بيتكوين: 114,849.49 الدولار/ليرة تركية: 40.99 الدولار/ليرة سورية: 12,887.05 الدولار/دينار جزائري: 129.91 الدولار/جنيه مصري: 48.49 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
مقال رأي

مقال رأي|| موسكو والبوابة السورية.. قراءة في إعادة التموضع الاستراتيجي

مقال رأي|| موسكو والبوابة السورية.. قراءة في إعادة التموضع الاستراتيجي
في مشهد لافت، توالت خلال ساعات قليلة زيارات ثلاثة من أبرز المسؤولين السوريين إلى موسكو: وزير الخارجية، وزير الدفاع، ومدير المخابرات العامة. كلٌّ التقى نظيره الروسي، فيما حظي وزير الخارجية بلقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً. لا يمكن النظر إلى هذا التسارع الدبلوماسي والعسكري والأمني إلا باعتباره إشارة سياسية مركّبة، تعكس إدراك دمشق أن توازنات الميدان والاصطفافات الإقليمية دخلت طوراً جديداً.  

بين من يدرك الأفق ومن يعيد إنتاج العمى

  كما هو معتاد، تباينت القراءات: ثمة من قرأ المشهد بعمق، ورأى فيه استشرافاً لمعادلات مقبلة ستعيد رسم خرائط النفوذ. وفي المقابل، بقي البعض أسيراً للنظرة القاصرة، يكرر أدواراً استهلكها الزمن، غير قادر على تجاوز حدود اللحظة، تماماً كما يفعل "بغل المعصرة" الذي يدور حول نفسه دون أن يرفع رأسه إلى الأمام.  

شهادة من قلب اللحظة

  تزامنت مشاركتي عبر قناة RT الروسية مع اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره السوري أسعد الشيباني. هناك قلت ما يجب أن يُقال، واستمع القوم لما يجب أن يُسمع، وكعادتي لم أضع في حساباتي ما يرضي الجماهير أو يُغري نزعاتها، بل ما يفرضه التشخيص السياسي الصريح للواقع السوري وموقعه ضمن الصراع الدولي.   

روسيا أم إيران؟ اختلاف في المشروع والغاية

  لطالما أكدت في مقالات ومحاورات سابقة أن الفرق بين الدور الروسي والدور الإيراني في سورية جوهري:   - موسكو تمسكت بالدولة السورية وبمؤسساتها، وحاولت منع انهيارها، لأنها ترى في بقاء الدولة السورية قاعدة استراتيجية في شرق المتوسط.   - طهران تمسكت بشخص الرئيس بشار الأسد، لا باعتباره رأس الدولة بل لأنه، وفق حساباتها، "على قدّ يدها"، يمكن التحكم به كأداة، فضلاً عن أن انتماءه الطائفي يوفر لإيران قاعدة نفوذ ثابتة.   من هنا يظهر التناقض: مشروع روسي يسعى إلى الحفاظ على "الدولة"، مقابل مشروع إيراني يُحكم قبضته عبر "الفرد والطائفة".  

الضربة الإسرائيلية ومشروع باكو

  إلا أن المعادلة انقلبت مع الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت وزارة الدفاع السورية ورئاسة هيئة الأركان في قلب دمشق، في وضح النهار، وبوقاحة غير مسبوقة، ولأول مرة بعد حرب تشرين عام ١٩٧٣ بحيث استطاعت إحدى الطائرات الوصول إلى سماء دمشق واستهدفت رئاسة أركان الجيش العربي السوري. الاستهداف الأخير لدمشق ليس ضربة عسكرية وحسب، بل رسالة استراتيجية بأن "المقدسات السيادية" السورية لم تعد بمنأى عن الانتهاك.   الأخطر، أن إسرائيل رتّبت اجتماعاً في باكو يضم مسؤولين إسرائيليين ومديرين سوريين، لبحث اتفاقية إذعان تسلخ الجنوب السوري – محافظات القنيطرة والسويداء ودرعا – عملياً عن الجسد الوطني، لتبقى لدمشق سيادة نظرية فقط. هنا أدركت دمشق أن التهديد وجودي لا تكتيكي، وأن لا خيار سوى العودة إلى "الصديق القديم": روسيا.  

سورية عقدة الصراع الإقليمي والدولي

  اليوم تقف سورية في قلب شبكة معقدة من تقاطع النفوذ:   - روسيا : تسعى لتثبيت الدولة السورية كركيزة لنفوذها في المتوسط وضمان موقعها في معادلة الطاقة والممرات.   - إيران : تركّز على ترسيخ نفوذ طائفي طويل الأمد عبر الولاء الشخصي والمذهبي.   - إسرائيل : تعمل على تحييد سورية كفاعل، واقتطاع الجنوب لصالح أمنها القومي.   - تركيا:  تمسك بالشمال السوري وتعيد صياغته بما يخدم مشروعها التوسعي العثماني الجديد.   - الولايات المتحدة : تكتفي بإدارة الصراع عبر قواعدها في الشرق والجزيرة، ضامنة استمرار الاستنزاف دون حسم.   بهذا المعنى، فإن زيارة دمشق الثلاثية إلى موسكو ليست مجرد نشاط بروتوكولي، بل إعادة تموضع استراتيجي ورسالة إلى كل الأطراف بأن سورية ما زالت قادرة على إعادة ضبط اتجاه بوصلتها.     وإزاء الضربات الإسرائيلية الوقحة، والمشاريع الإقليمية التي تستهدف اقتطاع الجغرافيا السورية أو إعادة صياغتها على أسس طائفية وعرقية، لم يعد أمام دمشق إلا العودة إلى موسكو، قد لا تكون روسيا ملاكاً منزهّاً عن الحسابات البراغماتية، لكنها تبقى القوة الوحيدة القادرة على حفظ ما تبقى من الدولة السورية ومنع انهيارها النهائي.   إنها لحظة مفصلية، تؤكد أن بقاء سورية مرهون بالتحالفات الدولية لا بالشعارات المحلية. ومن هنا، فإن الزيارة الثلاثية إلى موسكو ليست خياراً دبلوماسياً فحسب، بل إعلان وجودي بأن الدولة السورية تبحث عن سند صلب يمنع اقتلاعها من التاريخ والجغرافيا.   [caption id="attachment_649254" align="alignnone" width="1200"]موسكو والبوابة السورية.. قراءة في إعادة التموضع الاستراتيجي موسكو والبوابة السورية.. قراءة في إعادة التموضع الاستراتيجي[/caption]

 [highlight color="yellow"]🔹 ملاحظة: هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الوكالة[/highlight]

المقال التالي المقال السابق
0