حورات خاصةسلايد رئيسي

خبير عسكري يكشف تكتيكات الفصائل الفلسطينية بمعركة الجنوب “الحاسمة” وكيف تستعد لخطة إغراق الأنفاق

في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، لليوم السادس والسبعين على التوالي، تقاوم الفصائل الفلسطينية بشجاعة وإبداع، رغم التفوق العسكري البالغ للجيش الإسرائيلي. وكشف خبير عسكري لوكالة ستيب نيوز عن تكتيكات “مبهرة” اتبعتها الفصائل الفلسطينية استطاعت من خلالها الاستفادة وتوظيف الظروف المحيطة.

 

معركة الحسم بغزة
معركة الحسم بغزة

الأنفاق: سلاح الفصائل الفلسطينية السري

 

أحد أهم الأسلحة التي تميز الفصائل الفلسطينية هو الأنفاق، التي تم بناؤها بصورة سرية ومعقدة، وتمتد لمئات الكيلومترات تحت الأرض.

 

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد أحمد حمادة، في حديث لوكالة ستيب نيوز: “تستخدم هذه الأنفاق لنقل الأسلحة والمقاتلين والأسرى والمواد الغذائية والطبية، وكذلك للهجوم على الجيش الإسرائيلي والمستوطنات القريبة من الحدود”.

 

ويضيف: “فشل الجيش الإسرائيلي في اكتشاف وتدمير هذه الأنفاق، رغم استخدامه للتكنولوجيا المتطورة والطائرات بدون طيار والمتفجرات القوية. وقد أثبتت الأنفاق فعاليتها في إحباط الهجوم البري الإسرائيلي، وتكبيد العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد”.

 

ومؤخراً عرض الجيش الإسرائيلي مشاهد لما قال إنه أكبر أنفاق حماس بغزة وتحدث عن شبكة معقدة ومدينة تحت الأرض، إلا أن كتائب القسام نشرت رداً قللت من الأمر وما وصلت إليه إسرائيل في إشارة إلى وجود ما هو أكبر وأضخم من ذلك النفق.

 

وحول خطة إغراق الأنفاق في غزة بمياه البحر يرى الخبير أنها حتى الآن مجرد “أمنيات”، ويقول: “حيث أن إسرائيل لا تعرف شيء عن هذه الأنفاق، فهي غير متناظرة، يمكن أن يضعوا المضخات بفتحة نفق وتكون نهايتها قرب البحر وبالتالي لم يحصل شيء، وحتى خطط الغازات السامة أو إغلاق فتحات الأنفاق بأسلحة محددة، أعتقد أن الفصائل الفلسطينية أخذت بعين الاعتبار ذلك خلال بناء هذه الشبكة الكبيرة والمعقدة والتي ليس لها مثيل في العالم”.

 

ويشير بذات الوقت إلى أن أمريكا وبريطانيا وهما دول عظمى أرسلوا طائرات التجسس منها (MQ1) وَ( shadow )، ولم تستطيعا الوصول إلى أي تصوّر عن خرائط الأنفاق التي تصل شبكتها لأكثر من 500 كيلومتر.

 

وتؤمن الأنفاق حماية لمنظومة القيادة العسكرية، وأعطت حرية حركة للمقاتلين مثل ما جرى في جباليا وفي بيت لاهيا وفي الزيتون والشجاعية، بحسب الخبير.

 

ويتابع الخبير: “في كل هذه المناطق التي كان من المفروض أن تكون أصبحت مؤمنة جيداً، إلا أن الصواريخ لا تزال تخرج منها وقربها وتضرب تل أبيب وعسقلان وغلاف غزة، إضافة إلى أنها تعتبر مستودعات أسلحة محمية، فرغم ضرب أكثر من 50 طناً من المتفجرات على غزة، لا تزال الفصائل تحافظ على قوتها وقدرتها للتصدي للهجمات بعد أكثر من 70 يوم من القتال”.

 

الأرض تقاتل مع أصحابها

يوضح الخبير العسكري أن العامل المميز للفصائل الفلسطينية هو أنهم يقاتلون على أرضهم ولقضيتهم، ويعرفون تفاصيلها وخباياها.

 

ويقول: “هذا يجعل المقاتل الفلسطيني أقوى بعشر مرات من المقاتل الإسرائيلي، الذي يدخل مكاناً لا يعرفه ولا يحبه. وهنا يوصف الأمر بأن “الأرض تقاتل مع أصحابها”.

 

ويشرح: “تستخدم الفصائل الفلسطينية تكتيكات متنوعة ومبتكرة، مثل استدراج العدو لمواقع القتل وضرب الدبابات والآليات المتقدمة باستخدام الأسلحة النوعية المتوفرة لديها والتي جهزتها مسبقاً، إضافة إلى ضرب مؤخرة العدو وتعطيل خطوط الإمداد والاتصال”.

 

ويؤكد أن الفصائل الفلسطينية أظهرت قدرة عالية على التنسيق والتعاون بينها، والتكيف مع المواقف المتغيرة.

