ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع، مساء الاثنين، كلمة بمناسبة ذكرى تحرير سوريا، حملت رسائل سياسية واجتماعية واقتصادية، استعاد فيها ملامح المرحلة الانتقالية، وتحوّلات العام الأول بعد سقوط النظام البائد، ومؤكداً على أن مرحلة "التحرير" باتت وراء السوريين، وأن البلاد تدخل اليوم طوراً جديداً من العمل والعدالة وإعادة البناء.
الشام… "درة الشرق" التي حاولوا سلخها عن تاريخها
استعاد الشرع في مستهل كلمته صورة سوريا التي "فُقدت لأكثر من خمسة عقود"، قائلاً إن البلاد تعرضت لمحاولات سلخها "عن عمقها التاريخي وهويتها"، ومشيراً إلى أن تلك المرحلة "سعت مراراً لدفن الشام، ولكن لا الأقمار تُخفى وجوهها ولا الشمس يُحجب نورها".
وتوسّع في توصيف مكانة دمشق التاريخية، مؤكداً: "هنا الشام، من هنا عبرت البشرية ومن هنا ستعود من جديد… من هذه الأرض الطاهرة تسللت نسائم الإيمان إلى قلوب البشر، ومن هنا أدرك الناس معنى الإنسانية والوفاء والعدل والحكمة".
حقبة النظام السابق… "صفحة سوداء" و"سدود من الخوف"
وأكد الشرع أن حقبة النظام البائد كانت "صفحة سوداء في تاريخنا"، وقال إن النظام البائد "عمد إلى زرع التفرقة بين أبناء شعبنا"، و"نشر الفتن وأقام سدوداً من الخوف والرعب بين السوريين".
وأضاف: "استحكم المستبد حيناً من الزمن ثم ما لبث أن هوى، لتشرق من جديد أنوار البصيرة وحسن الحوار وجسور المحبة والإخاء".
وتابع أن نظرة العالم إلى سوريا تغيرت "من الشفقة إلى الاعتزاز"، متحدثاً عن تحولات باتت ملموسة خلال عام واحد، وفق تعبيره.
تحية للشهداء والأمهات والمفقودين
ووجّه الرئيس السوري تحية موسّعة، حملت طابعاً إنسانياً، إلى "الأبطال الذين حرروا البلاد بدمائهم"، وإلى "الأمهات اللواتي صبرن على الفقد واحتفظن بالأمل رغم الألم"، وإلى "الأبناء الذين فتحوا عيونهم على اليتم ومرّوا بظلام الفقد". واعتبر الشرع أن السوريين "شكلوا صفحة من صفحات البطولة وحكاية من حكايات النصر العظيم".
وأكد: “سنواصل البحث عن المفقودين السوريين”
"معركة الجد والاجتهاد"… دخول طور البناء
ورأى الشرع أن نهاية الصراع مع النظام البائد "هي بداية لمعركة الجد والاجتهاد"، مضيفاً: "بدأنا معركة جديدة في ميادين العمل والبناء".
وشدد على أن الشعب السوري "أودع سوريا لنا أمانة ومسؤولية".
وعلى الصعيد الاقتصادي، ذكّر الرئيس بعقد "شراكات استراتيجية في مجالات عدة بينها الطاقة لتعزيز التعافي الاقتصادي"، لافتاً إلى أن السلطات "رفعت مستوى الدخل تدريجياً" خلال الفترة الماضية.
العدالة الانتقالية… التزام معلن وقطيعة مع الماضي
وشكّلت العدالة الانتقالية محوراً بارزاً في خطاب الشرع، الذي أكد أكثر من مرة التزام الدولة بها، قائلاً: "نؤكد التزامنا بالعدالة الانتقالية لضمان محاسبة كل من انتهك القانون"، و"نؤكد تمسكنا بمبدأ العدالة الانتقالية بما يضمن عدم تكرار أي انتهاكات".
كما أعلن الشرع "القطيعة مع كل موروثات النظام السابق"، معتبراً أن المرحلة الجديدة يجب أن تُؤسّس على المصالحة والقانون، وعلى تفكيك البُنى التي خلّفها النظام البائد.
وتوقف الرئيس السوري عند موقع سوريا الاستراتيجي، معبّراً عن رغبة حكومته في استعادة مكانة البلاد في محيطها العربي والإقليمي.
وقال: "نريد سوريا قوية تعيد تموضعها في محيطها العربي والإقليمي"، مؤكداً أن هذا الهدف بات جزءاً من مسار السياسة الخارجية الجديدة.
واختتم الشرع كلمته بالتأكيد على أن "سوريا عادت إلى أهلها شامخة، حرة، عزيزة"، وأن المرحلة المقبلة تستند إلى قيم "الإنسانية والوفاء والعدل".
وأكد أن السوريين اليوم "يشكلون صفحة من صفحات البطولة وحكاية من حكايات النصر العظيم".
