مؤتمر الحوار الوطني السوري
شفافية؟!.. لا نحن لا نقدم هذا المنتج!
السوريون الذين تشردوا، والذين عُذِّبوا، والذين فقدوا أبناءهم وأحباءهم، والذين حاربوا وضحوا على مدار 13 عامًا، لهم الحق في معرفة كل تفاصيل مؤتمر يُفترض أنه يخصهم، الشفافية ليست منّة، بل واجب، لكنها غائبة تمامًا عن هذا المشهد.لا أحد يعرف كيف تم اختيار المدعوين، ولا أحد يعرف لماذا تم استبعاد شخصيات سياسية بارزة، بينما وجدت شخصيات مشبوهة مقاعدها محجوزة في الصفوف الأولى هل هذه هي "الدولة الجديدة" التي تُبنى؟ دولة يحق فيها لمن وقف إلى جانب الطغيان أن يتصدر المشهد، بينما يُقصى من ناضل وضحى من أجل الحرية؟الشعب السوري اليوم يطرح أسئلة بسيطة: لماذا لم تُنشر قوائم المدعوين؟ لماذا لم يتم بث الجلسات علنًا؟ لماذا لا يُسمح بالمشاركة عبر الإنترنت لمن لا يستطيع الحضور؟ لكن لا إجابات، لا توضيحات، فقط صمت مدوٍّ وقرارات مبهمة.والنتيجة؟ حالة من الغضب، وحالة من التشكيك، وحالة من انعدام الثقة جعلت السوريين يصدقون أي إشاعة، لأن غياب الشفافية هو التربة الخصبة لكل أنواع الشائعات."العرس السوري".إقصاء ممنهج وتهميش متعمد
إذا كان الهدف من مؤتمر الحوار الوطني السوري هو جمع السوريين على طاولة واحدة، فلماذا هذا التعتيم؟ لماذا لم تُعلن قائمة المدعوين بشفافية؟ ولماذا لم يتم تمثيل جميع الشرائح السورية بوضوح؟ المغتربون، الذين يشكلون اليوم أكثر من نصف السوريين، لم تُتح لهم حتى فرصة المشاركة عبر الإنترنت.والنخب السياسية المعارضة لم تتلقَّ دعوات جدية، بينما يبدو أن من "يُسمح لهم بالحضور" هم من يوافقون على السير ضمن خطوط محددة سلفًا.وإذا كان المؤتمر فعلًا وطنيًا، فلماذا يُدار بهذه الطريقة التي توحي بأن هناك قرارات جاهزة تنتظر الختم الرسمي فقط؟ هل المطلوب هو نقاش حقيقي أم مجرد مسرحية هزلية يُفترض بنا جميعًا أن نصفق لها في النهاية؟والنتيجة؟ فقدان الأمل حتى لدى أكثر المتفائلين، والشعور بأن أي تغيير في سوريا لن يكون إلا تغييرًا شكليًا، يضمن بقاء أصحاب النفوذ في مراكزهم، ويقصي كل صوت يهدد امتيازاتهم.إلى أين تسير الأمور؟السوريون لا يريدون "ديكورًا سياسيًا"، ولا يريدون "بهرجة إعلامية"، ولا يريدون أن يُفرض عليهم مستقبلهم كما فُرض عليهم الموت والتهجير والخراب.يريدون حوارًا حقيقيًا، يريدون شفافية، يريدون أن يكون لهم الحق في تقرير مصير بلادهم، لا أن يتحول مستقبلهم إلى مجرد حفل تنظمه نخبة معزولة، في غرف مغلقة، وفق أجندات مجهولة.إذا كان هذا هو شكل "الحوار الوطني"، وإذا كانت هذه هي الطريقة التي يتم بها التخطيط لـ"سوريا الجديدة"، فمن الأفضل أن تعلنوا صراحة أن الأمور ستبقى كما هي، وأن كل هذه المسرحيات لا تهدف إلا لإضاعة الوقت.أما من يريد بناء سوريا بحق، فعليه أن يبدأ بالاحترام، بالعدالة، بالشفافية، وبإعطاء كل سوري الحق في أن يكون جزءًا من مستقبل بلاده، لا مجرد متفرج على قرارات تُصنع خلف الأبواب المغلقة. مؤتمر الحوار الوطني السوري: هل نبني وطناً أم نشاهد مسرحية هزلية؟ملاحظة: ما جاء في المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الوكالة