تتجه الأنظار، اليوم الأربعاء، إلى العاصمة الأميركية واشنطن حيث يلتقي الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي في مشهد يوصف بأنه "تاريخي"، لتوقيع اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت تتواصل فيه الاشتباكات بين الجيش الكونغولي ومتمردي حركة "إم 23" التي تتهم كينشاسا رواندا بدعمها.
وساطة أميركية ومسار متعثر
اللقاء يأتي بعد أشهر من وساطة أميركية بدأت في أبريل/نيسان الماضي، وشهدت محطات بارزة، أبرزها توقيع وزيري خارجية البلدين بالأحرف الأولى على اتفاق سلام في يونيو/حزيران، ثم التوصل إلى إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي في نوفمبر/تشرين الثاني.
ورغم ذلك، لم ينعكس هذا التقدم على الأرض، إذ لا تزال القوات الرواندية موجودة إلى جانب مقاتلي "إم 23"، بينما لم تُحيد "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" التي تضم عناصر هوتو متورطين في إبادة 1994.
تصعيد كلامي بين الرئيسين
وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت الحرب الكلامية بين تشيسيكيدي وكاغامي.
تشيسيكيدي اتهم كاغامي في صربيا بأنه "طعنه في الظهر" عبر دعم المتمردين، مؤكداً أنه "لا دمج ولا مزج" داخل الجيش الكونغولي.
بينما كاغامي رد باتهام تشيسيكيدي بعدم احترام الالتزامات السابقة، معتبراً أن لقاء واشنطن "خطوة في الاتجاه الصحيح" لكنها ليست نهاية المسار.
مراسم التوقيع في واشنطن
وفق مصادر دبلوماسية، تبدأ المراسم صباح الخميس بتوقيت واشنطن بلقاءات منفصلة بين ترامب وكل من الرئيسين، يعقبها اجتماع ثلاثي في المكتب البيضاوي بحضور وزراء الخارجية.
ثم تنتقل الوفود إلى معهد السلام الأميركي حيث سيتم التوقيع الرسمي بحضور قادة أفارقة بارزين، بينهم: الرئيس الكيني وليام روتو، الرئيس الأنغولي جواو لورينسو، رئيس بوروندي إيفاريست ندايشيميي، الرئيس التوغولي فور غناسينغبي
وسيوقع تشيسيكيدي وكاغامي على وثيقتين: ملخص اتفاق السلام الموقع في يونيو/حزيران، وإطار التكامل الاقتصادي الإقليمي المتفق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني.
كما ستوقع الولايات المتحدة مذكرات تفاهم ثنائية مع الكونغو ورواندا حول الاستثمار، في خطوة تعكس اهتمام واشنطن بتأمين سلاسل توريد المعادن الإستراتيجية، خصوصاً الكوبالت والذهب، عبر الاعتماد على التعدين الكونغولي والبنية التحتية الرواندية للتكرير.
واشنطن تسعى لتكريس دورها
تسعى الولايات المتحدة من خلال الاتفاق إلى تعزيز دورها كوسيط دولي في أفريقيا، وإبراز ترامب بصورة "رئيس السلام". كما يعكس حضور القادة الأفارقة رغبة واشنطن في إضفاء شرعية إقليمية على الاتفاق وربط السلام بالتكامل الاقتصادي، في ظل تأكيد كينشاسا أن "لا تجارة إقليمية من دون سلام واستعادة الثقة".
شكوك حول فرص النجاح
ورغم الطابع الاحتفالي للمراسم، تبقى الشكوك قائمة بشأن قدرة الاتفاق على تغيير الواقع الميداني، إذ تتواصل المعارك في جنوب كيفو، وتستمر الاتهامات المتبادلة بين الجيش الكونغولي ومتمردي "إم 23". ويرى مراقبون أن غياب الثقة بين تشيسيكيدي وكاغامي يشكل العقبة الأكبر أمام أي تسوية حقيقية.