حورات خاصة

بعد فوز أردوغان في الانتخابات التركية.. البلاد تتجاوز “سيناريو البطة العرجاء” وملفات “مهمة” تنتظره

مع انتهاء الانتخابات التركية بجولتيها الأولى والثانية، والتي شهدت تنافسًا شرسًا بين أردوغان وكيلجدار أوغلو، بدأت تركيا عهدًا جديدًا لا يتوقع أن يخلو من التحديات السياسية والاقتصادية لا سيما أن المرحلة الأخيرة بعمر الحكومة شهدت تراجعًا بقيمة العملة وتدهورًا بالاقتصاد علاوةً على كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد، وكشف خبراء سياسيون أن المرحلة القادمة في تركيا ستختلف عمّا سبقها بعدد من القضايا والملفات التي وضعت على طاولة الرئيس ليبدأ المضي بحلها والوفاء بوعوده.

 

ما حصل في الانتخابات التركية

 

ويبدأ الرئيس التركي الفائز بالانتخابات التركية ولاية تمتد لخمس سنوات، سيواجه بها ملفات داخلية تراكمت مشاكلها، وملفات خارجية معقدة تورطت ببعضها تركيا على مدى سنوات.

 

وفي حديث لوكالة “ستيب نيوز”، يقول المحلل السياسي التركي، عبد الله سليمان أوغلو: إن المنافسة في الانتخابات التركية كانت على أشدّها، حيث حشد كل فريق مناصريه وحاول جذب أصوات إضافية ممن صوت لأوغان أو من لم يصوت ابدًا ويقدر عددهم بـ 8.5 مليون، إضافة إلى استمالة ناخبي الطرف الآخر.

 

ويشرح أوغلو أن هناك عدة فئات للناخبين الأتراك؛ فئة إيديولوجية تصوت لحزبها بغض النظر عن الوعود الانتخابية للأحزاب التقليدية الجمهوري والحركة القومية والعدالة والتنمية والشعوب الديمقراطي، وفئة لا تنتمي لأي حزب تتخذ من الوضع الاقتصادي وبرامج ووعود الأحزاب مستندًا لتوجهها، وفئة مترددة تقرر في اللحظة الأخيرة بناء على تطورات الحملة الانتخابية، وفئة شابة تنتخب لأول مرة لم يكن هناك إمكانية التكهن بتوجهاتها.

 

ويضيف: بالمجمل كان هناك 3 كتل أساسية كتلة تريد التجديد للرئيس أردوغان ودعم الإنجازات وإعطاء صوتها للرئيس الحالي للمرة الأخيرة لتنفيذ وعوده في تركيا قوية ومكتفية ذاتيًا وخاصة في مجال الصناعات الدفاعية ومشاريع البنية التحتية والطاقة، وكتلة تدعم مرشح المعارضة إمّا أيديولوجيًا أو تريد التغيير أياً كان هذا التغيير، من باب لنجرب غيره، وكتلة تمثل الأحزاب الكردية التي دعمت مرشح المعارضة لتحقيق مكاسب للمناطق ذات الغالبية الكردية مثل الحكم الذاتي على غرار الإدارة الذاتية في سوريا وإلغاء تطبيق القيوم الذي يعطي للدولة حق إنهاء عمل رئيس البلدية الذي يثبت تورطه في دعم الإرهاب أو له علاقة بمنظمات إرهابية وإطلاق سراح المتورطين في الإرهاب وقادة حزب العمال الكردستاني مثل عبد الله أوجلان وصلاح الدين دميرطاش.

 

بعد فوز أردوغان في الانتخابات التركية.. البلاد تتجاوز "سيناريو البطة العرجاء" وملفات "مهمة" تنتظره
بعد فوز أردوغان في الانتخابات التركية.. البلاد تتجاوز “سيناريو البطة العرجاء” وملفات “مهمة” تنتظره

مرحلة ما بعد الانتخابات التركية

 

أما عن المرحلة القادمة، يؤكد “سليمان أوغلو” أن أردوغان يسعى في هذه المرحلة إلى قطف ثمار المشاريع الاقتصادية العملاقة في مجال الصناعات الدفاعية والطاقة والبنية التحتية والصناعة مما سيحسن من الوضع الاقتصادي على المدى المتوسط.

 

بينما أشار إلى أن سيناريو فوز كليجدار أوغلو كان يشبه “البطة العرجاء”، فلن يستطيع تمرير القوانين في البرلمان ويبقى مكبل اليدين وتدخل الحياة السياسية في استعصاء وانسداد أفق وتتسبب في أزمات وغالبًا تنتهي المرحلة بانتخابات مبكرة بعد سنتين على أبعد تقدير.

