بيتكوين: 115,570.78 الدولار/ليرة تركية: 41.37 الدولار/ليرة سورية: 13,095.90 الدولار/دينار جزائري: 129.80 الدولار/جنيه مصري: 48.17 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

افتتاح سد النهضة يدق ناقوس الخطر في القاهرة والخرطوم.. خبراء يكشفون كيف سترد مصر؟

افتتاح سد النهضة يدق ناقوس الخطر في القاهرة والخرطوم.. خبراء يكشفون كيف سترد مصر؟

شهدت إثيوبيا اليوم حدثًا وصفته بأنه "تاريخي" تمثل في افتتاح سد النهضة وبدء تشغيله رسميًا، وسط حضور أفريقي بارز لعدد من قادة الدول المجاورة، وهو ما اعتبرته أديس أبابا انتصارًا قوميًّا يعكس نجاح سياساتها وإجراءاتها أحادية الجانب، لكن هذا الافتتاح لم يمر دون ردود مصرية وسودانية غاضبة، عبّرت عنها بيانات رسمية، إلى جانب تحليلات الخبراء التي تتقاطع عند حقيقة واحدة: أن السد أصبح أمرًا واقعًا يهدد الأمن المائي لدولتي المصب، ويضع القاهرة أمام خيارات محدودة ومعقدة.

 

"حلم إثيوبي" وقلق مصري متصاعد

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، خلال حفل افتتاح السد، إن إثيوبيا ستستخدِمُ الطاقة لتحسين وصول الكهرباء إلى المواطنين، مؤكداً أن السد لا يشكّل تهديداً لدولتيْ المصب.

افتتحت إثيوبيا رسمياً، سدَّ النهضة بعد 14 عاماً من بدء أعمال البناء، وهو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا. وسيُوفر مشروع "سد النهضة" الطاقةَ لملايين الإثيوبيين بينما يفاقم الخلافَ مع مصر والسودان.

الدكتور محمد الصادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية، أكد خلال حديث مع وكالة ستيب نيوز، أن افتتاح سد النهضة "لا يُعد استفزازًا مباشرًا لمصر بقدر ما هو احتفالية إثيوبية كبيرة بتحقيق حلم قومي بالنسبة لهم"، موضحًا أن أديس أبابا ترى في المشروع "أحد أبرز المحفزات لتوليد الطاقة الكهرومائية".

وأضاف: أن مصر تعاملت مع الملف منذ بداياته "بعقلانية ورشادة شديدة"، رغم إدراكها أن إثيوبيا "انتهت من بناء السد متجاهلة كل التحذيرات والدعوات المصرية المتكررة منذ عام 2015 للجلوس إلى طاولة المفاوضات". 

وأوضح أن جوهر الأزمة يتمثل في "غياب اتفاق فني يضمن سلامة جسم السد، وكذلك غياب اتفاق قانوني ملزم يحدد حقوق الدول الثلاث"، وهو ما كانت القاهرة تحذر منه باستمرار.

وشدد إسماعيل على أن "الرئيس السيسي أعلن بوضوح أن مصر لا تعارض التنمية في القارة الأفريقية ولا بناء السد، لكنها كانت تطالب بالشراكة في الإدارة والتوصل إلى اتفاق ملزم يضمن التنمية المشتركة ويحفظ حقوق مصر والسودان المائية".

رسائل إثيوبية عبر الافتتاح

أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية (إينا)، أن عدد من الزعماء حضروا الافتتاح، منهم إسماعيل عمر جيله رئيس جمهورية جيبوتي، وسلفا كير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان، وحسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، ووليام ساموي روتو، رئيس جمهورية كينيا، وميا أمور موتلي رئيس وزراء جمهورية بربادوس، وراسل مميسو دلاميني رئيس وزراء مملكة إيسواتيني.

مدير برنامج الدراسات الأفريقية في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، الدكتور حسين علي، علّق على هذا لوكالة ستيب نيوز، قائلاً: "إن افتتاح السد في هذا التوقيت رسالة واضحة لمصر مفادها نجاح السياسات والإجراءات الإثيوبية أحادية الجانب، وعدم اكتراثها بالمطالب المصرية الخاصة بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، خاصة في مرحلة ما بعد التشغيل وفترات الجفاف والجفاف الممتد".

وأوضح أن الرسالة الثانية لا تقل أهمية، حيث تجسدت في "التأييد والدعم الأفريقي للموقف الإثيوبي، وهو ما عبّر عنه حضور قادة دول مثل الصومال وجيبوتي وكينيا وجنوب السودان لافتتاح السد". 

ووفقًا له، فإن إثيوبيا "ترغب في توجيه رسالة إلى مصر بأن تحركاتها الدبلوماسية لم تفلح في إفشال المشروع، وأنها استطاعت أن تفرض الأمر الواقع والبدء في تشغيل السد دون اعتبار للتحفظات المصرية والسودانية".

خيارات مصر: دبلوماسية ضاغطة بلا استبعاد أوراق بديلة

مصر والسودان عبرتا في بيانات عديدة عن رفضهما للممارسات الإثيوبية، واعتبرتا افتتاح السد دون تنسيق معهما "انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي". 

