بيتكوين: 116,024.77 الدولار/ليرة تركية: 41.31 الدولار/ليرة سورية: 13,092.19 الدولار/دينار جزائري: 129.55 الدولار/جنيه مصري: 48.10 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

"عربات جدعون 2" الإسرائيلية تتحرك في غزة وخبير أمني يكشف عن أهداف غير معلنة وراء العملية

"عربات جدعون 2" الإسرائيلية تتحرك في غزة وخبير أمني يكشف عن أهداف غير معلنة وراء العملية

بين دخان الانفجارات وصدى الدبابات التي تزحف نحو أطراف غزة، أطلقت إسرائيل عملية برية واسعة حملت اسم "عربات جدعون 2"، العملية لا تبدو مجرد تحرك عسكري اعتيادي، بل هي فصل جديد من حرب طويلة تُخاض على جبهتين متوازيتين: الميدان المشتعل في أزقة مكتظة، والساحة السياسية المضطربة داخل تل أبيب. 

فبينما تُقدَّم للجمهور الإسرائيلي على أنها حملة "لاستعادة الأسرى وكسر شوكة حماس"، تكشف تفاصيلها وحجم التدمير المرافق لها عن أهداف أعمق تتجاوز حدود القطاع، لتلامس صورة الردع الإسرائيلي، ومعادلة بقاء الحكومة، ومستقبل غزة نفسها.

الأهداف المعلنة من عربات جدعون 2

منذ الإعلان الأولي، ركّزت بيانات الجيش الإسرائيلي على هدفين رئيسيين: ممارسة ضغط مكثف على حركة حماس لكسر إرادتها، وانتزاع الأسرى عبر القوة العسكرية. وقد استدعى الجيش نحو 60 ألف جندي احتياط، وأشرك في الميدان الفرقتين 162 و98 مع الإشارة إلى انضمام الفرقة 36 لاحقًا، في خطوة وُصفت بأنها "أكبر تعبئة منذ بدء الحرب".

حول ذلك يقول الدكتور رامي أبو زبيدة الباحث في الشأن الأمني والعسكري، خلال حديث لوكالة ستيب نيوز: "إسرائيل تحاول من خلال هذه العملية أن تُظهر أنها ما زالت تمتلك زمام المبادرة، وقادرة على التوغّل في قلب مدينة غزة". 

ويضيف: "في ظاهرها هي عملية عسكرية لكسر إرادة المقاومة، لكن خلف هذه الشعارات هناك أهداف أعمق أولها محاولة استعادة صورة الردع، وثانيها فرض واقع ميداني جديد يجعل غزة غير قابلة للحياة".

الأهداف الخفية: السياسة تتقدّم على الميدان

تطرح العملية أكثر من سؤال حول دوافعها الفعلية، فبينما تسوّق تل أبيب خطابًا عسكريًا، يرى محللون أن السياق السياسي لا يقل أهمية.

يوضح أبو زبيدة أن العملية "تخدم مصلحة مباشرة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إذ أن استمرار القتال يبعد عنه الضغوط المتصاعدة من المؤسسة الأمنية وعائلات الإسرائيليين الذين يطالبون بعودة الرهائن".

تقارير ميدانية أوضحت أن آلاف المباني والخيام دمّرت، فيما شهدت أحياء مثل الزيتون وصبرة وشمال وغرب مدينة غزة موجات تهجير قسري واسعة، والهدف — كما يرى باحثون — هو تفريغ القطاع من سكانه تدريجيًا عبر الضغط العسكري والإنساني المتواصل .

الميدان المعقّد: بين القوة النارية والبيئة الحضرية

تستند الاستراتيجية الإسرائيلية إلى قصف جوي مكثف يسبق التوغل البري، لكن المعركة الحقيقية تقع في شوارع مكتظة وأزقة ضيقة وأنفاق ممتدة تحت الأرض.

يشير أبو زبيدة إلى أن "البيئة الحضرية تجعل أي عمل بري واسع محفوفًا بالمخاطر، وقد تمتد العملية إلى ثلاثة أشهر أو أكثر بسبب صعوبة التوغل في مدينة مكتظة".

ويضيف: "رغم التفاوت الكبير في القدرات العسكرية، أثبتت الفصائل الفلسطينية أنها قادرة على المناورة والاستنزاف. من حرب الشوارع إلى استخدام شبكة الأنفاق، ومن التمويه إلى المباغتة، كلها أدوات منحت الفصائل أفضلية نسبية في مواجهة جيش مدجج بالتقنية".

