تبيّن أن الدور الفرنسي في إحباط محاولة الانقلاب في بنين كان أكبر بكثير مما أُعلن في الأيام الأولى، إذ تأكد الأربعاء أن باريس لم تكتفِ بالدعم الاستخباراتي، بل شاركت أيضاً بقوات خاصة على الأرض دعماً للجيش البنيني.
وكانت حكومة بنين قد نجحت الأحد الماضي في إفشال محاولة انقلابية كادت تُطيح بالرئيس باتريس تالون، مستفيدة من دعم عسكري قدّمته نيجيريا في إطار تحرك إقليمي تقوده المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
وفي البداية، لم يُشر أي تصريح رسمي إلى دور مباشر لفرنسا، باستثناء ما نقلته إذاعة "آر إف آي" عن مصدر محلي قال إن التدخل السريع والفعّال ضد منفذي الانقلاب يعود بالأساس إلى مساهمة فرنسية في جمع المعلومات الاستخباراتية، ولم يكشف المصدر عن تفاصيل إضافية.
ومع ذلك، وعندما أصدرت الرئاسة الفرنسية بيانها الثلاثاء، أكدت فقط دعم باريس لجهود بنين ضمن التحرك الإقليمي الذي شمل ضربات جوية شنّتها نيجيريا ضد المتمردين، دون التطرق لأي وجود عسكري فرنسي مباشر.
لكنّ الصورة تبدّلت الأربعاء بعد تصريحات قائد الحرس الجمهوري في بنين، ديودونيه دجيمون تيفودجري، الذي أكد أن فرنسا نشرت قوات خاصة قادمة من أبيدجان في ساحل العاج للمساعدة في عمليات التمشيط، وذلك بعد أن أعلن مجموعة من الجنود عبر التلفزيون الرسمي الإطاحة بالرئيس تالون فجر الأحد.
وقال الكولونيل تيفودجري في اتصال مع وكالة فرانس برس إن "الجيش البنيني تحرك ببسالة وواجه العدو طوال اليوم"، مضيفاً أن القوات الفرنسية شاركت في مرحلة ما بعد استعادة الجيش السيطرة على المواقع الحساسة.
وكان مساعد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تحدث في وقت سابق عن تقديم فرنسا "مراقبة ورصداً ودعماً لوجستياً" بناء على طلب رسمي من بنين، دون تأكيد أو نفي نشر قوات خاصة.
وتأتي محاولة الانقلاب في سياق سلسلة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها منطقة غرب أفريقيا خلال السنوات الماضية، بما في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، وهي تطورات تسببت في تراجع كبير لنفوذ فرنسا في مستعمراتها السابقة.
وبحسب الكولونيل تيفودجري، فقد بلغ عدد المتمردين قرابة مئة مقاتل مزودين بمركبات مدرعة، واستفادوا من عامل المفاجأة في هجومهم المبكر على مقر إقامة الرئيس، لكنه أكد أن الانقلابيين لم يتلقوا دعماً من وحدات عسكرية أخرى، وهو ما ساعد القوات الحكومية على احتواء الهجوم بسرعة.
وأوضح أن وحدات مختلفة من الجيش تحركت تلقائياً لدعم الحرس الجمهوري واستعادة السيطرة على نقاط استراتيجية في كوتونو، وأضاف أن المتمردين تحصنوا لاحقاً داخل معسكر يقع في منطقة سكنية بالعاصمة الاقتصادية، ليأتي دور الغارات الجوية النيجيرية والقوات الخاصة الفرنسية في إنهاء التمرد "مع الحد من الأضرار الجانبية".
وأشار إلى أن المتمردين "غادروا ومعهم قتلى وجرحى" بعد معركة وصفها بـ"الشرسة"، دون تقديم حصيلة دقيقة للضحايا.
وحتى الآن، أُوقف ما لا يقل عن 12 جندياً على خلفية محاولة الانقلاب، فيما يُشتبه بأن مدبرها الرئيسي فرّ إلى توغو المجاورة، وبعد يوم من التوتر، أعلن الرئيس تالون أن الوضع "تحت السيطرة تماماً"، قبل أشهر من مغادرته منصبه بعد ولايتين رئاسيتين شهدتا نمواً اقتصادياً ملحوظاً، لكن تخللتهما أيضاً زيادة في نشاط الجماعات المتطرفة شمال البلاد.
وشهدت شوارع كوتونو الأربعاء تجمعات كبيرة لمؤيدي الرئيس رفضاً للانقلاب الفاشل، حيث رفع المتظاهرون شعارات تشيد بقوات الأمن وتؤكد "صمود بنين"، فيما توالى قادة الحزب الحاكم على المنصة للتنديد بما وصفوه بـ"محاولة انقلاب من زمن آخر".
وبحسب التوقعات، يُرجح أن يخلف تالون وزير المال روموالد واداني، المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات المقبلة التي استبعد منها الحزب المعارض الرئيسي.