 

أما الملف الأبرز في حملات أردوغان وأوغلو كان ملف اللاجئين حيث أطلق كل منهما وعودًا فيه، ويؤكد المحلل السياسي التركي أن وعود كليجدار أوغلو بهذا الملف كانت الأكثر جدلًا حيث وعد بإرسالهم قسراُ إلى بلادهم وخلال فترة قصيرة لا تتجاوز السنة، ومع تضخيم عددهم إلى 10 مليون، وقد أكسبه هذا التغيير بعض الأصوات القومية المتشددة لكن بالمقابل أفقده بعض الأصوات المحافظة الإسلامية، ناهيك عن فقدانه بعض الأصوات من الناخبين الكرد لتحالفه مع أوميت أوزداغ.

 

تأثير التحالفات خلال الجولة الثانية

 

من جانبه يرى المحلل السياسي المختص بالشأن التركي، كاظم ياور، في حديث لوكالة ستيب نيوز، أنه منذ الجولة الأولى بقيت التحالفات على حالها، سوى بعض التغييرات أبرزها جمهور المرشح الثالث الخاسر، سنان أوغان، حيث كان قد أعلن الأخير بشكل صريح دعمه للسيد رجب طيب أردوغان، أما حزب النصر الذي يقوده أوميت أوزداغ ذهب باتجاه دعم كيلجدار أوغلو، إلا أنّ جمهور وتحالف الأجداد الذي يقوده أوغان كان صاحب الكفة الأرجح.

 

ويضيف: بعد تلك التحالفات أصبح أردوغان صاحب الحظ الأوفر في الجولة الثانية من الانتخابات التركية، مع العلم أن حزب الجمهور أو حزب العدالة والتنمية يحافظون بكل الانتخابات على معادلة صلبة تتمثل بنسبة تصويت تصل إلى 95 بالمئة، وبالتالي فإن أردوغان كان الأوفر حظاً بالفوز.

 

ويشير إلى أن المرشحين حافظا على نفس الوعود والبرامج الانتخابية الخاصة بهما، مع زيادة طفيفة تمثلت بوعد أردوغان بتحسين الوضع الاقتصادي خصوصاً في إسطنبول التي تضم أكثر من 11 مليون ناخب في الانتخابات التركية، إضافة إلى وعود تتعلق بالمناطق المتضررة من الزلزال الأخير، وهو ما يبدو أنه كان ذو تأثير.

 

مناورة كيلجدار في الانتخابات

 

ويرى “ياور” أن كيلجدار أوغلو حاول المناورة بالوعود بملف اللاجئين، حين أكد أنه سيرحّل اللاجئين خصوصاً السوريين إلى بلادهم بغضون عامين ثم عاد ليعد بترحيلهم خلال عام واحد، لكن ذلك لم يكن ذو فائدة.

 

أما بما يخص السياسية الخارجية يعتقد “ياور” أن أردوغان سيستمر بما انتهى منه من حيث سياسية توازن بين ثنائية القطب، حيث يحافظ على ألا يميل إلى أي طرف بالعديد من الملفات، ويملك علاقات قوية مع الحلف الغربي بقيادة أمريكية، والحلف الشرقي بقيادة روسيا والصين.

 

 

الملف الاقتصادي وملف اللاجئين في تركيا

 

بالنسبة للوضع الاقتصادي يتحدث الخبير السياسي أن تركيا تملك أرضية قوية رغم انحدار قيمة الليرة ومشاكل أخرى، مشيرًا إلى أنها لا تزال تعتبر من الاقتصادات القوية، ويضيف: الكل يعلم أن ما جرى كان نتيجة ضغوط من جهات عديدة بهدف تغيير سياسات الدولة بملفات معينة، واعتقد أن أردوغان سيتعامل مع تلك الملفات في الولاية الجديدة من أجل تحسين الوضع الاقتصادي.

 

ويتابع: فيما يخص ملف اللاجئين الذي كان الأكثر بروزاً بوعود أردوغان وأغلو، يملك أردوغان مشروعاً فيه من خلال اعتباره ملف تفاوضي مع أوروبا وروسيا وسوريا والدول الأخرى، أما أوغلو يرى أنه ملف داخلي حله بترحيل اللاجئين إلى بلادهم بالاتفاق مع حكومة بلادهم فقط، وهنا يكمن الاختلاف بينهما.

 

ومع فوز أردوغان بالانتخابات التركية وتجديد ولايته للمرة الثالثة على التوالي، يستعد الرئيس التركي لبدء حصد ثمار ملفات زرعها على مدار سنوات طويلة، حيث كانت تلك من أبرز وعوده مع المئوية الأولى للدولة التركية.

 

بعد فوز أردوغان في الانتخابات التركية.. البلاد تتجاوز "سيناريو البطة العرجاء" وملفات "مهمة" تنتظره
بعد فوز أردوغان في الانتخابات التركية.. البلاد تتجاوز “سيناريو البطة العرجاء” وملفات “مهمة” تنتظره

 

إعداد: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى