حورات خاصة

هل ستقدم تركيا تنازلات لأمريكا مقابل عدم اعتراف بايدن بـ”الإبادة الأرمنية”.. وكيف سيؤثر التوصيف على علاقة البلدين؟

ينتظر الأرمن والأتراك الساعات القليلة القادمة، ما سيقوله الرئيس الأمريكي في بيانٍ رسمي سيصدره البيت الأبيض؛ وذلك بعد أن كشفت مصادر أمريكية رسمية عن نيّة بايدن بوصف المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن قبل 106 سنوات بـ”الإبادة الأرمنية“، وهو ما تعارضه أنقرة بشدة.

ورغم تأكيد الأطراف الأمريكية بأن الرئيس الأمريكي سيعترف بأن ما حدث “إبادة جماعية”، إلا أن اتصال بايدن بنظيره التركي أردوغان لأول مرّة منذ توليه المنصب وغداة الذكرى الأرمنية، جعل الاحتمالات والتوقعات تتأرجح بين أن يصف الأحداث بـ “الإبادة الأرمنية” أو أن يخفف الوصف.

ومن المرجح أن يؤدي الوصف إلى مزيد من التوتر بين واشنطن وأنقرة، رغم عدم وجود بوادر مبشرة سابقاً، ولكن هل سيغير الاتصال الهاتفي بين الطرفين المعادلة وما الذي طلبه بايدن من أردوغان مقابلاً لذلك، وكيف سيؤثر التوصيف على علاقات البلدين وبين أعضاء الكونغرس الأمريكي نفسه وأبرز تداعياته، للإجابة على هذه الأسئلة حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” كل من المحلل السياسي والعضو البارز بالحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، والمحلل السياسي التركي باكير اتاجان.

هل ستقدم تركيا تنازلات لأمريكا مقابل عدم اعتراف بايدن بـ"الإبادة الأرمنية".. وكيف سيؤثر التوصيف على علاقة البلدين؟
هل ستقدم تركيا تنازلات لأمريكا مقابل عدم اعتراف بايدن بـ”الإبادة الأرمنية”.. وكيف سيؤثر التوصيف على علاقة البلدين؟

الخلافات الأمريكية التركية

يقول العضو البارز في الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إنَّ أسباب الخلافات بين أنقرة وواشنطن معروفة “تبدأ أولاً بإحدى أكبر المشاكل وهي صفقة الصواريخ الروسية المتمثلة بمنظومة الدفاع الجوية (S400)، والمسألة الثانية هي مسألة تدخل تركيا في سوريا ومحاولة تصنيف الأكراد الذين دعموا الولايات المتحدة الأمريكية في حربهم ضد تنظيم داعش على أنهم جماعة إرهابية، ووضع الأكراد كلهم في بوتقة واحدة”.

ويُضيف: “والمسألة الثالثة هي اقتراب تركيا مع كثير ممن يعتبرون غير حلفاء مع الولايات المتحدة وتدخلها في شؤون ليست من شأنها، والأهم من كل هذا هو تهديد المجتمع الدولي وتهديد الدول الأوروبية باللاجئين السوريين، بالإضافة إلى أن تركيا تحاول دائماً إدخال قضية فتح الله غولن على أنه متسبب بمشاكل في تركيا، ولم يثبت لدينا بأي نوع من الأدلة تدخل غولن وجماعته بشيء، بل على العكس كان لهم دور إيجابي في المجتمع المسلم داخل أمريكا”.

هل سيصفها بايدن بـ” الإبادة الأرمنية “؟

المحلل السياسي الأمريكي يوضح أن “تركيا تحاول عدم الخضوع لهذا التعريف (وصف الإبادة الأرمنية) أو عدم الاعتراف بالخطأ في هذه المجزرة”، مضيفاً “أعتقد قد تحدث فترة توتر أخرى بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، كما لا أعتقد أن تركيا ستعترف بأن هذه كانت إبادة جماعية للأرمن، ولكن هذا الأمر سيتخطاه كلا البلدين، لأن هناك قضايا معلقة كثيرة بين الطرفين”.

ويتابع القول: “والمسألة أعتقد ليست اعترافاً إنما هي توصيف ما حدث على أنه إبادة جماعية، وقد يكون هناك توصيف آخر للإدارة الأمريكية أو تخفيف في حِدّة هذا التوصيف”، قائلاً: “أعتقد اليوم سيقوم بايدن بهذا التوصيف كما أعتقد أن هناك ضغوط من اللوبي الأرمني داخل الولايات المتحدة الأمريكية على مدار سنوات طويلة”.

كيف سيتعامل أعضاء الكونغرس الأمريكي مع توصيف بايدن؟

يرى عفيفي أن الخلافات دائماً تكون موجودة نوعاً ما، قائلاً: “لو أشار الرئيس الأمريكي إلى أن ما حدث للأرمن بطبيعة الإشارة سيكون هناك ردّة فعل سواء أكان التوصيف إبادة جماعية أو عبارة عن جريمة أخلاقية أو ما إلى ذلك. سيكون هناك ردّ وخلافات بين أعضاء الكونغرس”.

ويواصل حديثه: “الجمهوريون بشكل عام يحاولون التشكيك أو الاعتراض على أي شيء يقوم به الرئيس بايدن، لأن المسألة مسألة داخلية سياسية وليس بسبب التوصيف أو عدمه؛ لذلك أعتقد إقران ما يحدث بين الداخل الأمريكي أو بين الفرقاء سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين ليس من الواقع أن يؤثر على القضية نفسها، ولكن هذه سياسات داخلية ويختلف الجمهوريون مع الرئيس الديمقراطي في الكثير من الأمور حتى تلك التي لها علاقة بالولايات المتحدة الأمريكية نفسها”.

هل ستقدم تركيا تنازلات لأمريكا!

إذا قامت الولايات المتحدة بتصنيف ما حدث على أنه إبادة، قد يكون هناك مجموعة من الأشياء، منها محاولة لرفع قضايا للمطالبة بتعويضات وهذا دائماً ما تحاول الكثير من المجموعات فعله بهذا الشأن، كما تحاول أن تكون هناك مجموعة من التنازلات ونوع من الضغوط على تركيا، يقولها عفيفي.

ويضيف: “أعتقد أن الرئيس بايدن إذا ذكر السبت أن ما حدث للأرمن كان جريمة حرب أو إبادة جماعية أو أي شيء من هذا القبيل، قد تكون هناك ردود فعل من تركيا. العلاقات في الأساس ليست بالحميمة للتخوف من أن تسوء أكثر من هذا، لكن الولايات المتحدة الأمريكية إذا فرضت عقوبات جديدة على تركيا، وتركيا يمكن أن تحاول أن تتدخل مع الوسطاء من الدول الأوروبية لتحسين الصورة مع واشنطن أو حتى لو حاولت تركيا مثلما حدث من قبل فرض عقوبات مقابلة لا يمكن أن تؤثر على الولايات المتحدة”.

وختم عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، قوله: “الاقتصاد التركي ليس في أحسن أحواله، وأعتقد أن الأطراف سيكونون حذرين فيما يقومون به مع الولايات المتحدة الأمريكية لأنه قد يؤدي إلى ضغوط قوية عليهم”.

كيف يرى الجانب التركي وصف بايدن حول ” الإبادة الأرمنية “؟

إلى ذلك، يقول المحلل السياسي التركي، باكير اتاجان، في حديثٍ لستيب: ” ادّعت الولايات المتحدة الأمريكية وما زالت تدّعي عبر نظامها الجديد أنها تقف إلى جانب حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، غير أنها تكرر اتهاماتها لدول عديدة وعلى رأسها تركيا، من دون أن تستند إلى حقائق، بأنها لا تلتزم بالمواثيق الدولية”.

ويضيف: “على الولايات المتحدة أن تنظر إلى المرآة أولًا، لتعرف ماذا فعلت بحق الهنود الحمر من جرائم وانتهاكات وإبادة جماعية، ولتعرف ماذا تفعل الآن من عنصرية وفاشية ضد السود في أمريكا نفسها”، متابعاً “يخرج المسؤولون الأمريكيون وأذنابهم في العالم على وسائل الإعلام من دون خجل ويتبجحون باتهام تركيا بأنها قامت بمجازر قبل مئة عام، لكن هذه الاتهامات لا تستند إلى حقائق، وإن هذه الاتهامات غطاء لما تقوم بها أمريكا من وحشية ضد الإنسانية في كثير من الأماكن (العراق، أفغانستان، الصومال…)”.

مضمون اتصال بايدن و أردوغان

وحول الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الأمريكي والتركي يوم أمس الجمعة، قال اتاجان: “عندما خرج إلى الإعلام بأن الولايات المتحدة سوف تعلن عن المجازر بأنها إبادة، علماً بأن الذين قتلوا على يد الأرمن 1915 وما بعدها 90% منهم من الأصول الكوردية، ولكن للأسف الشديد حتى الأكراد يستخدمون من قبل الإدارة الأمريكية حتى اليوم مع أنه يجب أن يكون الكورد ضد هذه القرارات لأن الذين أبيدوا أكراد وليسوا أرمن”.

وتابع القول: “وبعد أن وجد ردود الأفعال التركية عقب نشر الإعلام الأمريكي الخبر، اتصل ليطلب تنازلات وبناءً على التنازلات القرار سيخرج أو يدعي مصطلح أقل تأثيراً من مصطلح (إبادة)، ولكن يجب أن تعرف الولايات المتحدة الأمريكية أنه لا توجد تنازلات مهما كانت الأسباب”.

مئة ملف من الخلافات بين أنقرة وواشنطن

المحلل السياسي التركي، يقول إنَّ العلاقات التركية الأمريكية منذ 30 عاماً ماضياً، يشوبها خلافات في ملفات تصل إلى مجموعة 100 ملف، منها منظومة الصواريخ الروسية (S400) و F35 ودعم الولايات المتحدة لجماعة غولن وحزب العمال الكوردستاني ورديفها البيدا.

ويواصل كلامه: “كل هذه الخلافات تؤثر بشكل مباشر على العلاقات بين البلدين؛ وكذلك الدعم الكامل لليونان في شرق المتوسط وهنا وضعوا الملح على الجرح”.

ويعتقد اتاجان أنه يمكن تحسين العلاقات بين الطرفين، ولكن ليس من الممكن أن تتخلى أمريكا عن تركيا في الوقت الحالي لا سيّما في ظل التطورات التي يشهدها البحر الأسود وآسيا والصين واليابان والتايوان بما فيها الشرق الأوسط، قائلاً: “أصبحت واشنطن بحاجة إلى حليف ك تركيا، ولكن في نفس الوقت تركيا أيضاً لا تريد التخلي عن الولايات المتحدة في الوقت الراهن من الخلافات الكبيرة والتي غير ممكن استمرارها على هذا الشكل، وهذا يعني بأن العلاقة سوف تستمر بين الطرفين بشكل يرضي الطرفين مؤقتاً”.

حاورتهما: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى