اخبار سوريا

كيف يقرأ معارضون التقارب التركي الأمريكي وأهميته لاستحقاقات الملف السوري ؟

بعد تصاعد التوتر بين أنقرة وواشنطن وفرض عقوبات متبادلة، تعود العلاقات بين البلدين تدريجيًّا منذ تسليم الحكومة التركيّة القس الأمريكي المحتجز لديها للإدارة الأمريكية، في 12 / 10 / 2018، فيما لا يزال الجدل قائمًا حول الدعم الأمريكي لميليشيات الوحدات الكردية في سوريا التي تعتبرها تركيا خطرًا على أمنها القومي، وتأمل بوقف هذا الدعم. فكيف يقرأ معارضون سوريون التقارب التركي الأمريكي وخاصّة زيارة وفد تركي لأمريكا بدأت الأحد الفائت.

السيّد “أحمد حماد الأسعد” شيخ عشائر الجبور في جنوب الحسكة يقول لوكالة “ستيب الإخبارية”: إنَّ مصالح الدول تبقى فوق كلِّ اعتبارٍ، ولا بدَّ للتنويه أنَّ تركيا عضو في حلف الناتو الذي تقوده أمريكا والتي أمام مصالحها الاستراتيجية فلن تضحي بتركيا أمام منظمة مازالت تصنفها إرهابيّة، فواشنطن ومن خلال مسؤوليها صرّحت أنَّ مهمة قوَّات سوريا الديمقراطية التي تقودها “PYD ” هي لمحاربة تنظيم داعش فقط، مع هامش بسيط لإدارة المناطق التي تتحرر من التنظيم مدنيًّا، ولا بدَّ أن نشير إلى تحرك أمريكي داخلي وخارجي لحثّ العرب على المشاركة في إدارة المناطق المحرّرة، والتي يرفض كثير من العرب المشاركة فيها وخاصة ممن شارك في الثورة.

وأضاف “الأسعد”: ولا ننسى أنّه ما حدث في مدينة عفرين مثال على أنَّ الدول لا تُضحي بمصالحها مع مثيلاتها، وخاصّة أنَّ الـ “PKK” تُهدد مصالح أربع دول في المنطقة ومنها تركيا، فالعلاقات الأمريكيّة – التركيّة قائمة منذ نحو تسعين سنة، وهناك مصالح تجاريّة وسياسيّة واستراتيجيّة تجمعهم، وأمريكا تعرف أنَّ المنطقة يغلب عليها الطابع العربي ديموغرافيَّا، ولديها قناعة تامة بأنَّه لا يجوز تحجيم الدور العربي، لأنَّ ذلك يؤدي إلى خلق صراع قومي أو تطرف أكبر يشمل القومي والديني وخاصة مع تبنّي الـ “PKK” الفكر الماركسي والقومي كذلك.

فيما اعتبر السيّد “مصطفى سيجري” رئيس المكتب السياسي في فرقة المعتصم، أنَّ العلاقات الأمريكيّة – التركيّة أكبر وأعمق من أن تنهار، والخلافات السابقة هي “سحابة صيف”. قائلًا في حديثه لوكالة “ستيب”: إنَّ المرحلة القادمة ستشهد عودة قوّية للتعاون والتنسيق الكامل في سوريا وباقي قضايا المنطقة، بينما ستكون الميليشيات الانفصالية الخاسر الأكبر، ونظام الأسد، سيدفع الثمن، فهناك إرادة حقيقيّة وواضحة من الحلفاء في أنقرة لتصفير المشاكل مع واشنطن، والأخيرة تُبادل بالمثل، مما يُعد بوابة إنهاء الخلافات في سوريا، وهذا سينعكس بشكل إيجابي على الواقع الميداني والسيطرة الجغرافية، والسيّد جيمس جيفري المبعوث الخاص إلى سوريا وفريقه هم صقور حقيقيون في مواجهة إيران وروسيا في الأيام القادمة.

وبدوره، أعرب المعارض السياسي “سمير نشار” لوكالة “ستيب” عن اعتقاده بأنَّ هناك جهود تُبذل من البلدين للوصول إلى تفاهمات مشتركة، وسياسة موحّدة تجاه الاستحقاقات المتعلّقة بالملف السوري التي لها الأولويّة على قضايا إشكالية أخرى بين البلدين، وهذه ليست المرّة الأولى التي تُبذل بين الطرفين بهذا الخصوص، لكن ممكن اعتبارها الأكثر جديّة وإلحاحًا خاصّة فيما يتعلّق بهذه الاستحقاقات التي أهمها:

• إزالة هواجس تركيا من منطقة شرق الفرات التي تقع تحت سيطرة وحدات الحماية الكردية المدعومة أمريكيًا لمحاربة داعش، ولصناعة الولايات المتحدة أنّها الشريك المحلّي للتحالف الدولي في قتال داعش، على العكس تمامًا من موقف تركيا منها، والتي تعتبرها منظمة إرهابية لارتباطها بالـ “PKK”.
• الأمر الثاني، هو المتعلّق بطبيعة الحلّ السياسي في سوريا، وتشكيل اللجنة الدستوريّة التي باتت تُعاني من حالة استعصاء نتيجة تضارب المواقف الإقليميّة من حيث تشكيلها، أو أعضائها ووظيفتها، أو مكان اجتماعها، أو الجهة المشرفة عليها.
• الأمر الثالث هو الوضع في إدلب ومحاولة إيجاد تفاهم مشترك تجاه محاولات محور روسيا وإيران والنظام استعادة إدلب، وهنا تُحاول أمريكا دعم الموقف التركي بضرورة إبقاء الوضع الراهن على حاله لحين إيجاد حلّ سياسي شامل استنادًا للقرارات الدوليّة، وبعد تشكيل اللجنة الدستوريّة، وهذا ما ترفضه دول المحور الآخر.

وختم “نشار” حديثه بالقول: إنَّ السؤال الذي يبحث عن إجابة هل ينجح الطرفان في إيجاد قواسم مشتركة في كيفية معالجة الوضع في شرق الفرات يكون مرضيًّا لتركيا بالدرجة الأولى، فإذا نجحت المحاولة الأمريكيّة في ذلك يكون الطريق ممهدًا أمام التحدّي، أو الاستحقاق الثاني بالتوافق بين أمريكا وتركيا في إيجاد قواسم مشتركة سواء تجاه تشكيل اللجنة الدستوريّة، ومن ثم التوصّل لتفاهم حول طريقة التعاطي مع معالجة الوضع في إدلب، وسط مؤشرات ميدانيّة باحتمال انهياره. لذلك عقدت محادثات مكثّفة بين وزيري الخارجية الأمريكية والتركية، في واشنطن أول أمس الثلاثاء، في محاولة ربما تكون الأخيرة لإيجاد حلّ لمشكلة شرق الفرات، بالتزامن مع محادثات جرت في إسطنبول بين بوتين وأردوغان للنظر في كيفيّة معالجة وتطبيق اتفاق المنطقة العازلة في سوتشي الذي يتعرّض لتحديات تُعيق تنفيذه.

22112018 3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى