هل تتغير سياسة واشنطن تجاه سوريا بعد رفع العقوبات؟… الخارجية الأمريكية توضح الشروط والمعايير
كشف مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية عن نهج إدارة ترامب تجاه سوريا بعد رفع العقوبات المفروضة عليها منذ عقود، واللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره السوري، أحمد الشرع في السعودية، وتحدث لوكالة “ستيب نيوز” عن إمكانية تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وواشنطن والشروط المطلوبة من الحكومة السورية الجديدة.
رفع العقوبات الأمريكية.. إجراءات قانونية لا قرارات سياسية
شكّلت العقوبات الأمريكية، وخاصة تلك المفروضة بموجب “قانون قيصر”، أداة ضغط أساسية ضد النظام السوري البائد بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، ومنذ سقوط نظام الأسد تطالب الحكومة السورية الجديدة والدول العربية رفع تلك العقوبات، وقد استجاب لذلك الرئيس الأمريكي أخيراً بعد لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلا أن الواقع القانوني يؤكد أن رفعها ليس مسألة سياسية فحسب، بل عملية تقنية وقانونية معقدة.
ويوضح مايكل ميتشل، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، خلال حديث لوكالة “ستيب نيوز” أن رفع العقوبات يتم وفق مسار قانوني وإجرائي دقيق، يخضع لمراجعات من وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكية، وبما يتماشى مع القانون الأمريكي، بما في ذلك “قانون قيصر”.
ويقول: “حتى مع وجود توجيه رئاسي، فإن التنفيذ يتطلب تنسيقًا مع الكونغرس وتقييمًا دقيقًا لتأثير العقوبات على الأمن القومي، وإصدار حزم محدثة من التراخيص أو التعديلات”.
ويشير ” ميتشل” إلى أن هذه العملية قد تستغرق وقتًا، ويتم تطبيقها تدريجيًا وبحسب الملف المعني (اقتصادي، مصرفي، نفطي.. )، مؤكداً أنه لا يوجد إطار زمني محدد حتى اللحظة، وكل إجراء سيتم الإعلان عنه بشفافية وفقًا للأصول القانونية.
الانفتاح المشروط بالإصلاح على دمشق
منذ سقوط نظام الأسد اتخذت واشنطن سياسية “الغموض الاستراتيجي” تجاه سوريا، حيث لم تقم علاقات مباشرة مع الحكومة الانتقالية ولكن بالوقت عينه رحبت بها، ثم ما لبثت أن طرحت شروطاً للاعتراف بها، من بينها الإصلاح السياسي وطرد المقاتلين الأجانب ومحاربة الوجود الإيراني ومنع عودة تنظيم داعش.
ويؤكد “ميتشل” أن الولايات المتحدة تراقب التطورات السياسية في سوريا عن كثب، وأن أي تعاون مستقبلي مشروط بسلوك الحكومة السورية الجديدة، والتزامها بإصلاحات حقيقية تشمل حماية حقوق الإنسان والأقليات، وضمان المساءلة، وإخراج المقاتلين الأجانب، ودحر تنظيم داعش.
كما أشار إلى أن زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للمنطقة كانت بداية لمرحلة جديدة، قد تتضح ملامحها أكثر في الفترة القادمة.
الأمن الإقليمي وإسرائيل.. أولوية في الحسابات الأمريكية
التحولات السياسية في سوريا لا يمكن فصلها عن البعد الأمني الإقليمي، وخاصة في ظل مخاوف إسرائيل، وهي الحليف الأكبر لواشنطن بالمنطقة، وقد حاولت تل أبيب فرض شروطها على سوريا منذ بدء المرحلة الانتقالية، وشنّت عشرات الضربات على بنى تحتية عسكرية في سوريا، مؤكدة رفضها التواجد العسكري السوري بجنوب البلاد ودعمها للأقلية من المكوّن “الدرزي”.
يقول “ميتشل”: “إن الانفتاح الأمريكي على المرحلة الجديدة في سوريا لا يعني التغاضي عن التحديات الأمنية، ولا يتم بمعزل عن التنسيق الوثيق مع شركائنا”، مؤكدًا أن واشنطن تنسّق بشكل وثيق مع حلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل.
ويضيف: “الحكومة السورية الجديدة نشأت في ظرف استثنائي، والولايات المتحدة تقيّم المرحلة من منظور “الواقعية السياسية” ومتطلبات الأمن الإقليمي، لا من منطلقات رمزية، وأن أي انخراط أمريكي سيكون مدروسًا ويأخذ في الحسبان التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط”، مشدداً على دعم واشنطن المستمر لإسرائيل.
إعادة الإعمار.. تعهد مشروط ببيئة شفافة ومستقرة
إعادة الإعمار في سوريا تُعد من القضايا الحساسة والمعقدة، حيث تقدر كلفتها بمئات المليارات من الدولارات، وقد ربطت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مشاركتها في هذه الجهود بإصلاحات سياسية ومؤسساتية حقيقية.
ويوضح “ميتشل” أن الولايات المتحدة تقيّم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية على الأرض، وتؤكد على أهمية خلق بيئة مستقرة وشفافة تتيح للمجتمع الدولي المساهمة في إعادة الإعمار.
ولفت إلى اهتمام كبير بدعم القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار النزيه، وخلق فرص عمل بعيدة عن الفساد.
ويقول: ” المرحلة لا تزال انتقالية، ولم تُعلن بعد آلية أمريكية مباشرة للمساهمة في إعادة الإعمار، لكن في المستقبل سنعمل مع الشركاء على بلورة إطار اقتصادي يراعي مصلحة الشعب السوري، ويمنع تكرار ممارسات النظام السابق التي عطلت التنمية”.
وأشار إلى أن قرار رفع العقوبات جاء لدعم هذا التوجه، مع التأكيد على أن الانخراط الأمريكي المحتمل مرهون بالتقدم الفعلي للسلطة السورية الجديدة.
الدبلوماسية مع دمشق.. لا قرار حالي بإعادة العلاقات
منذ عام 2012، علّقت الولايات المتحدة وجودها الدبلوماسي في دمشق، في خطوة رمزية ضد النظام السابق، ومع تشكيل حكومة جديدة واللقاء الذي جمع الشرع بترامب، يُطرح سؤال: هل تعود العلاقات؟
يؤكد “ميتشل” أنه لا توجد في الوقت الحالي خطط لإرسال وفد رسمي إلى دمشق، كما لا يوجد قرار بخصوص إعادة فتح السفارة أو استئناف العلاقات الدبلوماسية.
ويضيف: أن موقف الولايات المتحدة من التطبيع مع الحكومة السورية الجديدة لا يزال مرتبطًا بسلوك الحكومة السورية الجديدة، وقدرتها على تنفيذ إصلاحات سياسية، وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتهيئة بيئة مستقرة وآمنة داخل البلاد.
ويعكس حديث مايكل ميتشل، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، بوضوح نهج الإدارة الأمريكية في التعامل مع الملف السوري، حيث يؤكد على انفتاح مدروس، ومشروط بالإصلاحات، ويأخذ في الحسبان موازين القوى الإقليمية والأمن القومي الأمريكي.
وبينما تستمر سوريا في عبور مرحلة انتقالية محفوفة بالتحديات، يبقى الدور الأمريكي محوريًا، لكنه مرهونٌ بتغيّرات واقعية على الأرض، ولعلّ قرار الرئيس الأمريكي برفع العقوبات كان بداية الطريق، والفرصة “الذهبية” لدمشق حتى تتجاوز هذه المرحلة الحسّاسة.
اقرأ المزيد|| هل يغيّر رفع العقوبات الأمريكية الواقع المعيشي في سوريا؟.. خبراء يجيبون ويكشفون المدة المتوقعة لظهور أثرها
اقرأ أيضاً|| الليرة السورية إلى أين بعد رفع العقوبات؟.. خبير يحذّر من “فخ” ويكشف عن خيارين أمام الحكومة
مواضيع ذات صلة|| ما لا تعرفه عن العقوبات الأمريكية على سوريا.. خبير يكشف عمّا سيحدث بعد رفعها

ستيب نيوز – جهاد عبد الله