كشفت صور حديثة التُقطت عبر الأقمار الصناعية عن مؤشرات على وجود أنشطة جارية داخل منشأة نطنز النووية وسط إيران، في وقت تتصاعد فيه التساؤلات حول طبيعة التحركات الإيرانية بعد الضربات العسكرية التي طالت الموقع خلال الحرب مع إسرائيل في يونيو (حزيران) 2025.
وذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات الإيرانية قد تكون بصدد فحص أنقاض أضرار لحقت بالمنشأة نتيجة الهجوم العسكري، في محاولة لتنفيذ هذه الأعمال بعيداً عن أعين المراقبين الدوليين. وأوضح المعهد أن صوراً التُقطت في 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري أظهرت تركيب ألواح فوق بقايا هيكل منظومة مضادة للطائرات المسيّرة داخل مجمع نطنز، في خطوة تهدف – على الأرجح – إلى توفير غطاء للمنشآت المتضررة.
وخلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ضربة عسكرية أصابت بشكل مباشر محطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في نطنز، مشيرة إلى أن أجهزة الطرد المركزي تعرّضت لأضرار جسيمة على الأرجح.
وبحسب تقييم معهد العلوم والأمن الدولي، فإن منشأة تخصيب الوقود التجريبية (PFEP) في نطنز تحتفظ بكميات محدودة من اليورانيوم عالي التخصيب، تُقدَّر بعدة كيلوغرامات، وهي وإن كانت أقل من إجمالي مخزون إيران، فإنها تظل ذات أهمية تقنية وأمنية لا يمكن تجاهلها.
في المقابل، أكد المعهد عدم رصد أي مؤشرات على نشاط جديد في بقية أجزاء موقع نطنز أو في منشأة فوردو، مشيراً إلى أن هذه المواقع لا تزال خاضعة لمراقبة مستمرة عبر الأقمار الصناعية.

التفتيش الدولي
وفي مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية في 15 ديسمبر 2025، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إن عمليات التفتيش في إيران قد استؤنفت جزئياً، إلا أن المفتشين لا يزالون محرومين من الوصول إلى المنشآت الرئيسية في نطنز وفوردو.
وأوضح غروسي أن الوكالة لم ترصد حتى الآن دلائل على تسريع إيران لإنتاج اليورانيوم المخصب مقارنة بمستواه قبل الحرب، مؤكداً في الوقت نفسه أن المواد المخصبة بنسبة 60 في المائة لا تزال داخل إيران، وهو ما يستدعي – بحسب تعبيره – عودة المفتشين الدوليين للتحقق من أماكن تخزينها وعدم تحويلها لأي استخدام آخر.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد صرّح في 8 ديسمبر الجاري بأن استئناف عمليات التفتيش غير ممكن في الظروف الحالية، مبرراً ذلك بعدم وجود بروتوكولات واضحة لتفتيش ما وصفه بالأنشطة النووية السلمية.
أنشطة إنشائية مثيرة للجدل
وفي سياق متصل، أفاد معهد العلوم والأمن الدولي في تقرير سابق صدر في أكتوبر (تشرين الأول) 2025 بأن صور أقمار صناعية أظهرت استمرار أعمال بناء وتعزيز إجراءات أمنية في مناطق جنوب موقع نطنز، وتحديداً في منطقة «كوه كلنك»، دون وجود مؤشرات واضحة على تسارع أو توسع في البرنامج النووي.
كما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن إيران تواصل تشييد منشأة عسكرية عميقة تحت الأرض في المنطقة نفسها، وسط غموض يلف طبيعة هذه المنشأة وأهدافها.
ورغم إصرار طهران على أن برنامجها النووي ذو طابع سلمي، تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول غربية أن إيران أدارت في السابق برنامجاً منظماً لتطوير سلاح نووي حتى عام 2003.
وكانت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قد وقعتا، الشهر الماضي في القاهرة، اتفاقاً يمهد لاستئناف التعاون وعمليات التفتيش، إلا أن الاتفاق لم يُنفذ، قبل أن تعلن طهران لاحقاً إلغاءه رسمياً.