في قرار هو الأول من نوعه منذ دخول التشريعات الرقمية الأوروبية الجديدة حيز التنفيذ، فرضت المفوضية الأوروبية غرامة مالية قياسية على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، بقيمة 120 مليون يورو، وذلك بعد ثبوت مخالفتها لعدد من بنود قانون الخدمات الرقمية.
ويُتوقع أن يُرسي هذا القرار سابقة تنظيمية مهمة، كما قد يفتح باب تصادم محتمل بين السلطات الأوروبية وماسك، وحتى مع الإدارة الأمريكية في حال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وجاءت الغرامة نتيجة تحقيق استمر عامين، رصد خلاله المنظمون الأوروبيون ثلاث مخالفات أساسية. الأولى تتعلق بما وصفته المفوضية بـ"علامة التحقق الزرقاء المضللة"، والتي أصبحت متاحة للمستخدمين عبر الاشتراك المدفوع، مما يحول دون تمييز الجمهور بين الحسابات الموثوقة والأخرى.
أما المخالفة الثانية فتمحورت حول عدم شفافية الإعلانات على المنصة، حيث تتطلب اللوائح الأوروبية توفير قائمة عامة للمعلنين لضمان مكافحة المحتوى الاحتيالي والتأثير غير المشروع في العمليات الانتخابية.
وتمثلت المخالفة الثالثة في فشل "إكس" في توفير وصول كافٍ للباحثين إلى بياناتها العامة، والتي تُعد أساسية لرصد المحتوى السياسي والخلافي وتحليل تأثير المنصات على الرأي العام.
يُذكر أن قانون الخدمات الرقمية الذي دخل حيز التنفيذ في 2023، يخول المفوضية الأوروبية فرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية لأي منصة تخرقه. ولا تزال ثلاث تحقيقات أخرى قائمة بحق "إكس"، اثنان منها مرتبطان بتغييرات أدخلها ماسك بعد استحواذه على تويتر وإعادة تسميته.
وعلقت هينا فيركونين، نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية المكلفة بالشؤون الرقمية، قائلة: "من خلال أول قرار لعدم الامتثال بموجب قانون الخدمات الرقمية، نحن نُحمّل إكس مسؤولية تقويض حقوق المستخدمين والتلاعب بالشفافية. لا مكان على الإنترنت في الاتحاد الأوروبي لخداع المستخدمين أو إخفاء معلومات الإعلانات أو عرقلة عمل الباحثين."
ويأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه العلاقات عبر الأطلسي توترات تجارية، حيث هدد مسؤولون أمريكيون مؤخراً بربط تخفيض الرسوم الجمركية على الصلب الأوروبي بمراجعة الاتحاد الأوروبي لوائحه التكنولوجية، وهو ما وصفته مفوضة الاتحاد الأوروبي تيريزا ريبيرا بـ"الابتزاز".
ولدى إيلون ماسك مهلة 90 يوماً لتقديم خطة عمل للاستجابة للقرار، مع حقه في استئناف الحكم أمام محكمة العدل الأوروبية، في خطوة مشابهة لتلك التي قامت بها شركات كبرى مثل أبل في السابق.
وفي تطور موازٍ، أعلنت المفوضية الأوروبية حصولها على التزامات من منصة "تيك توك" لتعزيز شفافية الإعلانات السياسية، في إطار جهودها الحثيثة لضمان امتثال جميع المنصات الرقمية الكبرى العاملة في أوروبا للقواعد الجديدة، والتي تهدف في جوهرها إلى حماية المستخدمين ومكافحة التضليل المعلوماتي.