- ما حصل بالغوطة أمر طبيعي، عندما لا يكون هناك قراءة سياسيّة وعسكريّة وداخليّة صحيحة، فالقائد الحقيقي، عند اتخاذه أيّ قرار بالمعركة يجب أن يرتكز على أربع نقاط أساسية هي: (الموقف السياسي - الموقف العسكري - الموقف الداخلي الشعبي (الشارع) - المقدرات والإمكانيات الموجودة). وفي الغوطة كانت قراءة القادة لـ (الموقف السياسي)، خاطئة فيبدو أنّهم راهنوا على ضغط دولي على روسيا، فلو قرأوا الموقف بشكل صحيح لعلموا أنّ هناك مخطط روسي أمريكي ولن يكون ضغط.
كذلك في (الموقف العسكري)، راهن القادة على فتح جبهات تسند الغوطة، وبالتالي يخف الضغط عنهم، ولو كانت القراءة العسكرية صحيحة .. لعلموا أنّ القادة في بقية الجبهات هم أضعف من القدرة على التمرّد على الداعم وغرف الموك والموم؛ بالإضافة إلى أنّ سكّان الغوطة أنهكهم الحصار منذ سنوات، ولذلك فإنّ (الموقف الشعبي) ضعيف. أمّا المقدرات والإمكانيات، فليس هناك قدرة عسكرية بسبب الحصار .. إذاً من البداية كان القرار الصحيح هو، "عدم المواجهة" حتّى لو خسرنا الغوطة ولكن دون هذه النتائج الكارثية من دمار وقتل ألفي مدني وإصابة ستة آلاف آخرين.
برأي القرار خاطئ، لكنّه لا يقلّل من عمل الفصائل في الغوطة، أيضاً عدم الوحدة العسكرية للفصائل ووضع الإمكانيات بغرفة عمليات مشتركة، وعدم الوحدة على التفاوض هي نقطة ضعف .. فهذه النتائج هي نتيجة لغياب الضباط الفاعلين والقادرين على دراسة الموقف بشكل جيّد، وهنا مشكلتنا عندما أبعدوا ضباط الجيش الحرّ والخبرات العسكريّة، ولذلك أكرّر مطلب السماح للضباط بالعودة إلى الداخل، ورفع القيود عنهم، ويجب التمرّد على القادة الهلاميين الذين فرضتهم الأجندات الإقليمية.
- ضباط الجيش الحرّ، وأنا أحدهم كنت قائد المجلس العسكري في الساحل ثم قائد الجبهة الغربية ثمّ مستشار وزير الدفاع، حيث ارتكبت مؤامرة دوليّة وإقليمية عربيّة ضدّ الضباط، وتم إقصائهم خارج سوريا وإضعاف الجيش الحرّ بنهاية عام 2012 بعد سيطرته على مساحة 65 % من الأراضي السورية وحصار النظام داخل المدن والمربعات الأمنية واقتراب إسقاطه، وتم حينها إنشاء الرايات السوداء (داعش والنصرة) وغيرها، بالإضافة إلى أنّ القادة الحاليين لا يريدون إدخال الضباط كي لا يكشفوا حقيقتهم بأنّهم أمراء حرب. وبالتالي الضباط يحاولون إلحاق الركب بتشكيل يجمعهم، وللأسف الشديد هناك أجندات خارجية تتعامل مع قادة الداخل الذين ينفذّون ما تطلبه منهم، لذلك يُمنع الضباط من دخول سوريا، ويقتلون على الحدود إن حاولوا الدخول، حيث تم مقتل عشرات الضباط اغتيالاً في الداخل السوري.