بدأ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في ترتيب أوراق المشهد السياسي الداخلي في إسرائيل، والعمل على إعادة صياغة أجندة الرأي العام بما يتلاءم مع أهدافه ومصالحه السياسية. وكما فعل مراراً منذ أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل وقبلها أيضاً، يسعى نتنياهو إلى فرض جدول الأعمال العام وإدارته والتحكّم في أولوياته.
وفي هذا السياق، أعاد نتنياهو طرح احتمال استئناف الحرب على إيران والمخاطر التي قد تشكّلها القدرات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل، إلى صدارة الأجندة السياسية والإعلامية.
يأتي ذلك بالتوازي مع قرار الحكومة تشكيل لجنة تحقيق حكومية ــ سياسية في أحداث السابع من أكتوبر، مع صلاحيات تسمح بتوسيع نطاق التحقيق ليشمل المرحلة الممتدّة من اتفاقات أوسلو (1993) وصولاً إلى تلك الأحداث، بما يعكس محاولة لربط الحاضر الأمني بمسار سياسي ــ تاريخي أوسع يخدم سرديته الحالية.
تُوضح تجربة العامين الأخيرين أنه لا يمكن تجاهل التصريحات الإسرائيلية المتكررة بشأن ما تصفه بجهود إيرانية حثيثة لترميم قدراتها الصاروخية ومنظومات الدفاع الجوي، ولا من التهديدات الإسرائيلية باحتمال توجيه ضربات عسكرية جديدة على إيران. فقد شرعت إسرائيل في حملة إعلامية واسعة تهدف، أولاً، إلى بناء سردية موجّهة للرأي العام الإسرائيلي، مفادها أن ثمة "تهديداً إيرانياً جديداً" آخذاً في التشكل، يتمثل في سعي طهران لإعادة تأهيل قدراتها الصاروخية، وتسريع وتيرة إنتاج الصواريخ الباليستية، ومحاولة تطوير قدرات عسكرية جديدة كانت إسرائيل قد استهدفتها خلال الحرب على إيران قبل نحو ستة أشهر. وتدّعي إسرائيل أن إيران تجري تدريبات واسعة النطاق باستخدام الصواريخ الباليستية، يمكن أن تتحول في أي لحظة إلى هجوم مفاجئ على إسرائيل، في تشبيه واضح بالعقيدة العسكرية السوفييتية التي كانت تعتمد تحويل المناورات العسكرية إلى هجوم مباغت.