باشرت الولايات المتحدة، ليل الجمعة، تنفيذ عملية عسكرية ضد داعش في سوريا، شملت ضربات جوية ومدفعية مكثفة استهدفت مواقع يُشتبه باستخدامها من قبل التنظيم في مناطق متفرقة من وسط وشرق البلاد، وذلك رداً على مقتل جنديين أميركيين في هجوم مسلح وقع الأسبوع الماضي قرب مدينة تدمر.
وأفادت مصادر عسكرية بأن التحالف الدولي أطلق صواريخ من قاعدة الشدادي باتجاه أهداف في محافظة الرقة، بالتوازي مع استهداف مواقع أخرى في بادية دير الزور، حيث سُمع دوي انفجارات عنيفة في مناطق واسعة، وفق ما تداولته حسابات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي.
هجوم واسع النطاق يستمر لساعات
وقال مسؤول أميركي، فضّل عدم الكشف عن اسمه نظراً لحساسية المعلومات العملياتية في حديث لوسائل إعلام، إن مقاتلات أميركية ومروحيات هجومية، إلى جانب قذائف مدفعية بعيدة المدى، استهدفت عشرات المواقع المرتبطة بتنظيم داعش، من بينها مخازن أسلحة ومبانٍ تُستخدم في دعم أنشطة التنظيم العسكرية.
وأوضح المسؤول أن الضربات الجوية والمدفعية بدأت مساء الجمعة واستمرت لساعات طويلة، مرجحاً امتدادها حتى فجر السبت بالتوقيت المحلي، واصفاً العملية بأنها هجوم واسع النطاق، بحسب ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز”.
مقتل أول جنود أميركيين منذ سقوط نظام الأسد
ويُعد الجنديان الأميركيان اللذان قُتلا السبت الماضي أول ضحايا للقوات الأميركية في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد العام الماضي.
وذكرت مصادر أميركية وسورية أن الجنديين كانا يشاركان في دعم عمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش في محيط تدمر، عندما تعرضا لإطلاق نار من مسلح منفرد.
ورغم عدم تبني أي جهة للهجوم، فإن تقديرات أولية صادرة عن وزارة الدفاع الأميركية وأجهزة الاستخبارات تشير إلى أن تنظيم داعش يقف على الأرجح خلف العملية.
تصعيد عسكري رغم تقليص الوجود الأميركي
وتعكس العملية العسكرية ضد داعش في سوريا تصعيداً ملحوظاً في المشهد الميداني، خاصة في ظل تقليص الولايات المتحدة عدد قواتها المنتشرة في البلاد إلى نحو ألف جندي فقط، أي ما يعادل نصف عديد القوات الموجود مطلع العام الجاري.
وجاء قرار تقليص القوات بعد التغيرات التي طرأت على الوضع الأمني عقب انهيار نظام الأسد، غير أن الهجوم الأخير أعاد إلى الواجهة المخاطر المستمرة، وأثار تساؤلات داخل الأوساط السياسية والعسكرية الأميركية حول مستقبل الوجود العسكري في سوريا.
عملية “عين الصقر” وتدمير بنية داعش
وكشف مسؤول أميركي أن العملية التي تحمل اسم “عين الصقر” تهدف إلى استهداف المناطق التي يسعى تنظيم داعش من خلالها إلى إعادة بناء قدراته العسكرية، والعمل على اجتثاث عناصره وتدمير بنيته التحتية على نطاق واسع داخل سوريا.
وأضاف أن الجيش الأميركي استخدم في العملية طائرات A-10 وF-16، إلى جانب مروحيات أباتشي الهجومية ومنظومات هيمارس (HIMARS)، في حين شاركت مقاتلات F-16 أردنية في تقديم إسناد جوي.
وبحسب مسؤولين أميركيين، من المتوقع أن تستمر الضربات لعدة أسابيع، وربما حتى شهر كامل، وفق ما نقلته شبكة NBC.
ترامب وهيغسيث: العملية ناجحة وليست إعلان حرب
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، في منشور على منصة “إكس”، إن الضربات أسفرت عن مقتل “أعداد كبيرة” من عناصر التنظيم، موضحاً أن عملية “عين الصقر” جاءت رداً مباشراً على الهجوم الذي استهدف القوات الأميركية في تدمر بتاريخ 13 ديسمبر/كانون الأول.
وأكد هيغسيث أن العملية لا تمثل بداية حرب جديدة، بل “إعلان انتقام” ضد من وصفهم بالأعداء.
بدوره، شدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في كلمة ألقاها أمام أنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية، على أن العملية العسكرية ضد داعش في سوريا حققت نجاحاً كبيراً، قائلاً إن القوات الأميركية “أصابت كل الأهداف بدقة مطلقة”.
وأضاف ترامب أن بلاده تعيد السلام إلى مناطق عدة في العالم من خلال القوة، مؤكداً أن الشرق الأوسط يشهد، بحسب تعبيره، مرحلة غير مسبوقة من الاستقرار.