 

“العدوان” الإسرائيلي يزيد من معاناة المدنيين

وفي مقابل هذا المقاومة، تستخدم إسرائيل سياسة الأرض المحروقة، وتقصف المناطق السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد والمزارع والمصانع والبنية التحتية، ما أدى إلى تهجير أكثر من 90% من سكان القطاع من بيوتهم، وسقوط آلاف القتلى والجرحى والمعوقين، وتدمير مئات الآلاف من المنازل والممتلكات.

 

ولكن ما مدى تأثير هذه السياسة على الأنفاق؟ يبدو أن تأثيرها جزئي ومحدود، يقول الخبير العسكري: “بالعكس تماماً، أصبحت الأنقاض المتشكلة نتيجة الدمار وسائل دفاعية يستخدمها المقاتلون لمنع تقدم الآليات العسكرية بسهولة”.

 

ويضيف: “أظهرت الفصائل الفلسطينية قدرة على الاستمرار في إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، رغم القصف العنيف على غزة”.

 

إسرائيل تفشل في تحقيق أهدافها

 

وبعد أكثر من 76 يوماً من القتال، و51 يوماً من المعركة البرية، لم تستطع إسرائيل تحقيق أي من الأهداف العسكرية التي أعلنت عنها، وهي القضاء على حماس أو إغلاق الأنفاق أو تحرير الأسرى.

 

يقول العقيد “حمادة”: “بالتالي إن الأمر يعتبر خسارة، بالرغم من التقدم البري المسنود بكثافة نيرانية من الدبابات والآليات الثقيلة والطائرات والقطع البحرية. لكن بلحظة توقف الإسناد الناري لهذه الآليات على الأرض، تصبح أهدافاً ثابتة سهلة أمام مقاتلي الفصائل الفلسطينية، وهو ما رأيناه من تسجيل خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد”.

 

وقد شهدت المعركة الجنوبية، التي اندلعت في الأيام الأخيرة من القتال، أقوى مواجهة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، حيث تمتد المساحة القتالية لعشرات الكيلومترات، وتزداد كثافة الأنفاق والكمائن. وقد تمكنت الفصائل الفلسطينية من صد الهجوم الإسرائيلي وإلحاق خسائر فادحة به، وإطلاق عشرات الصواريخ على مدينة بئر السبع ومناطق أخرى، بحسب الخبير العسكري.

 

الأسرى: ورقة ضغط على إسرائيل

وفي سياق متصل، تحتفظ الفصائل الفلسطينية بعدد من الأسرى الإسرائيليين، بينهم جنود ومستوطنون، وترفض الكشف عن مصيرهم أو مكان احتجازهم. وتعتبر الأسرى ورقة ضغط على إسرائيل، وتطالب بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية مقابلهم.

 

يقول العقيد “حمادة”: “توجد وحدة خاصة من الفصائل الفلسطينية تدعى وحدة الظل، وهي مسؤولة عن تأمين الأسرى وحمايتهم ونقلهم وإخفاء المعلومات عنهم. ولا يعلم أحد عن هذه الوحدة شيئاً، سوى قياداتها العليا. ولا يعتقد أن كل الأسرى موجودون في الأنفاق فقط، بل يمكن نقلهم فوق الأرض أيضاً بمواقع إخفاء لا يستطيع الجيش الإسرائيلي الوصول إليها بسهولة”.

 

الفصائل الفلسطينية تثبت قوتها وصمودها

وبهذا بحسب ما يؤكد الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة تثبت الفصائل الفلسطينية قوتها وصمودها في مواجهة “العدوان الإسرائيلي”، وتحقق إنجازات عسكرية ملحوظة، رغم الفارق الهائل في القوة والتسليح. وتستخدم الفصائل الفلسطينية أسلوب حرب العصابات والأنفاق، الذي يعتبر سلاحاً فعالاً ومبتكراً، ويعكس الإبداع والتكيف والتنسيق بين المقاتلين. وتحافظ الفصائل الفلسطينية على روحها القتالية وإرادتها الصلبة. وتطالب الفصائل الفلسطينية بوقف “العدوان الإسرائيلي” ، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإنهاء “الاحتلال والاستيطان”، وتحقيق الحرية والعودة والاستقلال للشعب الفلسطيني، وفي ظل تباين الأهداف بين الطرفين، يعتقد الخبير العسكري أن إسرائيل أقرب للفشل بتحقيق مبتغاها بينما استطاع الفلسطينيون من خلال تضحياتهم إعادة تسليط الضوء على قضيتهم، بل أصبح إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة أقرب من أي وقت مضى.

 

خبير عسكري يكشف تكتيكات الفصائل الفلسطينية بمعركة الجنوب "الحاسمة" وكيف تستعد لخطة إغراق الأنفاق
خبير عسكري يكشف تكتيكات الفصائل الفلسطينية بمعركة الجنوب “الحاسمة” وكيف تستعد لخطة إغراق الأنفاق

حوار: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى