حذّرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في تقريرها السنوي حول القدرات العسكرية الصينية الصادر يوم الأربعاء، من أن الصين قد تصبح مستعدة لغزو تايوان خلال فترة لا تتجاوز عاماً أو أكثر بقليل، في ظل نمو متسارع لقوتها العسكرية يشكّل تهديداً متزايداً للولايات المتحدة وحلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
ويؤكد التقرير أن بكين تسرّع استعداداتها لصراع محتمل، لا سيما حول تايوان، مع الإشارة إلى أن عام 2027 يُعد محطة مفصلية في التخطيط العسكري الصيني، حيث يُتوقع أن تكون الصين قد راكمت القدرات اللازمة لفرض أمر واقع بالقوة.
تايوان في صلب الحسابات العسكرية
يشير تقرير عام 2025 إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني يعيد تموضع قواته بشكل يمنح الرئيس شي جينبينغ خيارات عسكرية موثوقة لتحقيق ما تصفه بكين بـ"نصر استراتيجي حاسم" على تايوان بحلول عام 2027. ويُعد هذا التوقيت جزءاً مما يُعرف بـ"نافذة ديفيدسون"، وهي التسمية التي أطلقها الأدميرال الأمريكي السابق فيل ديفيدسون عام 2021 للتحذير من تصاعد الخطر الصيني في هذه الفترة الزمنية.
ووفق التقرير، تواصل الصين تطوير عدة سيناريوهات لفرض "توحيد تايوان بالقوة"، من بينها غزو برمائي واسع النطاق، وضربات نارية مكثفة، إضافة إلى احتمال فرض حصار بحري شامل على الجزيرة.
تصاعد التهديد للأراضي الأمريكية
يحذّر التقرير من أن التوسع العسكري الصيني التاريخي لا يقتصر على القوات التقليدية، بل يشمل تعزيز الترسانة النووية، وتطوير أسلحة تفوق سرعة الصوت، وصواريخ بعيدة المدى، إلى جانب قدرات متقدمة في مجالي الفضاء والحرب السيبرانية.
وبحسب البنتاغون، فإن هذه التطورات جعلت "الوطن الأمريكي أكثر عرضة للخطر"، إذ تعتمد الاستراتيجية العسكرية الصينية على ما تصفه بـ"الحرب الوطنية الشاملة"، التي تقوم على تعبئة واسعة النطاق لمواجهة الولايات المتحدة في حال اندلاع صراع مباشر.
كما يشير التقرير إلى أن إقليم غوام الأمريكي، والقواعد العسكرية في آسيا، والسفن الأمريكية في غرب المحيط الهادي باتت ضمن نطاق تهديد مباشر، مع قدرة الصين على تنفيذ ضربات تمتد لمسافة تتراوح بين 1500 و2000 ميل بحري، ما قد يقيّد بشكل كبير أي تحرك أمريكي خلال نزاع محتمل.
سباق الهيمنة وتوسيع النفوذ العالمي
يحذّر التقرير من سعي الصين للهيمنة على ما يُعرف بـ"سلسلة الجزر الأولى" الممتدة من اليابان مروراً بتايوان وصولاً إلى جنوب شرق آسيا، والتي تعتبرها بكين مركز الثقل الاستراتيجي لمشروعها الإقليمي. ويؤكد أن الطموحات الصينية لا تتوقف عند هذا النطاق، بل تمتد إلى امتلاك قدرات عسكرية تمكّنها من عرض القوة عالمياً بحلول عام 2049، تماشياً مع هدفها المعلن ببناء "جيش عالمي المستوى".
كما يسلّط التقرير الضوء على تصاعد الأنشطة السيبرانية الصينية ضد البنية التحتية الأمريكية، مستشهداً بحملة "Volt Typhoon" عام 2024، التي أظهرت قدرة بكين على تنفيذ هجمات رقمية متطورة والبقاء داخل الشبكات الأمريكية لفترات طويلة دون اكتشاف.
واشنطن: الردع لا المواجهة
ورغم حدة التحذيرات، يؤكد البنتاغون أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى "خنق الصين أو إذلالها"، بل تهدف إلى منع أي قوة من فرض هيمنتها على منطقة المحيطين الهندي والهادي أو تهديد حلفائها. ويشير التقرير إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تعمل على تعزيز الردع من موقع قوة، مع الحفاظ على قنوات الاتصال العسكرية مع بكين لتفادي سوء التقدير والتصعيد غير المقصود.
ويختتم التقرير بالتأكيد على أن واشنطن تسعى إلى "سلام مستقر وتوازن قوى" يضمن انسياب التجارة العالمية بشكل عادل، ويحمي مصالح دول المنطقة، مع الإبقاء على تفوق عسكري أمريكي رادع في مواجهة أي تهديدات محتملة.