اخبار العالم

روابط رئيس فاغنر المتشابكة ببوتين تترك الكرملين في مأزق.. تقرير يكشف لماذا لم يتم الانتقام منه

ما تزال آثار التمرد الذي قام به قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، تلقي بظلالها على الأحداث في موسكو، خاصةً بعدما قرر بوتين، على ما يبدو معاقبته والحد من نفوذه، إلا أن تقرير صحيفة غربية رأى بأن العلاقات المتشابكة بين قائد المجموعة الروسية والرئيس بوتين وضع الكرملين في مأزق.

– روابط رئيس فاغنر المتشابكة ببوتين تترك الكرملين في مأزق

الأسبوع الجاري، سربت وسائل إعلام تابعة للكرملين صور أسلحة، ومخدرات، وسبائك ذهبية، وشعراً مستعاراً ولوحة بإطار لرؤوس مقطوعة، على المشاهدين عبر سيلٍ من الصور، التي يقولون إنها التقطت خلال مداهمة لمنزل زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين في سانت بطرسبرغ.

ولكن بحسب صحيفة “Financial Times” البريطانية، فإن محاولة تشويه سمعة بريغوجين بدت معتدلة عند مقارنتها بالانتقام الذي تعرض له غيره من معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنهم الجاسوس السابق المسموم ألكسندر ليتفينينكو والصحفية المقتولة آنا بوليتكوفسكايا، مما يشير إلى حجم التشابك والترابط بين الكرملين وبين مؤسس فاغنر وقائدها.

حيث قالت الصحيفة: إنه بالرغم من التقليل من شأن أمير الحرب على التلفزيون، يبدو أنه يسافر بحريةٍ في أنحاء روسيا بعد أسابيع من محاولته الزحف على موسكو مع مقاتليه، ما يُشير إلى أنه لا يُعامَل باعتباره العدو الأول للدولة.

وبحسب المراقبين وأعضاء في النخبة الروسية، فإنه مما لا شك فيه أن النهج المتساهل نسبياً في التعامل مع بريغوجين يعكس مدى ضعف الكرملين بعد محاولة التمرد، ويأتي نتيجةً لعلاقات الكرملين المتشعبة مع إمبراطورية فاغنر التجارية.

إذ قالت الزميلة الأقدم في مركز Carnegie Russia Eurasia Center البحثي، تاتيانا ستانوفايا: “إنه يتعرض للإذلال حالياً، لقد قرروا قتل بريغوجين السياسي لكنهم لم يقرروا بعد ما سيفعلونه ببريغوجين كرجل أعمال”.

واقترح شخص يعرف أمير الحرب منذ التسعينيات أن التساهل معه حتى ينهي أعماله التجارية غير المنجزة هو جزء من اتفاقية السلام على الأرجح، التي توصل إليها أثناء زحف دبابات فاغنر صوب موسكو في يونيو/حزيران.

وأوضح ذلك الشخص: “لا يتحرك كما يحلو له ببساطة؛ بل يبدو الأمر وكأن إمبراطوريته تتعرض للتفكيك، وهم يعدون المشهد لرحيله… وأعتقد أنه سيواجه مشكلات عندما تهدأ الأمور، ولكن من ذا الذي سيشغل باله بما سيحدث بعد أكثر من أسبوعين؟”، حسب ما نقلته الصحيفة البريطانية.

بينما صرح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بأن زعيم الميليشيا لم ينتقل إلى بيلاروسيا مع مقاتليه، كما قال الكرملين.

وفي أعقاب تمرد الـ24 من يونيو/حزيران، تم رصد طائرة بريغوجين الخاصة وهي تحلق بين موسكو وسانت بطرسبرغ، في ما نقلت بعض وسائل الإعلام المحلية أنباء مشاهدة أمير الحرب في مواقع مختلفة داخل روسيا.

وبدا أن الكرملين لا يكترث للأمر في يوم الخميس، السادس من يوليو/تموز، حيث قال إنه “ليست لديه القدرة أو الرغبة” في تعقب بريغوجين.

ويبدو أن بعض أجزاء إمبراطورية بريغوجين التجارية تواصل عملياتها كالمعتاد، مع استمرار مجموعة فاغنر في تجنيد المقاتلين الجدد مثلاً.

 

– ما هي أوراق قوته؟

بحسب موقع “Fontanka” الروسي، فإن بريغوجين تمكن من استرداد نحو 110 ملايين دولار صادرتها السلطات منه نقداً يوم التمرد.

وبدلاً من نفيه على الفور، حصل أمير الحرب على مساحة للتعامل مع إمبراطوريته التجارية في روسيا وإنهاء الأعمال غير المنجزة، وفقاً لمحللين وأعضاء في نخبة البلاد.

وخلال حديثه إلى الصحفيين في يوم الخميس، أشار لوكاشينكو إلى أن بوتين خفف حدة موقفه من بريغوجين في الأيام الأخيرة، موضحاً بالقول: “من الممكن أن تقول شيئاً أمام العالم لكنك تشعر بشعور مختلف كلياً في مكنون صدرك”.

تُعَدُّ الحكومة الروسية من أكبر عملاء إمبراطورية بريغوجين الغامضة التي تمتد أعمالها من تمويل المدارس، إلى مزارع متصيدي الإنترنت، وانتهاءً بالمرتزقة الذين يقاتلون من أجل روسيا في أوكرانيا وسوريا وإفريقيا، ولهذا فإن من مصلحة موسكو ضمان إنهاء تلك الأعمال التجارية بالشكل الصحيح، وربما مواصلتها في بعض الأماكن.

