كتب الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، قبل شهر من وفاته في أبريل 1994، رسالة إلى الرئيس آنذاك بيل كلينتون يعرض فيها ما سمّاه الأخير فيما بعد “المشورة الحكيمة”، خاصة فيما يتعلق بروسيا حيث تم الآن رفع السرية عن محتوياتها.

رسالة نيكسون إلى كلينتون

بحسب ما أوردته وسائل إعلام أمريكية، قدم نيكسون في رسالته -التي وصفتها بـ”المدهشة”- تقييماً صريحاً للوضع السياسي في روسيا، وتوقع بدقة أن العلاقات بين موسكو وكييف ستتدهور، وأن شخصاً مثل بوتين يمكن أن يصل إلى السلطة.

وكتب نيكسون، الرسالة بعد عودته من رحلة استغرقت أسبوعين إلى روسيا وأوكرانيا.

في رسالته، اعتبر نيكسون بقاء الحرية السياسية والاقتصادية في روسيا “أهم قضية في السياسة الخارجية ستواجهها الأمة في ميزان هذا القرن”، وأخبر كلينتـون أنه بناءً على ما رآه في روسيا، كانت الديمقراطية الوليدة في عهد الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين “في خطر”.

وأضاف: “كواحد من أوائل مؤيدي يلتسين في هذا البلد وكواحد لا يزال معجباً به لقيادته في الماضي، فقد خلصت على مضض إلى أن وضعه تدهور سريعاً منذ انتخابات ديسمبر، وأن أيام قيادته التي لا جدال فيها لروسيا باتت معدودة”.

وزاد: “نوباته في الشرب أطول وفترات الاكتئاب التي يمر بها أكثر توتراً وأكثر إزعاجاً. أنه لم يعد قادراً على الوفاء بالتزاماته تجاهكم وتجاه القادة الغربيين الآخرين في بيئة معادية لأمريكا بشكل متزايد في الدوما وفي البلاد”.

ماذا توقع نيكسون في رسالته لـ كلينتون؟

توقع نيكسون أن العلاقات بين روسيا وأوكرانيا تنهار ووصف الوضع في أوكرانيا بأنه “شديد الانفجار”.

وقال لكلينتـون: “إذا سمح لهذه العلاقة بالخروج عن السيطرة، فإن ذلك سيجعل أحداث البوسنة تبدو وكأنها حفلة بسيطة”.

ونصحه بتعزيز التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في كييف، وروى محادثات مع رجال الأعمال الأمريكيين الذين اشتكوا من أن السفارة تعاني من نقص في الموظفين وقيادة غير كافية”.

كما حثّ نيكسون كلينتـون على تطوير العلاقات مع خلفاء يلتسين المحتملين.

وقال: “لقد أخطأ بوش في التمسك بغورباتشوف لفترة طويلة بسبب علاقته الشخصية الوثيقة. يجب أن تتجنب ارتكاب نفس الخطأ في علاقتك الشخصية الجيدة للغاية مع يلتسين”.

ولم يكن نيكسون متأكداً من الذي سيرتقي إلى السلطة بعد ذلك، ولكنه كتب: “لا يوجد حتى الآن أحد في صف يلتسين كزعيم محتمل في روسيا”.

لكنه أبلغ كلينتون أن المد القومي والشعبوي في روسيا يمكن أن ينتج “مرشحاً ذا مصداقية للرئاسة”، وبعد هذه الرسالة بخمس سنوات فقط سيطر بوتين على روسيا.

ويعرف الرئيس الراحل نيكسون بأنه مهندس الانفراجة مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.

وفي عام 1972، أصبح نيكسون أول رئيس أمريكي يزور موسكو، حيث وقع معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية ومعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية مع الأمين العام للاتحاد السوفيتي ليونيد بريجنيف.

وأمضى السنوات التي أعقبت رئاسته في القيام برحلات خارجية نيابة عن الولايات المتحدة وتقديم المشورة بناءً على عقود من الخبرة لتوجيه سياسة الولايات المتحدة في حقبة ما بعد الحرب الباردة.