وسط أجواء من الترقب والضغط السياسي، يواصل العراق مساعيه لتشكيل الحكومة الجديدة بعد أشهر من الجمود، في وقت يسعى فيه الإطار التنسيقي إلى التوصل لاتفاق حاسم خلال أسبوعين لتقليل الانقسام بين القوى السياسية وضمان استقرار مؤسسات الدولة.
ويأتي ذلك في ظل ضغوط خارجية متصاعدة، حيث تتابع واشنطن عن كثب مجريات التوافق السياسي وتشجع على تشكيل حكومة مستقرة وملتزمة بالتحالفات الدولية، فيما تحرص طهران على الحفاظ على نفوذها في المشهد السياسي من خلال دعم بعض الفصائل الموالية لها.
ومع تصاعد هذه التحديات الاقتصادية والأمنية، يبدو أن كل يوم يمر يمثل فرصةً أو تهديداً لمسار التوافق، وسط صراع مستمر بين الفصائل على الحصص والمناصب، ومحاولات للانتقال من مرحلة الانتظار إلى مرحلة التنفيذ الفعلي للحكومة الجديدة.
حول هذا الموضوع يقول الخبير العراقي حسين الأسعد لوكالة ستيب الإخبارية: "بعد مصادقة رئاسة الجمهورية على نتائج الانتخابات البرلمانية و تأكيد رئيس السلطة القضائية فائق زيدان على التزام الكتل السياسية بالتوقيتات الدستورية لعدم ترك فراغ دستوري طويل الأمد وانعكاس ذلك على شرعية النظام دولياً و خصوصاً مع انتهاء عمل فريق اليونامي و الذي كان عاماً مساعداً في مثل هكذا أوقات ومراحل سابقة، بات لزاماً على الجميع عدم التهاون في بالتوقيتات الدستورية لاختيار الرئاسات الثلاث و الوزراء".
وأضاف: "ولأن مبدأ الشراكة أو التوافق السياسي صار عرفاً في الحياة السياسية العراقية فلا يمكن اختيار إحدى الرئاسات دون أن يكون اتفاق على الرئاسات الأخرى أو على أقل تقدير حصة كل كتلة أو حزب فائز من وزارته المعينة والتي تدخل أوزانها في احتساب النقاط لكل وزارة و عدد مقاعد ذلك الحزب إضافةً إلى صراعهم على وزارة بعينها دون الأخرى، ناهيك عن الوزارات السيادة المهمة".
وتابع: "لذلك ربما اختيار رئيس البرلمان و الذي هو من نصيب الكتل السنية سيكون أسهل نتيجة التقاء السيد الحلبوسي و الشيخ الخنجر برعاية قطرية قبل أيام و تقارب وجهات النظر فيما بينهم بعد تأسيسهم للمجلس السياسي الوطني و الذي يخص القوى السنية ومن المؤكد تم الاتفاق على اختيار رئيس للبرلمان".
الأسعد أردف: "أما رئاسة الجمهورية فهي من حصة القوى الكوردية والتي في أسوأ الأحوال ممكن إلى طرح شخصيتين ويتم اختيار شخص واحد عبر الاقتراع السري وتحسم النتيجة. المشكلة الحقيقية تكمن في اختيار رئيس الوزراء الذي هو من حصة الكتلة البرلمانية الأكبر (الإطار التنسيقي) للقوى الشيعية والتي في الظاهر أنهم جلسوا إلى بعضهم البعض تحت خيمة واحدة وبقلوب وأهواء شتى".
وبحسب الخبير السياسي فإن هناك ضغوطات كبيرة عليهم داخلية وخارجية. الداخلية تمثل في خلافاتهم الحقيقية ليس لاختيار الشخصية فحسب وإنما لأي طرف قريب لأن تغير نتائج أوزان أحزابهم عن الانتخابات السابقة، أعادت بعض الكيانات والتيارات قوتها هذه المرة والتي لا تريد لدولة القانون بزعامة السيد المالكي أو الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء الحالي من طرح أنفسهم لهذا المنصب أو حتى من يخرج من رحم قوتهم لكي لا يعطوهم الفرصة في الانفراد بالمنصب الأهم.
وأكمل: "أما خارجياً فالإطار عليه ضغوطات مزدوجة أولها طهران ثانيها واشنطن، إذ أن اختلال توازن القوى بعد السابع من أكتوبر قد عقد المشهد الإقليمي وبات الصراع الإيراني والأمريكي يبرز بشكل واضح. طهران تحاول تعويض خساراتها في المنطقة بأن تحافظ على وجود نفوذها في العراق عن طريق الضغط لاختيار شخصية قريبة منها، أما واشنطن تحاول أن تستغل التراجع الإيراني في المنطقة وتتويجها باختيار رئيس وزراء بعيد عن إيران وجعل بصمتها السياسية واضحة في العراق.
لذلك الإطار يحاول اختيار شخصية وسطية قريبة من جميع أطرافها وفي نفس الوقت يحافظ على حالة التوازن في علاقاته مع طهران من جهة وواشنطن من جهة أخرى، لذلك هذا الأمر صعب جداً ولا ننسى هناك دائماً تحايل على الدستور في التجارب السابقة من خلال ترك الجلسة مفتوحة لعدة اشهر لحين الوصول إلى اتفاق و هذا هو الأقرب في هذه المرحلة".
ستيب: سامية لاوند
