اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري.. أسماء تثير الجدل وتوقعات كبرى يطالب بها السوريون
تم تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني المنتظر في سوريا وتتألف من الباحث حسن الدغيم خريج جامعة دمشق والكاتب ماهر علوش والطبيب محمد مستت ويوسف الهجر ومصطفى موسى، وهند قبوات وهدى الأتاسي.
تفاعل السوريين مع اعلان اللجنة
خلال ساعات قليلة تداولت وسائل الإعلام وصفحات وسائل التواصل خبر تشكيل اللجنة والذي لاقى ردود أفعال متفاوتة من الشعب السوري.
فكان البعض يرحب بالحضور النسوي وتفعيل المجتمع المدني، حيث لاقى اختيار هند قبوات (ناشطة مجتمع مدني وخبيرة في حوار الأديان) وهدى الأتاسي (ناشطة في العمل الإنساني) ترحيبا من قبل قطاعات تُعنى بحقوق المرأة والمجتمع المدني، خاصةً مع سجلّيهما في تعليم النساء ومساعدة النازحين.
وفي الجانب الآخر قوبل تمثيل الفصائل الإسلامية بانتقادات مباشرة حيث أثار اختيار يوسف الهجر المرتبط بـ”هيئة تحرير الشام” وحسن الدغيم الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية جدلا واسعا حيث رأى البعض على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذا الاختيار يعكس “هيمنة فصائل إسلامية على العملية السياسية”، وهو أمر لا يمكن أن يقبل به الشعب السوري المتنوع والذي يتكون من أديان وطوائف ومذاهب متعددة من الصعب ضمها تحت جناح الحكم الإسلامي، وهو ما اعتبره البعض تحوير لأهداف الثورة والتي انطلقت لأجل الحرية للشعب السوري من الظلم وكم الأفواه والتجويع وغير ذلك من الممارسات التي قام بها النظام البائد طوال السنوات الماضية.
كما انتقد نشطاء استبعاد ممثلين عن مناطق مثل الشمال الشرقي الكردي أو محافظة السويداء، رغم الإشارة إلى أن اللجنة ستجري مشاورات موسعة لاحقا، وطالب البعض بإشراك أطراف متنوعة لضمان حقوق جميع الأطياف السورية وعدم مصادرة رأيهم.
من جانبه رفض “الائتلاف الوطني السوري” المشاركة إذا دُعي أعضاؤه كأفراد وليس كممثلين رسميين، بينما أعلن “المجلس التركماني السوري” انسحابه من الائتلاف، مؤكدا ضرورة إعادة هيكلة الإطار السياسي.
في المقابل، عبّر بعض السوريين عن أملهم بأن تؤدي المشاورات إلى إصلاحات حقيقية، خاصةً مع تأكيد الرئيس أحمد الشرع أن الإعلان الدستوري لن يكون “قرارا فرديا”، لكن آخرين شككوا في جدوى العملية وسط استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية وتحدثوا عن ضرورة تأمين الأرضية الأساسية لمعيشة المواطنين بدءا من الطعام والتدفئة إلى الكهرباء والخدمات الأخرى ومن ثم تطوير المستشفيات ونظام التعليم وغير ذلك مما يحتاجه المواطن السوري اليوم.
المهام المطلوبة من اللجنة التحضيرية
لا بد أن ما يتوقعه الشعب السوري من اللجنة ومن ثم من المؤتمر الوطني هو كبير جدا وقد يثقل كاهل أي شخص سوري إن كان مسؤولا أو مواطنا عاديا، لكن على اللجنة أن تكون متقاربة على الأقل مع التوقعات، وألا تخيب آمال السوريين بعد طول انتظار.
وبالطبع فالأمر الأول المتوقع هو إجراء مشاورات موسعة تشمل جميع الأطياف السورية، بما في ذلك المجموعات الكردية والتركمانية وغيرها، لضمان تمثيل واسع يُجنب إقصاء أي مكون.
بالإضافة إلى التركيز على قضايا جوهرية مثل “الهوية السورية” و”شكل الحكم”، وفقا لتأكيدات الرئيس الشرع ووعوده للشعب السوري.
وكذلك تحضير المؤتمر الوطني وهو المهمة الأساسية المنوطة بها، وذلك يبدأ من تحديد جدول أعمال المؤتمر واختيار المشاركين (1,200 فرد مُقترحين)، مع ضمان شمولية جغرافية وديموغرافية من كافة المكونات السورية، وتجنب استبعاد أي فئة.
ومن ثم يطلب من اللجنة صياغة توصيات للإعلان الدستوري، وذلك بالعمل على وثيقة دستورية تعكس إرادة الشعب عبر المشاورات، وليس قرارات فردية.
على أن تتضمن التوصيات معالجة قضايا مثل اللامركزية الإدارية وحقوق الأقليات وتحسين الحالة المعيشية ومعالجة مشاكل التدفئة والوقود والطاقة بشكل عام.
وقد يتوقع كل سوري أن يعرف ماذا يخبئ الغد للبلاد ولذلك يتوقع السوريون من اللجنة تمهيد الطريق للانتخابات ووضع إطار زمني محدد لإصلاح البنية التحتية وتأمين أدوات تقنية لانتخابات شفافة، كتحديث السجلات السكانية، ودوائر النفوس، والبلديات.
وقد يكون من المهام الصعبة على اللجنة تعزيز الثقة الدولية، ولكن بناء على ماسبق يجب إرسال رسائل طمأنة للدول والمنظمات الدولية حول التزام سوريا بالتنوع والحوكمة الرشيدة.
ومعالجة مخاوف السوريين عبر تحسين الخدمات الأساسية والأمن، كشرط مسبق لنجاح أي عملية سياسية، وبالتالي تنعكس هذه الصورة للخارج لتعزيز الثقة الدولية بسوريا.
وتعتبر اللجنة التحضيرية خطوةً محورية نحو انتقال سياسي، لكن نجاحها مرهون بمدى شمولية الحوار وشفافيته، والعمل بخطوات عملية وكافية لإنجاح المؤتمر الوطني الذي ينتظره السوريون على احر من الجمر، وكذلك قدرتها على تجاوز الإرث المعقد للتناقضات لأكثر من عقد من الحرب.