ومن المرجح أن يكون بريغوجين قد حصل على تنازلات تتجاوز حدود حرية الانتقال إلى بيلاروسيا وفقاً لعباس غالياموف، المحلل وكاتب الخطابات السابق لدى بوتين، إذ أوضح غالياموف أن زعيم المجموعة الروسية كان يتفاوض من موقع به بعض القوة في يوم التمرد.

وقال غالياموف: “لم يُهزم بريغوجين جسدياً، بل استولى على روستوف وشق طريقه نحو موسكو، وكان بإمكانه أن يحاول الاستيلاء على الكرملين، وقد وضع النظام على حافة الهاوية -ولهذا من المؤكد أنه لم يوافق على اتفاقٍ سيجعله يخسر كل شيء”.

وفي الوقت ذاته، ربما يتعامل الكرملين مع بريغوجين بحذرٍ نتيجة وعي الأول الشديد بنقاط ضعف النظام التي كشفها التمرد.

واقترح غالياموف، أن أي تحركات حادة ضد فاغنر الآن قد تؤدي إلى استفزاز المجموعة، أو تحفيز أطراف أخرى على التمرد، مضيفاً: أن “النظام في غاية الضعف الآن، وقد تكون أي خطوة فتاكة”.

وربما قوّض تمرُّد بريغوجين، ثقة العديد من النخب الروسية في بوتين، لكن أحد المسؤولين البارزين السابقين في الكرملين يرى أن الغالبية ليسوا على استعداد للتحرك ضده، حسب الصحيفة.

وأردف المسؤول: “لا يريد الناس تحمل أي مسؤولية، لأن بوتين يحتل رأس الهرم. فلماذا سيتكبد أحدهم العناء؟ إذ لن ينالهم عندها سوى قرص الأذنين”.

روابط رئيس فاغنر المتشابكة ببوتين تترك الكرملين في مأزق.. تقرير يكشف لماذا لم يتم الانتقام منه
روابط رئيس فاغنر المتشابكة ببوتين تترك الكرملين في مأزق.. تقرير يكشف لماذا لم يتم الانتقام منه

– ما هي الحلول أمام بوتين؟

رأت الصحيفة البريطانية أنه لا يزال من المرجح أن يعتمد بوتين، على علاقاته الشخصية الوثيقة بأناس يثق فيهم منذ زمن مثل بريغوجين، بدلاً من إعادة تشكيل نخبته، حتى بعد أن خاطر التمرد بإسقاط روسيا في مستنقع الفوضى، وفقاً لملياردير روسي خاضع للعقوبات.

وصرح الملياردير قائلاً: “يعتمد بوتين على العهود الشخصية غير المكتوبة، ويُمكن وصفه بأنه عطوف إلى حد ما رغم كونه من قياصرة روسيا. وهو ليس غاندي بالطبع، لكنه يعامل الناس بأسلوب شديد اللطف عند مقارنته بستالين”.

ولدى الكرملين أسبابه للتعامل بحذر مع بريغوجين بالطبع، لكن الحكومة ترى في الصور التي عرضتها على التلفزيون لعبةً عادلة من وجهة نظر المراقبين، بالتزامن مع سعيها لتدمير شعبية زعيم فاغنر.

حيث عرضت وسائل الإعلام الرسمية صوراً داخلية لمنزله المهيب، الذي يحتوي على حمام سباحة وساونا وصالة ألعاب رياضية، في محاولة واضحة لتشويه سمعة بريغوجين، كمنتقد لفساد القوات المسلحة، خاصةً وأن انتقادات بريغوجين للجيش هي التي أكسبته شعبيته في المقام الأول، حسب ما رأته الصحيفة في تقريرها.

كما عرضت وسائل الإعلام صور مكتب يعج بالتذكارات والأغراض التي يبدو أنها تكشف قسوة فاغنر، ومنها صورة لرؤوس مقطوعة في الصحراء ومطرقة (إرزبة) عملاقة.

لكن إذلال أمير الحرب علناً لن يُهدئ أولئك الذين يرون أن بوتين لم يلتزم بكلمته، حيث وعد بوتين بعقاب بريغوجين كخائن في صباح يوم التمرد، ثم سمح له بالإفلات من العقاب في المساء.

وقال مسؤول كبير سابق من روسيا: إن التناقضات الواضحة في علاقة بريغوجين بالكرملين تمثل علامة ضعف صارخة.

وأردف المسؤول السابق: “هذا مجرد عجزٍ كامل.. ليس هناك أي عمقٍ هنا.. لقد سمع الجميع بأمر تصفية بوتين لحساباته مع بريغوجين بعد أسبوع من التمرد. هذا جنون مطبق.. ولا يلاحظ بوتين أننا نتحول إلى جمهورية موز، دون أن يكون لدينا أي موز من الأساس”.

كانت الصحفية الروسية إيكاترينا فينوكوروفا عضوةً في مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة الروسية حتى نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022.

وقد كتبت إيكاترينا أن تساهل الكرملين الواضح “لا يسرني باعتباري من سكان موسكو، لقد كان بريغوجين في طريقه بالدبابات إلى مسقط رأسي قبل أسبوعٍ ونصف.. وتم إيقافه ثم إرساله إلى بيلاروسيا. فكيف أصبح مسموحاً له بالتجول في مدينتي اليوم؟ وبأي صفة؟ بصفة المنتصر أم كشخصٍ حصل على عفو؟”.

روابط رئيس فاغنر المتشابكة ببوتين تترك الكرملين في مأزق.. تقرير يكشف لماذا لم يتم الانتقام منه
روابط رئيس فاغنر المتشابكة ببوتين تترك الكرملين في مأزق.. تقرير يكشف لماذا لم يتم الانتقام منه

اقرأ أيضا:

)) بعد الإعلان عن عودة قائدهم إلى روسيا.. بيلاروسيا تفجر مفاجأة حول عناصر فاغنر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى