اخبار العالمسلايد رئيسي

100 يوم من الغزو الروسي لأوكرانيا غيّرت تحالفات العالم ورسمت حدوداً جديدة

مضت 100 يوم كاملة منذ انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا، تغيرت خلالها ملامح دول وحدودها، كما صعدت تحالفات وهبطت أخرى، ودخل العالم بصراعات لم يشهدها منذ الحرب العالمية الثانية، ولم تتضح ملامح سيناريو نهاية الحرب ومن الفائز بها بعد، إلا أنّ قراءةً فيما جرى خلال الأيام المئة يمكن أن توضّح معالم الطريق نحو النهاية.

عملية عسكرية محدودة أم غزو شامل

بدا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصدد إطلاق عملية عسكرية في أوكرانيا، وتحدثت تقارير استخباراتية غربية مراراً عن استعدادات الجيش الروسي للأمر، واستمر الكرملين بالنفي، حتى صباح 24 فبراير، حين أطلق الجيش الروسي طلقته الأولى وبدأ دخول أراضي أوكرانيا من عدة جهات.

وقبل أيام قليلة من العملية أعلن بوتين اعترافه باستقلال جمهوريتي دونتسيك ولوغانسك الشعبيتان المعلنتان من طرف واحد، وكانت حكومة أوكرانيا ترفض الاعتراف بهما، بينما دعمتهما روسيا بقوة.

وبعد يومين فقط من العملية التي وصفت بالمحدودة شرق أوكرانيا، واعتبرها بوتين للدفاع عن الجمهوريتين “الانفصاليتين”، أعلن في 26 فبراير توسيع نطاق العملية لتصبح غزواً كاملاً يهدف إلى إسقاط حكومة أوكرانيا ونزع سلاح جيشها.

إلا أنّ بوتين تفاجأ بما جرى، حيث كانت روسيا تتوقع عملية عسكرية سريعة تسيطر خلالها على أوكرانيا بسلاسة وتحل جيشها ويهرب رئيسها مع حكومته إلى خارج البلاد، لتنقل بعدها موسكو السلطة إلى حكومة تفصلها على مقاسها.

أما المفاجئ فكان وقوف أوروبا وأمريكا بوجه المخطط الروسي، ولو كان ذلك بشكلٍ غير مباشر، حيث بدأت الدول الغربية مد الجيش الأوكراني بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية، مما ساهم بتمكن القوات الأوكرانية من التصدي ومجاراة القوة العسكرية الروسية الكبيرة.

واستطاع الجيش الأوكراني مدعوماً من أوروبا وأمريكا منع سقوط العاصمة والمدن الكبرى ونفّذ خططاً عسكرية أذهلت روسيا، وجعلت قواتها تتخبط.

اللجوء إلى المفاوضات

أيقنت روسيا أن سقوط أوكرانيا كاملةً لن يكون بسهولة ضم شبه جزيرة القرم منها عام 2014، والذي مضى كما أرادت حينها.

ومع تدخل وانخراط المزيد من الدول والضغط الممارس على روسيا، لم تجد موسكو حلاً أفضل من اللجوء إلى التفاوض وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية معاً.

بدأت في 28 فبراير، مفاوضات بين وفدين من الطرفين، وأولى جولاتها كانت في بيلاروسيا المجاورة، واشترط بوتين الاعتراف بشبه جزيرة القرم كأرض روسية ونزع سلاح أوكرانيا و”اجتثاث النازية” فيها وضمان “وضعها الحيادي” لإنهاء الحرب. كما طالبت موسكو منذ أشهر بضمان عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي.

بالمقابل فإن الوفد الأوكراني طالب بإعادة سيطرة جيشه وحكومته على كل الأراضي بما في ذلك القرم، ووقف إطلاق النار وسحب الجيش الروسي لقواته، وتعهد بمراجعة طلب الانضمام إلى الناتو ومناقشة وضع الحياد في البلاد.

ولم تصل المفاوضات رغم مرور 100 يوم، إلى أي نتيجة حتى الآن، واستمر الشد والجذب والبحث عن نقاط مشتركة بين الطرفين.

تقدم جزئي

في شهر آذار ومع مضي أكثر من شهر على الغزو الروسي، سيطرت القوات الروسية على مدينة خيرسون وخاركيف، وزادت من حصار ماريوبول، وبدأت توجه قواتها أكثر نحو الجنوب والشرق.

وعلى إثر التقدم فرضت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية بهدف ثني الحكومة الروسية عن تقديم مزيدٍ من الدعم العسكري لقواتها والالتفاف للوضع الداخلي، حتى توقف عمليتها العسكرية.

ومع نهاية آذار أصبحت مدينة ماريوبول في عين الحدث، بعد أن تقدمت القوات الروسية فيها ودارت حرب شوارع، وحوصر الآلاف من مدنييها إلى جانب كتائب عسكرية من القوات الأوكرانية داخل مصنع للحديد في المدينة، ليصبح مصنع آزوفستال أيقونة الحرب بتلك المرحلة.

وعند اشتداد وتيرة المعركة شرقاً قرر حلف شمال الأطلسي الناتو أن يمد الجيش الأوكراني بالسلاح أكثر، في ظل تصاعد التلويح الروسي بهجوم كيميائي أو نووي.

مجزرة مروّعة في بوتشا

في بداية الشهر الثالث من الحرب، وجدت روسيا نفسها بمأزق، فخطة السيطرة السريعة على أوكرانيا فشلت، ليقرر الرئيس الروسي الاكتفاء بعملية عسكرية في الشرق فقط تهدف للسيطرة على كامل إقليم دونباس.

وهناك وبعد انسحاب القوات الروسية من محيط العاصمة كييف متوجهة إلى الشرق لتركز معاركها هناك، اكتشف الجيش الأوكراني عشرات الجثث لمدنيين، مما أثار غضباً دولياً حول الأمر، ومطالب بإجراء تحقيقات بضلوع الجيش الروسي بقضايا انتهاك حقوق الإنسان.

غرق الطراد الروسي – ضربة موجعة لروسيا

في منتصف شهر نيسان، وجهت القوات الأوكرانية ضربة موجعة لروسيا، بعد استهداف الطراد الروسي موسكفا، وإغراقه بالبحر الأسود.

وتوالت الأنباء حول سبب إغراق الطراد الروسي وعلاقة ذلك بسلاح متطور أو تدخل من قبل قوى أخرى، إلا أنّ روسيا اعترفت بالضربة.

دول أخرى مهددة بالحرب

احتدمت المعارك أكثر شرق أوكرانيا وواصلت القوات الروسية التقدم الجزئي فيها، وسط تلويح باستعداد القوات النووية لأي أمر طارئ.

وبدأ التلويح بأن الصراع يمكن أن يمتد إلى دول مجاورة، بينها السويد وفنلندا ومولدوفيا، ما فرض على الاتحاد الأوروبي والناتو إعادة ترتيب أوراقه.

وطلبت السويد وفنلندا الانضمام إلى الناتو بشكلٍ رسمي، وهو ما رفضته روسيا تماماً متحدثةً عن خيارات عسكرية للرد على وصول الناتو إلى حدودها.

وكانت روسيا ترى أن أهم أسباب حربها في أوكرانيا هو طلب حكومة أوكرانيا الانضمام إلى الناتو، مشيرةً إلى أن ذلك يعتبر خطراً يهدد أمنها.

المرحلة الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا انتهت

في 20 من أيار الفائت اعتبرت روسيا أن المرحلة الأولى من عمليتها العسكرية شارفت على الانتهاء، بعد سيطرتها على ماريوبول أول مدينة ساحلية على بحر آزوف، وبدأت تتقدم باتجاه آخر مدينتين تحت سيطرة القوات الأوكرانية وهما سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك.

إلا أنّ أهداف المرحلة الثانية لم تتضح تماماً، حيث بدأت وسائل إعلام وتقارير غربية تتحدث عن إمكانية تقسيم أوكرانيا وفصل قسمها الشرقي تماماً عنها.

كما أن بعض المناطق الانفصالية القريبة بدول مجاورة مثل إقليم ترانسنيستريا الانفصالي في مولدوفا أصبح أمام أعين القوات الروسية.

