حورات خاصة

مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل غزة.. شرط واحد للفصائل وخط أحمر إسرائيلي

يجري وفد مصري جولات مكوكية بين فلسطين وإسرائيل لصياغة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تزامناً مع اتصالات أمريكية وأوروبية مكثّفة للضغط من أجل إنهاء الصراع.

وبالوقت الذي تحاول إسرائيل فرض اتفاق وقف إطلاق النار بشكل طويل الأمد تريد الفصائل الفلسطينية في غزة فرض معادلة جديدة على ميزان التفاوض لا سيما بعد إظهار قدرات عسكرية وصاروخية غير مسبوقة.

وللحديث حول تفاصيل المفاوضات الجارية للوفود بين الطرفين التقت “وكالة ستيب الإخبارية”، المسؤول والدبلوماسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، حسن كعيبة، والدكتور بالعلاقات الدولية الفلسطيني، خالد هنية.

 

أمريكا أعطت إسرائيل الضوء الأخضر

قبل أيام أكد وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت مبعوثها هادي عمرو، وهو يعمل لإيجاد حل للصراع الحالي، تلي ذلك اتصالات من الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس.

يقول الدبلوماسي الإسرائيلي حسن كعيبة: “هناك اتصالات مكثفة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية، غابي أشكنازي، والرئيس الأميركي جو بايدن، مع وزير خارجيته، أنتوني بلينكن، وهناك وساطة أمريكية، إلا أنّها تتضمن ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل من أجل الدفاع عن نفسها، ولا يوجد أي موعد محدد لإنهاء العملية العسكرية في غزة إذا بقيت حماس تطلق الصواريخ على مدن وقرى إسرائيلية”.

ويؤكد “كعيبة” أن من بدأ بالعملية العسكرية وإطلاق الصواريخ بحجّة الدفاع عن الأقصى والقدس الشرقية هي حركة حماس، وهي من ستدفع الثمن لذلك.

ويضيف: لا يوجد حتى الآن أي بنود مطروحة من أجل اتفاق وقف إطلاق النار مع فصائل غزة، وسبق وأن دخلنا بذات دائرة العنف مع فصائل غزة، إلا أنّ هذه المرة ستختلف لأن إسرائيل ستحدد موعد وقف إطلاق النار وستفرض وقفاً طويل الأمد.

 

خط أحمر إسرائيلي

خلال العملية العسكرية المستمرة وصلت صواريخ الفصائل الفلسطينية لأكثر من 70 كيلومتر متجاوزةً تل أبيب، وسقطت العديد منها بالعاصمة الاقتصادية لإسرائيل.

يقول الدبلوماسي الإسرائيلي: تواصل حماس إطلاق الصواريخ من غزة باتجاه مدن إسرائيل وحتى وصلت إلى تل أبيب وهي خط أحمر بالنسبة لإسرائيل، ولدينا خسائر مدنية سقطوا وأضرار كبيرة في البنية التحتية للمدن والمناطق المستهدفة.

ويضيف: حماس تسيطر على نحو 2 مليون فلسطيني وتستغل الأموال التي تصل من دول عربية وأوروبية لتحسين الأوضاع المدنية من أجل إقامة بنى تحتية وحفر أنفاق وتجهيز دفاعات عسكرية وصواريخ.

ويشير إلى أن الضربات الإسرائيلية العسكرية كانت دقيقة وتستهدف العسكريين من حماس وليس المدنيين، لكن سقوط قتلى من المدنيين في غزة لأن حماس جعلت منهم دروعاً بشرية تحتمي فيهم، حسب وصفه.

 

بوادر إسرائيلية

يؤكد حسن كعيبة بأن إسرائيل قدمت بوادر إيجابية تجاه الفلسطينيين، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي عمل على تهدئة الأجواء بين الطرفين خلال الآونة الأخيرة قبل اندلاع المواجهات.

يقول: نتنياهو قبل بدء الأحداث الأخيرة وإطلاق الصواريخ عمل على تهدئة الوضع على كلا الجانبين، ومن بين أبرز قراراته تأجيل قرار المحكمة العليا في القدس حول منازل حي الشيخ جراح، وفي يوم العيد منع نتنياهو المصلين اليهود من الوصول إلى ساحات المسجد الأقصى، وذلك لمنع توتر الوضع، إلا أنّ حماس وجدت حجّة في الدين والدفاع عن القدس والمقدسيين وبدأت بإطلاق الصواريخ وهي تتحمل المسؤولية.

ويضيف: إسرائيل سمحت بإدخال مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة من وقود ومواد غذائية وسمحت بتصليح الكهرباء، ونذكر هنا أن أكثر من 10 بالمئة من صواريخ فصائل غزة سقطت على حارات غزة وسببت أضراراً.

 

شرط واحد للفصائل في ملف وقف إطلاق النار

على الطرف المقابل تعتبر الفصائل الفلسطينية أنها فرضت معادلة جديدة، وغيرت الصورة التقليدية لميزان القوة على الأرض بعد أن كشفت عن صواريخ متطورة عن سابقاتها واستهدفت مناطق لم يسبق أن تعرضت لتهديد أمني داخل إسرائيل.

يقول الدكتور الفلسطيني المختص بالعلاقات الدولية، خالد هنية: بات واضحاً أن فصائل المقاومة الفلسطينية تركز على بند واحد في ملف وقف إطلاق النار وشرط وحيد هو كف العدوان على القدس والاعتداء على المقدسات، إضافة لوقف التهجير من حي الشيخ جراح.