التقارير الإسرائيلية نفسها اعترفت بأن بعض الوحدات اضطرت لإعادة التموضع والانسحاب بعد أيام من الاشتباكات، وهو ما يُظهر تحدي الاستمرارية الميدانية.

استراتيجية التدمير البطيء

تقول تقارير صحفية غربية إن إسرائيل تجمع بين "تدمير واسع النطاق للأحياء والمراكز المدنية" وبين "توغل بري حذر وبطيء" لتقليل خسائرها البشرية. هذا النمط جعل العملية تبدو كأنها حرب استنزاف طويلة، هدفها ليس الحسم السريع بل إطالة النزيف وإرغام السكان على النزوح.

وفي هذا السياق، يشير أبو زبيدة: "أي تحرك عسكري ليس مجرد عملية محدودة، بل حماية لمصالح الاحتلال السياسية. الهدف الواضح هو إطالة أمد الحرب وإبقاء نتنياهو وحكومته في موقع النجاة السياسية".

التداعيات الإنسانية: نزوح واسع ودمار شامل

التقارير الأممية حذّرت من "كارثة إنسانية متصاعدة" في القطاع، حيث اضطر مئات آلاف الفلسطينيين للنزوح من مناطقهم، في ظل استهداف متكرر لمراكز الإيواء وقطع الاتصالات.

كما أن أكثر من 3600 بناية وبرج تدمّرت بشكل كلي أو جزئي، فيما دُمرت آلاف الخيام، وهو ما يجعل مساحات واسعة من غزة غير صالحة للسكن.

من جهتها المنظمات الدولية ترى أن ما يجري يهدد حياة السكان بمجاعة وأوبئة نتيجة نقص الغذاء والدواء والمياه.

التداعيات السياسية: الداخل الإسرائيلي والخارج

استمرار العملية يعكس تناقضًا بين الرغبة في تحقيق "صورة النصر" والخوف من الكلفة البشرية والسياسية، وهذا التناقض أدى — بحسب محللين — إلى اعتماد بدائل تقوم على "سياسة الإبادة والضغط النفسي على سكان غزة"، وهو ما وصفه أبو زبيدة بأنه "انعكاس مباشر لمأزق عميق يعاني منه الاحتلال".

كما أن العملية ترافقت مع موجة إدانات دولية واتهامات حقوقية بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، وضغوط متزايدة في المحافل الأممية، في المقابل، ترى الحكومة الإسرائيلية أن الاستمرار بالهجوم ضرورة لحماية "أمنها القومي"، لكنها تجد نفسها أمام معضلة دبلوماسية متزايدة.

المقاومة بعد عامين من الحرب: القدرة على الصمود

رغم محدودية الموارد، يرى أبو زبيدة أن الفصائل الفلسطينية أثبتت قدرتها على الصمود.

ويقول: "المقاومة ما زالت لديها القدرة على المناورة والتكيف مع بيئة القتال. صحيح أنها بلا غطاء جوي ولا خطوط إمداد مفتوحة، لكنها نجحت في تحويل كل شارع إلى ميدان مواجهة، وكل مبنى إلى نقطة اشتباك. وهذا جوهر معادلة الاستنزاف: القوة النارية مهما بلغت لا تساوي النصر في بيئة حضرية معقدة".

وهذه القدرة على الصمود — رغم الخسائر الكبيرة — تجعل أي حسم عسكري سريع أمرًا بعيد المنال، وتفتح الباب أمام حرب طويلة الأمد بنتائج غير محسومة.

حرب بلا نهاية قريبة

تكشف عملية "عربات جدعون 2" عن تداخل الأهداف العسكرية بالسياسية، وعن هشاشة المعادلة التي تحاول إسرائيل فرضها على الأرض، فبينما تروّج إسرائيل لخطاب "الردع والسيطرة"، تعكس الوقائع أن البيئة الميدانية والإنسانية تجرّ الجميع إلى حرب استنزاف طويلة.

الخلاصة، كما يلخصها أبو زبيدة أنها "ظاهر العملية عسكري، لكن جوهرها سياسي واستراتيجي، هدفه إطالة النزيف في غزة وإبقاء نتنياهو في موقع النجاة السياسية".

وبينما تتواصل العمليات، تبقى غزة مسرحًا لمعركة مفتوحة لا تحسمها المدافع وحدها، بل ترتبط بمصالح سياسية داخلية، وضغوط دولية متصاعدة، وصمود بشري لا يزال يقاوم تحت الركام.

شاهد أيضاً:

المقال التالي المقال السابق
0