النفط الروسي

حرب أوكرانيا غيرت مفاهيم القوى والتحالفات، حيث أعادت أوروبا ترتيب أوراقها وأولوياتها، وأكد زعماء القارة أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان بمثابة ضربة الصحوة لهم، لا سيما بعد خلافات عصفت داخلياً ضمن الاتحاد وانتهت بخروج بريطانيا منه.

وعاد الأوروبيون وتوحدوا بقرار معاقبة روسيا، ولأن روسيا كانت من أكبر الدول التي تمد أوروبا بالطاقة ولا سيما الغاز، فكانت إمكانية فرض عقوبات على اقتصادها وخصوصاً قطاع الطاقة أشبه بابتلاع “السكين”.

إلا أنّ الأوروبيين عزموا على عقاب موسكو، ومع نهاية أيار الفائت قرر قادة الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم فرض حظر تدريجي يصل إلى 90 بالمئة على النفط الروسي إلى أوروبا.

وبدورها روسيا حاولت استباق العقوبات بقرارات تهدف للضغط، من خلال المطالبة بدفع ثمن الطاقة بالعملة المحلية، ليكون استفزازاً للدول الأوربية، وهو ما وافقت عليه بعض الدول ورفضته أخرى.

التلويح بالنووي والحرب العالمية الثالثة

في 26 من نيسان هدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالحرب النووية، معتبراً أنّ خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة متوفر، وفي حال اندلاعها ستكون نووية.

إلا أنّ الوزير الروسي عاد وأوضح أن روسيا لا تسعى إلى حرب نووية، أو إشعال حرب عالمية ثالثة مع أحد.

وما أن وصل التهديد وتحريك القوات الروسية النووية بأمر من الرئيس بوتين، حتى قامت بريطانيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا وجهزت قواتها كلٍ على حِدة.

تحالفات جديدة

جاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليبرز دور التحالفات العسكرية والاقتصادية، حيث تقول روسيا إنها أعادت تشكيل النظام العالمي، وأوقفت هيمنة القطب الواحد في العالم.

وبدأت الدول الكبرى تحشد القوى إلى جانبها، فأمريكا حاولت استجداء العرب إلا أنها فشلت نتيجة خلافات وسياسات إدارة بايدن المتناقضة تجاههم.

بينما روسيا اتجهت شرقاً ووطدت علاقتها بالصين والهند ودول الخليج والمغرب العربي.

دول أخرى مثل تركيا وإسرائيل حاولت إيجاد تحالفات خاصة، وبدت تريد الحياد والتوسط لحل النزاع الدولي والخروج بأقل الخسائر.

إلى أين تتجه الحرب

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الخميس، أنّ روسيا سيطرت على 20 بالمئة من الأراضي الأوكرانية، وهو أول تصريح أوكراني رسمي يتحدث عن تقدم ونسبة السيطرة الروسية.

وبذلك فإن روسيا خلال 100 يوم استطاعت السيطرة على 20 بالمئة، أي أنها لو اعتمدت على ذات الاستراتيجية فتحتاج إلى عام ونصف على الأقل لتسيطر على كامل أوكرانيا، دون الأخذ بالحسبان اختلاف المواقع وقوة تحصينها ومقاومة الجيش الأوكراني بها، كما حصل في كييف.

ويرى خبراء أنه ليس بمصلحة روسيا إطالة أمد الصراع رغم الحديث عن إمكانية ذلك، لأن الاقتصاد الروسي سيعاني من المزيد من العقوبات والضغوطات والخسائر على المدى البعيد.

وبذلك أوضح الخبراء أن روسيا تحتاج بعد السيطرة على الشرق لإعلان نصرها الجزئي واللجوء إلى المفاوضات مجدداً للخروج بأقل الخسائر.

100 يوم من الغزو الروسي لأوكرانيا غيّرت تحالفات العالم ورسمت حدوداً جديدة
100 يوم من الغزو الروسي لأوكرانيا غيّرت تحالفات العالم ورسمت حدوداً جديدة

اقرأ أيضاً : لماذا تخفي أوروبا حقيقة الحلفاء الجدد.. وإلى ماذا ترمي المحادثات السرية مع دول “خارج التوقعات”

اقرأ أيضاً : المرحلة الثانية من الغزو بدأت لتغيير الجغرافيا.. دولة جديدة ستولد بعد حرب روسيا وأوكرانيا !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى