انتقدت إثيوبيا، اليوم السبت، التصريحات الصادرة عن مصر، والتي اتهمتها فيها بالتسبب بفيضانات في السودان من خلال فتح بوابات سد النهضة الضخم الذي افتُتح مؤخرا على نهر النيل، وهو ما أثار توترا بين البلدين.
إثيوبيا تنتقد مصر
ووصفت وزارة المياه الإثيوبية في بيان تصريحات السلطات المصرية بأنها "ضارة وكاذبة وتهدف إلى خداع المجتمع الدولي"، على حد تعبيرها.
وأوضحت أديس أبابا أن سبب الفيضانات في السودان "هو بالأساس زيادة حجم مياه النيل الأبيض، وهو أحد روافد نهر النيل وليس له علاقة بإثيوبيا".
من ناحية أخرى، قالت إثيوبيا إن السد كان من شأنه أن يحول دون "تدمير تاريخي للأرواح البشرية والبنية التحتية" في السودان ومصر في الأشهر الأخيرة بعد "الأمطار الغزيرة على المرتفعات الإثيوبية" هذا العام.
ويوم أمس الجمعة، شنت وزارة الري المصرية، هجوما حادا على تصرفات إثيوبيا الأحادية المتهورة في إدارة سدها "غير الشرعي المخالف للقانون الدولي"، وذلك تعليقا على فيضانات نهر النيل.
وأضافت الوزارة في بيان أن إثيوبيا، من الناحية الفنية كان من المفترض أن تبدأ في تخزين المياه بسدها بشكل تدريجي منذ بداية يوليو وحتى نهاية أكتوبر، ثم تقوم بتصريفها بشكل منظم لتوليد الكهرباء على مدار العام، بما يتسق مع ما تدعيه مرارا بشأن فوائد السد في تنظيم الفيضان وحماية السودان من الغرق وتوفير الكهرباء للشعب الإثيوبي.
وتابعت: "مشغلي السد الإثيوبي خالفوا القواعد الفنية والعلمية المتعارف عليها، وقاموا في نهاية أغسطس الماضي بتخزين كميات أكبر من المتوقع من مياه الفيضان مع تقليل التصريفات من نحو 280 مليون متر مكعب إلى 110 ملايين متر مكعب يوم 8 سبتمبر 2025".
وأردف البيان: "هذه التصرفات تدل على توجه إثيوبي متعجل نحو إتمام الملء بصورة غير منضبطة، بغرض الوصول إلى منسوب 640 مترا فوق سطح البحر، ثم فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لساعات معدودة لاستخدامها فقط كلقطة إعلامية واستعراض سياسي في ما سُمّي باحتفال افتتاح السد يوم 9 سبتمبر 2025، بعيدا عن أي اعتبار للسلامة المائية أو مصالح دول المصب".
وأكمل: "تأكدت هذه التقديرات بما حدث فعليا؛ إذ عمد المشغل الإثيوبي عقب انتهاء ما سُمّي بالاحتفال يوم 10 سبتمبر إلى تصريف كميات ضخمة من المياه، بلغت 485 مليون متر مكعب في يوم واحد، تلتها زيادات مفاجئة وغير مبررة في التصريفات وصلت إلى 780 مليون متر مكعب يوم 27 سبتمبر، ثم انخفضت إلى 380 مليون متر مكعب يوم 30 سبتمبر".
كما وأشار إلى إظهار التقديرات الخاصة بمناسيب السد الإثيوبي انخفاض المنسوب بما يقارب مترا واحدا، وهو ما يعادل تصريف نحو ملياري متر مكعب من المياه المخزنة دون مبرر، بخلاف التصرفات الناتجة عن الفيضان نفسه، وهو ما فاقم من كميات المياه المنصرفة وأكد الطبيعة غير المنضبطة والعشوائية لإدارة السد، وفق البيان.
وقال: "التقاء هذه الكميات الكبيرة وغير المتوقعة من المياه في هذا التوقيت من العام، مع تأخر واختلاف مواعيد سقوط الأمطار داخل السودان، إلى جانب ارتفاع إيراد النيل الأبيض عن معدلاته الطبيعية، أدى إلى زيادة مفاجئة في كميات المياه نتج عنها إغراق مساحات من الأراضي الزراعية وغمر العديد من القرى السودانية".
وواصل: "في مواجهة هذه الظروف الطارئة، لم يكن أمام مشغلي سد الروصيرص السوداني خيار سوى تخزين جزء بسيط من هذه المياه وتمرير الجزء الأكبر عبر بواباته حفاظا على أمان السد، نظرا لمحدودية سعته التخزينية".
وبحسب البيان فإن ما حدث على النيل الأزرق من إسراع في الملء غير القانوني للسد الإثيوبي، ثم تصريف كميات هائلة من المياه مباشرة بعد ما سُمّي باحتفال افتتاح السد، لم يكن إجراء اضطراريا، وإنما يعكس إدارة غير منضبطة وغير مسؤولة لسد بهذا الحجم.
وزاد: "الإدارة الأحادية وغير المسؤولة للسد الإثيوبي تسببت في تغيير مواعيد الفيضان الطبيعي – الذي تحدث ذروته عادة في أغسطس – وإحداث فيضان صناعي مفتعل أكثر حدة وقوة في وقت متأخر من العام (جزء من شهر سبتمبر)".
البيان أضاف: "كما أن هذا التصرف العبثي وغير المنضبط، والذي لا هدف له سوى الاستعراض الإعلامي والسياسي، قد ألحق خسائر فادحة بالسودان الشقيق وفقا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، مهددا حياة ومقدرات شعبي دولتي المصب".
وجاء الهجوم المصري بعد أن تسبب فيضان النيل هذا العام والذي جاء في غير موعده، بعدما غرقت بعض المناطق المحيطة بنهر النيل أو ما يعرف "بطرح النهر" في محافظة المنوفية بالمياه، وكانت الحكومة قد سبقت وحذرت من ارتفاع مناسيب المياه في نهر النيل.
وافتُتح سد النهضة الإثيوبي الكبير والذي يعتبر أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، مطلع سبتمبر.
يقع سد النهضة الإثيوبي الكبير على النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا ويتدفق إلى السودان حيث يلتقي بالنيل الأبيض ليشكلا نهر النيل. ويوفر النيل الأزرق ما يصل إلى 85 بالمئة من مياه نهر النيل.
