لماذا رفضت أمريكا التوقيع على بيان مؤتمر باريس لدعم سوريا؟
أكدت مصادر فرنسية أن مؤتمر دعم سوريا، الذي عُقد في باريس بحضور دول عربية وأوروبية وتركيا والولايات المتحدة واليابان وهيئات إقليمية ودولية، حقق نجاحاً ملحوظاً. ويرجع ذلك إلى الحضور الواسع، والتوافق على إعلان مشترك وقّعه جميع المشاركين باستثناء ممثل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مشاركة وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية السورية، أسعد الشيباني، في سابقة من نوعها لمؤتمر مماثل.
باريس تربط المؤتمر بمسار “العقبة”
وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” إن فرنسا تضع هذا المؤتمر ضمن إطار ما تسميه “النسخة الثالثة من مؤتمر العقبة”، الذي بدأت أولى نسخه في الأردن، ثم انتقل إلى السعودية في نسخته الثانية. وبالنسبة لباريس، فإن التوصل إلى إعلان مشترك يحظى بإجماع شبه كامل، باستثناء دولة واحدة، كان مفاجئاً وإيجابياً.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، قد أشار في كلمته الافتتاحية إلى رغبة باريس في إصدار بيان جماعي، لكنه أكد أنه في حال تعذر ذلك، فسيتم إصدار بيان باسمه بصفته رئيس المؤتمر.
تفاصيل الإعلان وشروط الدعم
ما اعتبرته فرنسا نجاحاً إضافياً للمؤتمر هو أن الإعلان المشترك لم يقتصر على المبادئ العامة، بل تطرق إلى تفاصيل دقيقة، محدداً ما يمكن للدول الداعمة تقديمه لمساعدة سوريا، لكنه في الوقت ذاته رسم “خريطة طريق” يجب على السلطة الانتقالية الالتزام بها لضمان استمرار هذا الدعم.
وتشدد الدول الأوروبية على مبدأ “سناب باك”، أي الاحتفاظ بحق التراجع عن أي إجراءات داعمة في حال عدم تجاوب السلطة السورية مع التوقعات الدولية.
تحفظ أميركي على الإعلان المشترك
وتقول الصحيفة، لم يكن امتناع ممثل الولايات المتحدة عن التوقيع على الإعلان مفاجئاً لباريس، حيث يعود ذلك إلى موقف واشنطن من “هيئة تحرير الشام”، التي تتولى إدارة سوريا حالياً بقيادة أحمد الشرع، بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وتشير التقديرات الفرنسية إلى أن التحفظ الأميركي لا يرتبط بمضمون الإعلان بقدر ما يتعلق بتوقيته، إذ لا تزال الإدارة الأميركية بصدد مراجعة سياساتها تجاه النظام الجديد في دمشق، ولم تنتهِ بعد من تحديد موقفها الرسمي.
كما تواجه واشنطن صعوبة في التعامل مع الشرع، الذي يخضع لعقوبات أميركية، فيما تصنف “هيئة تحرير الشام” كمنظمة إرهابية، وهو الموقف نفسه الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي.
التحفظ الغربي مقابل التفاؤل الفرنسي
في حين يرى بعض الأطراف الغربية أن التزامات السلطة الجديدة في دمشق لا تزال مجرد وعود شفوية، فإن فرنسا تبدي تفاؤلاً حيال التطورات الجارية، معتبرة أن الأوضاع في سوريا تسير في الاتجاه الصحيح.
وترى باريس أنه من الضروري منح الحكومة الجديدة المزيد من الوقت، نظراً لأنها لم تكمل شهرين في السلطة بعد، كما أن الملفات التي تواجهها، سواء على الصعيد الأمني أو إعادة بناء المؤسسات العسكرية والإدارية، تحتاج إلى فترة طويلة للتعامل معها بفاعلية.
ماكرون: سوريا مستقلة ومستقرة هدف أساسي
يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رؤية سوريا “موحدة ومستقلة تحترم جميع مكوناتها”، وقادرة على فرض سيادتها على حدودها بعيداً عن التدخلات الخارجية التي أضرت بالسوريين وجيرانهم.
كما تشدد باريس على أهمية استمرار الحرب ضد الإرهاب، والمساهمة في تحقيق استقرار المنطقة.
رفع العقوبات تدريجياً لدعم إعادة الإعمار
يخطط الأوروبيون لاعتماد نهج تدريجي في رفع العقوبات المفروضة على سوريا، حيث اتُفق على رفع العقوبات عن قطاعي النفط والنقل، لكن التنفيذ لا يزال معلقاً بانتظار التوافق على الإجراءات القانونية اللازمة.
وتبدو فرنسا الأكثر حماساً لدعم الحكومة الجديدة في دمشق، حيث وجهت دعوة رسمية لأحمد الشرع لزيارة باريس، ما سيجعلها أول عاصمة غربية يستقبل فيها، كما أعلنت نيتها إعادة فتح سفارتها في دمشق قريباً.