ويضيف: هناك عدة أطراف تلعب للوساطة بهذا الملف وهي أمريكا وأوروبا ومصر وقطر وتركيا، إلا أنّ الفاعل الرئيسي هم مصر وقطر، ويحاول الوفد الأمني المصري صياغة مسودة من أجل اتفاق وقف إطلاق النار طويل الأمد بضغط أمريكي، إلا أنّ المبدأ لا زال مرفوض لأن إسرائيل لا تريد أن تخرج باتفاق يهشّم صورتها الاستراتيجية.

 

من الخاسر ومن المنتصر؟

في الحروب عادةً لابد من وجود خاسر ومنتصر، لكن مواجهات فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل كانت دائماً تأخذ أبعاداً مختلفة، ففي كل مرّة يؤكد الفصائل انتصارها عند توقيع وفرض إيقاف إطلاق النار، بينما ترى إسرائيل كذلك أنها منتصرة بإيقاع خسائر عسكرية وبشرية.

يقول الدكتور خالد هنية: الخاسر الأكبر من هذه المعركة هي إسرائيل على مستوى البنيان والعمران، بينما الشعب الفلسطيني يعيش منذ عام 1948 على هذا المنهج، ومن مشاهد خسارة الاحتلال هو تكاتف المجتمع الفلسطيني حتى داخل الأراضي المحتلة وسقوط حلم أن يصبح الفلسطيني متعايشاً مع الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل.

ويضيف: الفصائل الفلسطينية فاجأت الجيش الإسرائيلي بكثافة النيران العالية رغم تقديرهم لإمكانات تلك الفصائل، ولا تزال الفصائل تحتفظ بعنصر المفاجأة، لا سيما بعد أن أوقفت الحركة في تل أبيب وحركة الملاحة الجوية وانزلوا المواطنين للملاجئ وهي باتت فرض لمعادلة جديدة.

ويتابع: إضافة لخفض “الغيمة الاستراتيجية الإسرائيلية”، أي أن الصورة الذهنية عن إسرائيل في محيطها سواء لدى الحلفاء التقليديين أو الجدد ستتغير، لا سيما بعد أن كان نتنياهو يتحرك في المنطقة وكأنه عرّاب الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط.

ويؤكد “هنية” أن قدرة حماس والجهاد الإسلامي تطورت، وكان لإيران دور بارز بالدعم التقني والعسكري اللامحدود، إضافة لدور من دول أخرى على الجانب المالي، وهذه الجولة رممت صورة المقاومة لدى الناس، وصورة حماس الحاكمة لقطاع غزة، رغم مراهنة إسرائيل على الأزمات الاجتماعية في غزة التي أثقلت كاهل الناس.

 

تثبيت قاعدة الاشتباك على القدس

جاءت العديد من الدعوات الدولية بالتزامن مع الجولات الأمريكية والمصرية من أجل توقيع وقف إطلاق النار، بهدف عقد جلسات تفاوض لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويرى الدكتور خالد حول دعوات روسيا وأوروبا لعقد لقاءات تفاوضية، بأن روسيا وأوروبا متضررين أمنياً واستراتيجياً من الصراع في الشرق الأوسط لا سيما في فلسطين، وبالتالي فإن سيناريو طرح هدنة طويلة هو الوارد.

ويقول: شرارة المعركة انطلقت من القدس، والمتغير الجديد كان تثبيت قاعدة الاشتباك على القدس، وغالباً ولفترة قادمة لن يكون هناك أنشطة دينية يهودية أو المستوطنين في القدس، أما الصراع في القدس فسيتطور بعده الإيدلوجي لا سيما أن عملية بناء الهيكل المزعوم في مرحلته الأخيرة.

ويضيف: إضافة إلى اليمين المتطرف الإسرائيلي والحاخامات يذهبون إلى التشدد لرفض منعهم من أداء الطقوس الدينية، لذلك ستعمل إسرائيل على تخفيف من الإشكالات والاعتداءات في القدس لكنها لن تختفي، مما قد يعيد موجات المواجهة العسكرية من جديد، نتيجة المعادلة الجديدة التي وضعتها المقاومة الفلسطينية.

ويشير إلى أن هناك أدوار ريادية لكثير من الدول الإقليمية بهذه الحرب، والدور المصري طالما كان فاعلاً إلا أنّ هذه المرة كان فاعلاً إيجابياً ومتوازناً وحتى ميّال للطرف الفلسطيني، وكان هذا الدور نابع من تقدير صحيح، متوقعاً أن يعيد مجلس الأمن القومي المصري ترتيب أولوياته قريباً لا سيما حول القضية الفلسطينية.

ويتابع: في حسابات السياسية فشلت أي تجربة يمكن من خلالها استئصال المقاومة الفلسطينية، وعلى اعتبار أن القوى الإقليمية لا تريد لأي نموذج إسلام سياسي النجاح، فقد أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها مقاومة فلسطينية قومية بحته.

 

وإلى حين تثبيت قواعد الاشتباك الجديدة سياسياً وعسكرياً فإن كل طرف داخلي أو إقليمي سيعمل على ترطيب الأجواء منعاً للتصعيد، لا سيما أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي جاء بوقت تتجه فيه الدول الإقليمية لتقاربات جديدة والابتعاد عن الملفات الحساسة التي تثير موجات جدل وعنف أخرى بعد 10 سنوات من الصراعات التي اجتاحت المنطقة.

مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل غزة.. شرط واحد للفصائل وخط أحمر إسرائيلي
مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل غزة.. شرط واحد للفصائل وخط أحمر إسرائيلي

حاورهم: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى