حورات خاصة

مسلمو كشمير المنسيون يتعرضون لعملية إبادة جماعية ومخطط عمره 70 عاماً من الهندوس

برزت مجدداً على الساحة الدولية قضية إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أشرطة مصورة تظهر فظائع وانتهاكات قامت بها قوات هندية بالإقليم.

وعادت قضية كشمير إلى حلبة الصراع بين الهند وباكستان الدولتان النوويتان من جديد، حيث تتهم باكستان جارتها الهند بارتكاب مجازر وانتهاك حقوق الإنسان على أساس عرقي وديني ضد المسلمين في كشمير، بينما تزعم حكومة “دلهي” بأنها تجابه جماعات تعمل على خرق القانون.

وللحديث عن حقيقة ما يجري في كشمير تاريخياً وسياسياً وتلك الانتهاكات بحق المسلمين من أبناء الإقليم، التقت “وكالة ستيب الإخبارية”، المحلل الاستراتيجي الباكستاني، حذيفة فريد، والباحث والخبير في شؤون آسيا، سمير زعقوق.

photo 2021 10 18 20 39 42

قضية كشمير أو فلسطين الثانية

بدأت الأمور تتجه للتصعيد مطلع الشهر الجاري، بعد مقتل معلمين على يد جماعة أعلنت أنها جبهة المقاومة ضد الهند بالإقليم والتي لا يعرف أحد أعضائها وأهدافها، وعلى إثر ذلك بدأت قوات الأمن الهندية حملة اعتقالات ومداهمات طالت الآلاف من السكان، وهو ما أثار حفيظة باكستان التي اتهمت القوات الهندية بارتكاب انتهاكات.

يقول المحلل الاستراتيجي الباكستاني، حذيفة فريد: الأمور في منطقة كشمير لم تتوقف عن التوتر منذ قرابة 70 عام، وفي الآونة الأخيرة في عام 2019 فرضت السلطات الهندية هناك حظر التجول وألغت المادة 370 الخاصة بالحكم الذاتي بالإقليم، كما ألغيت المادة 35 من الدستور الهندي التي كانت تمنع غير الكشميريين من الإقامة والتملك هناك، وهذا الأمر زاد الغضب والتوتر، إلى جانب ما حدث في آسام وأعطى دفعة لإعادة طرح القضية إلى العلن من جديد.

 

ويضيف: ما يحدث في كشمير اليوم من جرائم ضد الإنسانية يفوق ما يحصل بأي منطقة من العالم، إلا أنّه لا يوجد زخم إعلامي حولها، ولا يوجد منذ 2019 أي وسيلة إعلامية يمكنها الوصول وتغطية أحداث الإقليم الدامية.

ويتابع “فريد”: في باكستان يسمون كشمير بفلسطين الثانية، حيث أن ما تقوم به الهند في كشمير هو ذات السياسة والأسلوب الذي تطبقه إسرائيل في فلسطين، حيث تجري عمليات التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي.

 

محاولة تغيير التركيبة

يؤكد الخبير الباكستاني أن الهند تعمل على تغيير تركيبة السكان في إقليم كشمير، حيث أن المسلمين هم الأكثرية إلا أنّ الهند تعمل على إسكان ملايين الهندوس هناك لحكموا المنطقة.

ويقول: قبل نحو 3 أشهر وصل عدد المهجرين من كشمير إلى نحو 800 ألف شخص، بينما تم منح إسكان إلى نحو 4 مليون هندوسي، وهو ما يبدو عملية تغيير ديمغرافي واضحة يتم الإعداد لها منذ وقت طويل، رغم أن قوانين الأمم المتحدة تنص على منع أي تغيير سكاني في المناطق المتنازع عليها.

 

ويشرح “فريد” تاريخ المشكلة عندما تم تقسيم شبه القارة الهندية حيث كانت تتكون من 360 ولاية أميرية وجرى تصويت في كل ولاية إلى دولة تريد أن تنضم، وكشمير كان هو إقليم مسلم بالأكثرية السكانية وتحكمهم الأقلية الهندوسية، وحينها قام حاكم إقليم كشمير هاري سينغ باستدعاء الجانب الهندي لفرض السيطرة، بالوقت الذي تملك باكستان أوراق وإثباتات تؤكد أن السكان طلبوا الانضمام إلى باكستان.

