شبهات تمويل حزب الله والحوثيين عبر بينانس رغم الرقابة الأمريكية
كشف تقرير استقصائي نشرته صحيفة فايننشال تايمز، استنادًا إلى ملفات داخلية مسربة من منصة بينانس، أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم، عن استمرار نشاط حسابات وُصفت بأنها تحمل «علامات حمراء» واضحة، رغم تعهدات المنصة بتشديد إجراءات الامتثال بعد اتفاق الإقرار بالذنب مع السلطات الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وبحسب التقرير، الذي يغطي بيانات تمتد بين عامي 2021 و2025، سمحت المنصة لهذه الحسابات بمواصلة التداول وتحويل مبالغ ضخمة، رغم الاشتباه بارتباط بعضها بشبكات تمويل إرهاب، إلى جانب رصد محاولات تسجيل دخول مريبة وثغرات في إجراءات التحقق من الهوية.
ومن أبرز الحالات التي سلط عليها التحقيق الضوء، حساب يعود لشخص يقيم في منطقة فقيرة بفنزويلا، تمكن من تحويل أكثر من 93 مليون دولار عبر بينانس خلال الفترة المذكورة. وتشير الوثائق إلى أن جزءًا من هذه الأموال جاء من شبكة اتهمتها السلطات الأمريكية بنقل أموال سرًا لصالح إيران وحزب الله. كما رُصدت عمليات دخول إلى الحساب من مواقع جغرافية متباعدة خلال فترات زمنية قصيرة للغاية، وُصفت بأنها «غير ممكنة عمليًا».
كما كشف التحقيق عن 13 حسابًا تلقت ما لا يقل عن 29 مليون دولار بعملة تيثر (USDT) من محافظ رقمية جرى تجميدها لاحقًا من قبل السلطات الإسرائيلية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. وترتبط غالبية هذه التحويلات، وفق الوثائق، بأربع محافظ رئيسية يُشتبه بصلتها بتوفيق علو، المتهم بتمويل حزب الله والحوثيين، إضافة إلى شركة سورية مرتبطة بالنظام السوري.
في المقابل، نفى محامو بينانس بشدة صحة هذه الاتهامات، مؤكدين عدم وجود «نية متعمدة» لمساعدة جهات إجرامية. وأوضحوا أن المحافظ المعنية لم تكن مصنفة كمرتبطة بالإرهاب وقت تنفيذ المعاملات، كما أنها لم تكن محل تحذير من أدوات تتبع البلوكشين الرئيسية آنذاك. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن بعض هذه الحسابات ظل مفتوحًا ويعمل حتى عام 2025.
ويأتي هذا التحقيق في وقت تواجه فيه بينانس ضغوطًا متزايدة، من بينها تحقيق جنائي جارٍ في فرنسا بشأن شبهات غسل أموال، ما يعيد إلى الواجهة الجدل حول قدرة منصات العملات المشفرة الكبرى على الالتزام الصارم بالقوانين الدولية وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، رغم التعهدات التي قُدمت عقب الغرامة الأمريكية التاريخية.