، نفذت القوات الأميركية أكثر من 20 غارة جوية قتلت خلالها ما لا يقل عن 83 شخصاً، بدعوى استهداف قوارب تهريب مخدرات في المياه الدولية، من دون أن تقدم واشنطن أدلة مباشرة تؤكد طبيعة المستهدفين.
مخاوف أوروبية
قال مسؤول عسكري فرنسي إن الهولنديين "قلقون بشدة" على جزرهم الواقعة على مسافة تقل عن 50 كم من سواحل فنزويلا، مضيفاً أن أي مواجهة قد تجعلها في "خط النار".
وبينما تستعد واشنطن لاحتمال توجيه ضربات جديدة، قررت باريس ولاهاي ولندن تقييد مشاركة المعلومات الاستخباراتية العملياتية، لتجنب التورط في عمليات قد تعتبر غير قانونية داخل نطاق سيادتها الجغرافية.
رئيس جهاز الاستخبارات المدني ومكافحة التجسس الهولندي، إريك أكيربوم، قال لصحيفة دي فولكس كرانت: "نحن متيقظون خصوصاً حيال تسييس أجهزتنا واحتمال حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان."
بينما قال رئيس وكالة مكافحة المخدرات الفرنسية في الكاريبي، ديمتري زولاس: "لن ترسل أي دولة أوروبية معلومات استخباراتية يمكن استخدامها كغطاء لشن ضربة عسكرية."
وفي بريطانيا، ذكرت تايمز أن المدعي العام طلب من الحكومة وقف تبادل المعلومات خشية استخدامها في "اغتيال" مشتبه بهم في الكاريبي.
ورغم ذلك، نفى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التوقف البريطاني، واصفاً التقارير بأنها "أخبار كاذبة".
موقف بريطاني
أكد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية (MI6)، ريتشارد ديرلوف، أن الخطوة الأوروبية ليست استثنائية، موضحاً: "هذا لا يغير إطار التعاون الاستخباراتي العام. هو إجراء موضعي لتجنب التواطؤ في عمليات قد تكون قانونية في الولايات المتحدة، لكن غير قانونية في أوروبا."
وأشار ديرلوف ومسؤولون أوروبيون إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية تدرك هذه الحساسية القانونية جيداً، وأن التراجع الأوروبي لا يشير إلى أزمة عميقة في العلاقات الاستخباراتية عبر الأطلسي.
مع ذلك، يؤكد الأوروبيون أنهم يوازنون بين رفض المشاركة في عمليات قد تتسبب بتصعيد خطير في المنطقة، وبين الحرص على عدم استعداء الإدارة الأميركية التي تزودهم بمعلومات استخباراتية أساسية.