ويضيف: تعامل الهند مع الأقلية المسلمة في كشمير هو قديم متجذر، حيث أنه في سنة الهجرة عام 1947 إلى عام 1948 بحسب الإحصاء الرسمي فقد قتل مليون مسلم كانوا يهاجرون من الهند إلى باكستان، وقد زاد الحقد الهندوسي منذ وصول القوميين الهندوس إلى السلطة عام 2014، والذي يدعمون إيديولوجية “RSS” التي يعتقد فيها الهندوس بأنهم الأطهار وغيرهم محلل دمهم.

ويتابع: ما يجري في كشمير هو تجذر هذه الإيديولوجية بمؤسسات الدولة الهندية، فمن أصل 18 ولاية يحكمها الحزب الهندوسي الحاكم لا يوجد أي وزير مسلم، ومن أصل 10 آلاف موظف في المخابرات الهندية لا يوجد أي موظف مسلم، وهذه العقلية أصبحت سائد بكل المؤسسات الهندسية سواء الجيش أو الشرطة وحتى القضاء.

 

مجازر مسلمي كشمير

يؤكد “فريد” بأن القوات الهندية ترتكب مجازر فظيعة بحق السكان المسلمين على أساس عرقي وديني في كشمير، مشدداً على أن ذلك لم يتوقف يوماً.

ويقول: اليوم يوجد في إقليم كشمير أكثر من مليون وثلاثمئة ألف جندي هندي، بمعدل بين كل 8 من سكان كشمير يوجد جندي مدجج بالأسلحة، إضافة إلى أن هناك رقابة مشددة على السكان، وبناء على ذلك لا يتوقع ظهور جماعات مقاومة كبيرة هناك.

ويشير إلى أنّ هناك تقارير تحدثت بأن الهند قدمت دعماً لتنظيمات متشددة مثل داعش خارج أراضيها، بل أن هناك تقرير لمجلة فورن بولسي تحدث عن أن الهند هي وجه داعش الآخر، وهذه هي سياسية “دوفال” المعروفة من مؤسسها “أجدوفال” الذي يعتبر أنه “لمحاربة التنظيمات المتطرفة خارج الهند يجب دعمها هناك”.

وحول عمليات المداهمة والاعتقال الأخيرة التي أعادت المشهد إلى ليطفو على سطح الأحداث مجدداً، يتحدث الخبير الباكستاني عن أنه في عام 2019 جرت اشتباكات بين الهند وباكستان بعد عملية قامت بها الهند على الحدود، وذلك لإيجاد عذر وسبب لمهاجمة باكستان، إلا أنّ الهند حينها تفاجأت بالرد بعد إسقاط طائرتين لها، معتبراً أنّ هذه سياسة الهند منذ زمن من خلال القيام بعمليات زائفة لتبرير عمليات أخرى. 

ويتابع: المشاهد الدامية التي ظهرت للعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي من كشمير مؤخراً ليست وليدة اللحظة بل هي  شيء موجود منذ زمن طويل، ولم ينشر إلا جزء بسيط مما يجري على الأرض، وهناك فظائع لا يتصورها العقل لم يتم نشرها، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي تمنع وتحذف تلك المشاهد، وأعتقد أن مجازر الروهينغا والإيغور هي نعيم مقابل ما يجري ضد مسلمي كشمير. 

1 10 1

كيف ننقذ المسلمين في كشمير؟

يوضح حذيفة فريد بأنه يجب أن يكون هناك ضغط دولي وإسلامي على الهند على اعتبار أن الحكومة الهندية تعتبر شريك استراتيجي لمنظمة التعاون الإسلامي، ويصل حجم التجارة بينها وبين بعض الدول العربية لأكثر من 28 مليار دولار بمنتجي الرز والمجوهرات فقط، وهذا يعتبر غيض من فيض، ويمكن أن يكون أداة للضغط السياسي.

ويقول: الصراع في كشمير هو صراع عقائدي وليس سياسي، فبالتاريخ حكم المسلمون شبه القارة الهندية قرابة ألف عام، وكان الهندوس وهم أكثرية ينتظرون من الاستعمار البريطاني إعطائهم الحكم، إلا أنّ إنشاء باكستان حينها كان بمثابة الطعنة بخاصرتهم وحتى أصبحت شوكة بحلوقهم، لذلك يسعون من خلال إقليم كشمير للرد على باكستان.

ويضيف: لا تزال لدى الهندوس فكرة وحلم قيام الهند الكبرى الهندوسية والتي تضم بحسب تصورهم كل الدول من أفغانستان إلى باكستان وبنغلادش، وبورما وميانمار، وسريلانكا، والتبك وهي ما يسمونها “آهن بهارت”.

المقاومة هي الحل

من جانبه يقول الدكتور سمير زعقوق، الباحث في الشؤون الآسيوية، إن قضية كشمير غائبة فقط عن الإعلام، بفعل فاعل، فالهند تمنع وسائل الإعلام من دخول الولاية، وتحتكر الحكومة الهندية ما تريد تبليغه إلى وسائل الإعلام، طبقًا لقانون أصدرته خاص بتداول المعلومات حول كشمير، والقضية مثارة منذ العام 1947م، تظهر وتختفي إعلاميًا، حسب ما يرى الإعلام الغربي، الذي يحرك القضايا كيف شاء.

ويضيف: بعد إلغاء المادة 370 ازدادت وتيرة التوتر في الولاية، وواصلت الهند قمع المحتجين على إلغاء المادة سالفة الذكر.. وواكبت هذه الأحداث أحداث أخرى في ولاية آسام، وتوحش حركة هندوتفا الهندوسية، وقيامها بعمليات ذبح وقتل في أوساط المسلمين الهنود، من هنا كان لابد أن تطفو قضية كشمير على السطح.

ويشير إلى أنّ الحكومة الهندية تنتهج سياسة هندكة الهند، وهي تحويل كل أصحاب الديانات الأخرى إلى الهندوسية، على اعتبار أن الهند للهندوس، كما أن فرنسا للفرنساويين، وإنجلترا للإنجليز، وعليه ألغت المادة 370 الخاصة بكشمير، لتغيير التركيبة الديمغرافية للولاية، وأصدرت قانون المواطنة الهندي لعام 2019 ، وهو إجراء صدر عن البرلمان الهندي لتعديل قانون المواطنة لعام 1955 بحيث يوفر طريقًا للحصول على الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان. ولم يتم منح المسلمين مثل هذه الأهلية.

ويتابع “زعقوق”: هناك دوافع عنصرية تدفع الهند للقيام بحملتها الشرسة ضد أهالي كشمير، وزادت حدة هذه العنصرية منذ اعتلاء ناريندرا مودي، للسلطة في العام 2014، كرئيس وزراء للهند، وأن يحكم حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الهند، ومعروف أن مودي هو جندي من جنود الـ”آر إس إس” الجناح العسكري للحزب الحاكم، إذن الدافع هو الدين، فالهندوس كما أسلفنا يسعون لهندكة الهند.. وهذا يؤكد أن الهند دولة دينية بامتياز، وأما مسألة أنها أكبر ديمقراطية في العالم، فهو كلام للتسويق الإعلامي.

ويرى بأن طريقة إنقاذ الكشميريين، فهي المقاومة وإن وقف العالم كله ضدهم، واصطف بجانب الهند، معتبراً أنّه يجب عدم التعويل على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، أو حتى الاعتماد على باكستان، فلن يحرر كشمير من الهند سوى الكشميريين أنفسهم، حسب وصفه.

ويؤكد الخبير “زعقوق” بأن المقاومة ليست تنظيمات متشددة، فهي رد فعل، احتلال أرض من دولة من الدول، يقابله مقاومة، لكن تصنيفات “تنظيمات متشددة” هي اختراعات يخترعها المحتل، لكسب عطف المجتمع الدولي.

ويضيف: كما أسلفت فإن المقاومة الكشميرية تذيق، وستذيق الهندوس المر.. ذلك أنهم مؤمنون بعدالة قضيتهم.. على عكس الجنود الهندوس المتواجدين في كشمير الذين ساءت حالتهم النفسية، مما أدى إلى إطلاق المجندين النار على الضباط، وارتفاع حالات الانتحار في أوساط القوات الهندية في الولاية.

بذات الوقت يرى بأن حملات الاعتقالات في كشمير واسعة ومنتشرة، واختلاق القضايا ضد الشباب كذريعة لاعتقالهم، وبالنسبة لتشريع قوانين بهدف طرد الأقلية المسلم، كان أولها هو إلغاء المادة 370، لكن حجج وجود مسلحين ومتشددين، فالهند تمارسها عمليًا، وتقوم بقتل الشباب، بحجة أنهم مسلحون.

وتبقى قضية كشمير المغيبة عن الإعلام العالمي واحدة من أبرز القضايا للمسلمين في العالم والتي تحاول بعض الدول تسييسها على حساب دماء ملايين المسلمين بالإقليم المنسي.

مسلمو كشمير المنسيون يتعرضون لعملية إبادة جماعية ومخطط عمره 70 عاماً من الهندوس
مسلمو كشمير المنسيون يتعرضون لعملية إبادة جماعية ومخطط عمره 70 عاماً من الهندوس

حاورهم: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى