تحولت أعمال هدم محطة طاقة حرارية متوقفة في مدينة أولسان الكورية الجنوبية إلى كارثة إنسانية، بعدما انهار برج معدني ضخم يبلغ ارتفاعه 60 متراً داخل موقع العمل، ما أدى إلى مقتل عامل واحد على الأقل واحتجاز ستة آخرين تحت الأنقاض، في حادث وُصف بأنه من أعنف الحوادث الصناعية التي شهدتها البلاد هذا العام.
انهيار مفاجئ أثناء التفكيك
وقع الانهيار بعد ظهر الخميس، بينما كانت فرق الهدم تعمل على تفكيك أحد الأبراج الحرارية الثلاثة في المحطة، التي كانت قد توقفت عن العمل منذ عام 2021 بعد أكثر من 40 عاماً من التشغيل المستمر.
وقالت السلطات إن البرج فقد توازنه فجأة خلال عملية القصّ الميكانيكي، قبل أن ينهار بشكل كامل فوق عدد من العمال الذين كانوا يعملون أسفله.
وأكد كيم جونغ شيك، المسؤول في إدارة الإطفاء بمدينة أولسان، أن فرق الإنقاذ تمكنت من إنقاذ شخصين فور وقوع الحادث، فيما تم تحديد موقع أحد العالقين الذي يُعتقد أنه فارق الحياة، إلا أن الطواقم لم تتمكن من انتشال جثته بسبب خطورة الوضع وعدم استقرار الأنقاض.
ارتفاع عدد الضحايا وتوقف مؤقت للبحث
وأضاف المسؤول الكوري أن أحد العمال الذين تم إنقاذهم لاحقاً توفي في المستشفى فجر الجمعة، لترتفع الحصيلة إلى قتيل واحد على الأقل، بينما لا يزال مصير عدد من المفقودين مجهولاً.
وأوضح أن عمليات البحث توقفت مؤقتاً صباح الجمعة خشية وقوع انهيارات إضافية، مشيراً إلى أن الفرق ستستأنف العمل فور تأمين الموقع وتثبيت بقايا الهيكل المعدني.
وقال كيم في تصريح صحفي:
«نستخدم كل الوسائل الممكنة، من كلاب إنقاذ وكاميرات حرارية ومناظير داخلية، بحثاً عن أي مؤشرات للحياة تحت الركام».
تعبئة كبرى لعمليات الإنقاذ
وشارك في جهود الإنقاذ أكثر من 340 عنصراً وقرابة 90 مركبة ومعدة ثقيلة من فرق الدفاع المدني والإطفاء والهندسة، في محاولة شاقة للوصول إلى المحاصرين داخل كتل الحديد والخرسانة.
وأشار المسؤولون إلى أن العاملين اللذين تم إنقاذهما في الساعات الأولى نجيا من إصابات خطيرة رغم صعوبة الظروف، فيما تتضاءل الآمال بوجود ناجين جدد مع مرور الوقت.
توجيهات رئاسية عاجلة
في أعقاب الحادث، أصدر الرئيس الكوري الجنوبي لي جيه ميونغ توجيهات عاجلة إلى الأجهزة المعنية بتعبئة جميع الموارد البشرية والتقنية لإنقاذ العالقين، مشدداً على أن «الأولوية القصوى هي حماية الأرواح وسلامة فرق الإنقاذ».
ودعا الرئيس إلى تحقيق فوري لمعرفة أسباب انهيار البرج، موجهاً بضرورة مراجعة معايير السلامة في جميع مشاريع الهدم الجارية في البلاد.
خلفية المحطة المنكوبة
كانت محطة الطاقة الحرارية في أولسان قد توقفت عن التشغيل منذ أربع سنوات بعد أكثر من أربعة عقود من العمل المتواصل، وبدأت السلطات مؤخرًا مشروعاً لتفكيك أبراج الغلايات الثلاثة ضمن خطة إعادة تطوير الموقع.
ووفق التحقيقات الأولية، اختل توازن أحد الأبراج فجأة أثناء عملية التفكيك بسبب خلل في الدعم السفلي أو خطأ هندسي محتمل، ما أدى إلى انهياره الكامل فوق منطقة العمل، وتحوّل المشهد إلى كتلة من الدخان والغبار والحديد المتشابك في ثوانٍ معدودة.
انتظار النتائج وتحقيقات مستمرة
تواصل السلطات الكورية التحقيق في ملابسات الحادث لتحديد المسؤولية التقنية والقانونية عن الانهيار، وسط مطالبات من النقابات العمالية بتشديد الرقابة على شركات الهدم والمقاولات العاملة في مشاريع مشابهة.
ولا تزال فرق الإنقاذ تعمل بحذر شديد في محاولة للوصول إلى المفقودين، وسط ظروف ميدانية صعبة وخطر مستمر بانهيار أجزاء أخرى من البرج المنهار.
مأساة أولسان أعادت فتح النقاش في كوريا الجنوبية حول سلامة مواقع البناء والهدم، بعدما حذرت تقارير سابقة من أن الإجراءات الوقائية غير كافية في بعض المشاريع القديمة.
