بيتكوين: 114,639.94 الدولار/ليرة تركية: 40.99 الدولار/ليرة سورية: 12,887.05 الدولار/دينار جزائري: 129.91 الدولار/جنيه مصري: 48.49 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة اقتصاد ومال

التمويل العقاري في سوريا.. مشروع بملامح كندية ودنماركية وخبير يكشف شروط نجاحه

التمويل العقاري في سوريا.. مشروع بملامح كندية ودنماركية وخبير يكشف شروط نجاحه
[caption id="attachment_649464" align="alignnone" width="2405"]التمويل العقاري في سوريا.. مشروع بملامح كندية ودنماركية وخبير يكشف شروط نجاحه التمويل العقاري في سوريا.. مشروع بملامح كندية ودنماركية وخبير يكشف شروط نجاحه[/caption] [audio mp3="https://stepagency-sy.net//nfiles/2025/08/التمويل-العقاري-في-سوريا.-مشروع-بملامح-كندية-ودنماركية-وخبير-يكشف-شروط-نجاحه.mp3"][/audio]     في لحظة فارقة من عمر الاقتصاد السوري، وبعد سنوات طويلة من الجمود الذي خلفته الحرب والعقوبات والانهيار النقدي، تطرح الحكومة مبادرة تمويل عقاري جديدة بوصفها واحدة من أبرز أدوات التدخل لتحفيز النمو وتحقيق التوازن الاجتماعي. هذه الخطوة التي أُعلن عنها مؤخرًا من قبل مصرف سوريا المركزي، تُوصف بأنها أكثر من مجرد خطة إسكان، بل هي محاولة لتأسيس بنية اقتصادية متكاملة تعيد ترتيب العلاقة بين المواطن، والمصرف، والدولة.  

نظام تمويلي مستوحى من تجارب دولية

عبد القادر الحصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي، كشف أن النظام الجديد للتمويل العقاري تم تصميمه استنادًا إلى تجربتين عالميتين ناجحتين: النموذج الكندي، والنموذج الدنماركي، مع إعادة تكييف آلياتهما ليتناسب مع طبيعة الواقع السوري من حيث الإمكانيات والتشريعات والاحتياجات الفعلية للسكان. النظام يتضمن تأسيس هيئة متخصصة للتمويل العقاري تتولى مهمة التنظيم والرقابة، إلى جانب إطلاق مؤسسة وطنية تقدم منتجات تمويلية مرنة، وتطوير مهنة التقييم العقاري لضمان الشفافية والعدالة في تقدير الأسعار.   الحصرية أوضح أن هذه البنية المؤسسية لا تهدف فقط إلى تسهيل عمليات الاقتراض، بل إلى تأمين غطاء قانوني ومهني يحمي الأطراف كافة، ويؤسس لسوق تمويل مستدامة، تشجع على الادخار والاستثمار العقاري. كما أشار إلى ضرورة تمكين شركات التمويل الخاصة من الدخول في هذا القطاع وفق ضوابط واضحة، تضمن التوازن بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية.  

السكن كحق وطني لا كرفاهية

ما يميز هذه المبادرة أنها تنطلق من رؤية تعتبر السكن حقًا أساسيًا للمواطن، لا مجرد منتج استهلاكي. الحصرية تحدث بصراحة عن الحاجة إلى تجاوز الرؤية التقليدية لمشكلة الإسكان، معتبراً أن تأمين منزل لكل عائلة سورية، ولكل شاب في مقتبل العمر، لم يعد ترفًا بل ركيزة من ركائز الاستقرار الاجتماعي. كما لفت إلى أن جزءًا كبيرًا من المنازل السورية دُمّر أو تضرر خلال سنوات الحرب، ما يجعل ملف التمويل السكني ضرورة إنسانية وأمنية في آنٍ معًا.   وفي هذا السياق، دعا الحصرية إلى توفير قروض ميسرة بدعم من مؤسسات التمويل الدولية، لتمكين الأسر التي فقدت مساكنها من إعادة الإعمار، مؤكدًا أن المصرف المركزي سيدعم وزارة المالية والمؤسسات المصرفية الوطنية لتنفيذ هذه الخطة ضمن الإطار الفني والمعياري المعتمد دوليًا.  

ما الذي يعنيه التمويل العقاري للاقتصاد السوري؟

الخبير الاقتصادي السوري، رضوان الدبس، رأى خلال حديث لوكالة ستيب نيوز، في هذه المبادرة فرصة لإعادة تشغيل منظومة الاقتصاد السوري من الداخل. وقال في تحليله: إن التمويل العقاري، في حال أُحسن تطبيقه، قد يتحول إلى رافعة حقيقية تدفع باتجاه تحريك عجلة النمو، من خلال فتح قنوات تمويل للفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، وتنشيط الطلب الداخلي، وإعادة الاعتبار للدورة المصرفية، التي ظلت لسنوات شبه معطّلة.   الدبس أكد أن لهذه الخطوة انعكاسات محتملة على الاقتصاد الكلي، فهي من جهة قادرة على تحفيز الناتج المحلي الإجمالي عبر تنشيط قطاع البناء والصناعات المرتبطة به، ومن جهة أخرى تخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، في مجالات المقاولات والنقل والتجارة والخدمات. وأضاف: أن ضخ السيولة من خلال هذه القروض من شأنه أن يعيد الحيوية للأسواق، ويحفّز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويوسّع من قاعدة الشركاء الاقتصاديين.   أما على مستوى الجهاز المصرفي، فيرى الدبس أن برنامج التمويل العقاري قد يسهم في استعادة الثقة بين المواطن والمصرف، من خلال فتح المجال أمام منتجات تمويلية واقعية وقابلة للتنفيذ، وهو ما قد يشجع على زيادة الودائع وتوسيع النشاط الائتماني.  

أثر مزدوج على بيئة الأعمال والاستثمار

واحدة من المخرجات غير المباشرة المتوقعة لهذا النظام، بحسب الخبير، تكمن في قدرته على تحفيز بيئة الأعمال، من خلال إتاحة المجال لشركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة لدخول السوق، وإطلاق مشاريع سكنية جديدة بشراكة مع القطاع العام. كما أن توسيع الطلب على مواد البناء والخدمات المرتبطة بالعقار قد يفتح الباب أمام فرص إنتاج وتصنيع محلي تعزز من قدرة الاقتصاد السوري على النهوض من الداخل دون الاعتماد الكامل على الواردات.   يرى الدبس أيضًا أن تحريك هذا القطاع سيوسّع القاعدة الضريبية، ويفتح آفاقًا أمام إدخال مزيد من الأنشطة الاقتصادية في الدورة الرسمية، ما يعزز من موارد الدولة دون فرض ضرائب إضافية على المواطنين.  

التحديات: ما الذي قد يعيق التنفيذ؟

ورغم الصورة الإيجابية التي يقدّمها المشروع، إلا أن الدبس حذّر من مغبة تجاهل التحديات الهيكلية التي قد تقوّض فاعليته، وفي مقدمتها ضعف القدرة الشرائية لغالبية السوريين. إذ إن متوسط الرواتب الحالي لا يكفي لتغطية أبسط متطلبات المعيشة، ناهيك عن أقساط تمويل عقاري، حتى لو كانت ميسرة.   كما أشار إلى هشاشة البنية المصرفية، التي لا تزال تعاني من نقص في الفروع والكفاءات الفنية، ما قد يُعيق التعامل مع حجم الطلب المتوقع. ومن بين العقبات الأخرى التي قد تظهر سريعًا، ما أسماه الخبير "التضخم العقاري"، أي ارتفاع أسعار العقارات بسبب زيادة الطلب وقلّة العرض، خاصة في ظل ندرة الأراضي الجاهزة للبناء، وارتفاع أسعار مواد البناء التي تخضع لتقلبات السوق الدولية والعقوبات المفروضة.  

كيف يمكن إنجاح المشروع؟

يرى الدبس أن نجاح هذا النظام مرتبط بمجموعة شروط ينبغي توافرها منذ البداية، أبرزها تبني الحكومة آلية دعم مباشر للفئات الأكثر هشاشة، إما عبر دعم الفائدة، أو عبر تسهيلات في الأقساط. كما دعا إلى إطلاق خطة وطنية لتأمين مواد البناء بأسعار مدروسة، وتوسيع البنية التحتية المصرفية بشكل يواكب التطور المطلوب، إلى جانب فرض رقابة صارمة على السوق العقارية للحد من المضاربة والاحتكار.   التعاون مع القطاع الخاص، برأيه، ليس خيارًا، بل ضرورة، لضمان تنفيذ سريع وفعّال، مع الالتزام بالمعايير الفنية والمالية التي تضمن الجودة والجدوى الاقتصادية. [caption id="attachment_649465" align="alignnone" width="609"]الخبير الاقتصادي السوري، رضوان الدبس الخبير الاقتصادي السوري، رضوان الدبس[/caption]

مشروع واعد يتطلب إصلاحات أعمق

في الخلاصة، لا يبدو أن التمويل العقاري مجرد سياسة قطاعية، بل هو مشروع متعدد الأبعاد، يحمل في طياته إمكانات لتحريك الاقتصاد، وإعادة التوازن إلى المجتمع، وفتح نوافذ أمل لشباب فقدوا الأمل بالحصول على مأوى خاص بهم. لكن نجاح هذا المشروع، كما يؤكد الدبس، مرهون بإرادة تنفيذية صلبة، ورؤية واقعية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المرحلة وتحدياتها.   فإذا ما تمت ترجمة هذه المبادرة إلى خطوات تشريعية وتنظيمية ومصرفية متماسكة، ورافقتها إرادة سياسية للرقابة والدعم، فإن التمويل العقاري قد لا يكون مجرد أداة تمويل، بل بوابة فعلية للتعافي. أما إذا تم طرحه دون إصلاح جذري في البيئة الاقتصادية، فإن مخاطر التعثر والتضخم العقاري والعجز عن السداد قد تعيد الأزمة إلى المربع الأول، ولكن هذه المرة تحت عناوين أكثر تقنية، وأقل إنسانية.    

اقرأ أيضاً|| الغاز الأذربيجاني يصل سوريا.. مسؤولون يوضحون التحديات ومتى يبدأ تحسّن الكهرباء

   

إعداد: جهاد عبد الله

https://youtu.be/eOG6ae5ye0g?si=LLHd6we0SPvzVzgy
المقال التالي المقال السابق
0