ومن هنا يتوقع حسين علي أن "يقتصر الرد المصري على التصعيد السياسي من خلال خطاب أكثر حدة، مع تعزيز التنسيق مع السودان للضغط على إثيوبيا".

ويضيف: أن "القاهرة ستواصل التمسك بالمسار الدبلوماسي في المرحلة الحالية، عبر مؤسسات مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، ومن المتوقع أن تستغل مشاركتها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر لعرض موقفها وتفنيد المزاعم الإثيوبية بأن السد لن يضر بمصر". 

واعتبر أن "الخيار العسكري المباشر يظل صعبًا بسبب تكلفته الباهظة، لكن لا يمكن استبعاد استخدام مصر أوراق ضغط أخرى، مثل ورقة مشاركتها في بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال، وهو ما يفسر الرفض الإثيوبي الكبير لتلك المشاركة".

في السياق نفسه، أوضح إسماعيل أن مصر "طرقت جميع الأبواب الدبلوماسية الممكنة"، بدءًا من الجمعية العامة للأمم المتحدة مرورًا بمجلس الأمن، بهدف حماية حصتها التاريخية البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، وهي حصة ثابتة منذ اتفاقية 1959 رغم تضاعف عدد السكان إلى أكثر من 120 مليون نسمة، فضلاً عن استضافة ملايين اللاجئين السوريين والسودانيين وغيرهم.

وأكد أن "مصر لن تتهاون في حصتها، بل قد تطالب بزيادتها استنادًا إلى المنطق والواقع، حيث لم تعد النسبة الحالية تكفي لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين".

المخاطر الفنية والبيئية

أُقيم سد النهضة على النيل الأزرق بتكلفة تقارب خمس مليارات دولار، ويضم خزاناً بحجم يقارب مساحة لندن الكبرى، وتخشى القاهرة أن يؤدي السد إلى انخفاض حاد في تدفق المياه إليها، مما يفاقم أزمة الشح المائي.

فيما يخص المخاطر الفنية، حذّر إسماعيل من "غياب الاشتراطات الفنية الضامنة لسلامة جسم السد، ما يرفع احتمالية حدوث انهيارات أو تسربات تؤدي إلى كوارث مائية على دول المصب". 

وذكّر بفيضانات العام الماضي في إثيوبيا التي غمرت مدنًا سودانية ووصلت تداعياتها إلى مدينة أسوان في جنوب مصر، معتبرًا أن "ملء السد يقلّص الحصص المائية بنسبة قد تصل إلى 10%، ما يضاعف من أزمة الموارد المائية لمصر والسودان".

ويتفق حسين علي مع هذا الطرح، مضيفًا أن "إثيوبيا ستسعى في المرحلة المقبلة إلى تسويق السد كأداة لتحقيق التنمية الوطنية من خلال إنتاج الكهرباء وتصدير الفائض إلى دول مثل جنوب السودان وتنزانيا وكينيا وجيبوتي". 

غير أنه يرى أن "الدعوات الإثيوبية المحتملة للتفاوض مع مصر والسودان لاحقًا لن تكون لإشراكهما في إدارة وتشغيل السد كما تطالبان، بل للتفاوض حول الحصص المائية وفقًا للواقع الجديد الذي فرضته أديس أبابا".

انعكاسات إقليمية وتوازن قوى جديد

يرى حسين علي أن "افتتاح السد لا يقتصر أثره على دول حوض النيل، بل يمتد ليغير معادلة توازن القوى في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، ويعزز المكانة الإقليمية لإثيوبيا في القارة"، لكنه يحذر في الوقت ذاته من "تداعيات سلبية على الأمن القومي المصري في ظل تفاقم العجز المائي، واحتمال استغلال إثيوبيا لاتفاقية عنتيبي – التي دخلت حيز التنفيذ بعد تصديق جنوب السودان عليها – لمضاعفة الضغوط على مصر والسودان".

أما إسماعيل فاعتبر أن "الموقف الإثيوبي اتسم بالميوعة والمراوغة، بل وصل أحيانًا إلى الكذب والارتباك، في حين ظل الموقف المصري والسوداني واضحًا في الدفاع عن الحقوق الطبيعية والتاريخية". 

وأكد أن "مصر لم ترفض يومًا مبدأ بناء السد، لكنها طالبت فقط باتفاق قانوني ملزم واشتراطات فنية تضمن عدم الإضرار بدولتي المصب".

“حياة أو موت”

في ختام تحليله، شدد حسين علي على أن "القضية بالنسبة لمصر ليست مجرد ملف سياسي أو اقتصادي، بل قضية حياة أو موت، لأن نهر النيل هو المصدر الوحيد تقريبًا للمياه في البلاد، ولا توجد بدائل يمكن التعويل عليها". 

وأكد على "قدرة الدولة المصرية على الدفاع عن أمنها القومي وحقوق شعبها في مياه النهر مهما كانت التحديات".

وبذلك، يتضح أن افتتاح سد النهضة، وإن كان يمثل بالنسبة لإثيوبيا لحظة احتفالية كبرى، فإنه يفتح فصلًا جديدًا من الصراع الدبلوماسي والحقوقي مع مصر والسودان، اللتين تريان أن أمنهما المائي خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

 

شاهد أيضاً: 

 

إعداد: جهاد عبد الله

المقال التالي المقال السابق
0