بيتكوين: 114,330.20 الدولار/ليرة تركية: 41.96 الدولار/ليرة سورية: 11,004.23 الدولار/دينار جزائري: 130.13 الدولار/جنيه مصري: 47.44 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا - قصة - وكالة ستيب نيوز
سوريا
مصر - قصة - وكالة ستيب نيوز
مصر
ليبيا - قصة - وكالة ستيب نيوز
ليبيا
لبنان - قصة - وكالة ستيب نيوز
لبنان
المغرب - قصة - وكالة ستيب نيوز
المغرب
الكويت - قصة - وكالة ستيب نيوز
الكويت
العراق - قصة - وكالة ستيب نيوز
العراق
السودان - قصة - وكالة ستيب نيوز
السودان
الاردن - قصة - وكالة ستيب نيوز
الاردن
السعودية - قصة - وكالة ستيب نيوز
السعودية
الامارات - قصة - وكالة ستيب نيوز
الامارات
فلسطين - قصة - وكالة ستيب نيوز
فلسطين

المسألة الكردية في سوريا: الجذور والأسئلة

المسألة الكردية في سوريا: الجذور والأسئلة - رأي يزن زريق - وكالة ستيب نيوز

إن الجذور الحقيقية للمسألة الكردية تعود بالضبط إلى الثامن من آذار عام 1963، حيث قفزت في ذلك التاريخ إلى السلطة في سوريا عصبة انتهازية من "صِبية" حزب البعث العربي الاشتراكي، أورثت البلاد والعباد أزمات ومشاكل وعُقدًا اجتماعية وسياسية واقتصادية لا نزال نعيش تبعاتها وترِكاتها إلى اليوم.

وقبل المتابعة في تحليل المسألة (أو محاولة تقديم قراءة تحليلية لها)، لا بد من الإشارة إلى أن المقصود بكلمة "صِبية" ليس لفظًا عابرًا، بل توصيف سياسي، إذ كنا فعليًا أمام مجموعة شبه عسكرية قفزت إلى مفاصل الحكم في البلاد وهي لا تحمل في جعبتها إلا توجهات مغرقة فيما يُسمى في علم السياسة اليوم بـ"المراهقة السياسية"، كتوصيف لحالة التعامل الاعتباطي والانفعالي مع مجمل القضايا الاجتماعية والسياسية المطروحة أمام الفئة الحاكمة، مضافًا إليها بالتأكيد انتهازية متطرفة وجشع غير مسبوق للسلطة والمكاسب.

وبالعودة إلى مسألتنا، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الزمرة كانت مستندة أساسًا إلى ادعاء مركزي يقوم على نصرتها لقضية العرب المركزية، ألا وهي وحدتهم. وبحسب ادعائهم الذي جاهروا به، قاموا بالانقلاب العسكري ضد الحكم الانفصالي الذي تولّى زمام السلطة عام 1961 عبر انقلاب عسكري قام به هو الآخر ضد الجمهورية العربية المتحدة، وأسقط فيه حكم الوحدة.

وحتى إن الانقلاب الذي قامت به زمرة 8 آذار كان بالتحالف مع الكتلة الوحدوية الناصرية في الجيش السوري بقيادة جاسم علوان، وكان الهدف المعلن إعادة حكم الوحدة مباشرة، وبمجرد استقرارهم في السلطة، انقلبوا على الناصريين ورفضوا إعادة حكم الوحدة، وكرّسوا الحكم الانفصالي القطري، رافضين التخلي عن مكاسبهم التي حصلوا عليها بضربة حظ شعروا أنها لن تتكرر.

وبذلك صار موقفهم الداخلي أمام أنفسهم وحاضنتهم الشعبية والحزبية صعبًا؛ فهم دعاة القومية العربية، لكنهم فشلوا ورفضوا تحقيق أبسط متطلباتها المتمثلة في إعادة الوحدة، والتي كانت تحظى بتعاطف أغلبية الشعوب العربية. إن سلطة البعث باتت في تناقض داخلي ولّد لديها مجموعة من العُقد النفسية والمآزق السياسية. فمن المفروض أنهم "قوميون عرب"، لكنهم لم يقدموا بعد استلامهم للسلطة حتى "قلامة ظفر" لقضية القومية العربية.

لم يُعيدوا حكم الوحدة الذي كانوا قد قاموا بانقلابهم أساسًا ضد النحلاوي لإعادته، وبالتأكيد كانوا أضعف وأصغر من أن يقدموا أي شيء جدي لقضية العرب الأخرى، وهي القضية الفلسطينية، وذلك ما تأكد بشكل جلي في حرب 1967 وتكرر في 1973. فالحزب الذي أتى ليوحّد العرب زادهم تفرقة وشرذمة، (وفيما بعد كان صراع بعثي العراق وسوريا المتجاورين مهزلة كبرى). والذي أتى ليحرر العرب، زادهم احتلالًا، وزادهم من مرّ الهزائم هزائم جديدة.

إن زمرة البعث التي فشلت في حل قضايا المسألة القومية العربية، والتي كانت قد تنطعت لحلها وقامت بانقلابها أساسًا بدعوى أنها تريد حلها، ذهبت لتُفرغ جميع "عُقدها القومية" –إن صح التعبير– في التطرّف في معاملة الأقليات القومية والإثنية المقيمة على الأراضي السورية، وعلى رأسها القومية الكردية.

إن البعث الذي فشل في مواجهة القضايا القومية الكبرى والحقيقية، لم يبقَ أمامه من مجال لإثبات قوميته المفقودة ولإثبات ادعاء عروبته المطعون بها، إلا عبر سياسات الاضطهاد والتهميش ضد الأقليات القومية والإثنية الصغيرة في الداخل السوري، ومصادرة حقوقها وطمس هويتها، كنوع من التعويض وفي مسعى مرضي لإثبات الذات عبر توجهات قومية مشوّهة ومراهقة واعتباطية.

الأكراد والتركمان والآشور والأرمن والسريان وغيرهم، أقليات قومية تاريخية سكنت البلاد منذ آلاف السنين، وهي جزء حي وأصيل من نسيج مجتمعي سوري بالغ الغنى. ومع وصول البعث إلى السلطة، بدأ اتجاه بعثي مقيت بالظهور في معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية تحت دعوى "العروبة والانتماء العربي والعصبية القومية العربية".

لقد عانى أكراد سوريا اضطهادًا مضاعفًا في عهد البعث. فإلى جانب الحكم البوليسي والأمني والفاسد الذي عانى منه السوريون على مدى عقود، فقد عانى الأكراد تحديدًا ممارسات ممنهجة ومتطرفة –أمنية وسياسية– كانت نتيجتها بؤسًا مضاعفًا في مناطقهم.

لقد انطلق العقل البعثي الأمني "المبدع" بمجموعة من الحملات الهستيرية هدفها قمع أهالي المنطقة وتشتيتهم بأي وسيلة ممكنة، بدءًا من "الحزام العربي" السيّئ الذكر والمعروف جيدًا بالنسبة لأهالي المنطقة، والذي يسمى محليًا أحيانًا "بخط العشرة" أو "خط المطر"، والذي تضمّن عمليات تهجير قسرية صريحة، عدا عن عمليات السلب الممنهجة لأملاك المزارعين الكرد، بغية تطبيق مخططات ديموغرافية خرقاء لم تنتج إلا زرع الأحقاد وتدمير الوحدة الوطنية والاجتماعية في المنطقة لعقود، بل إلى اليوم.

بالإضافة إلى السياسات والخطط الأمنية البشعة في مسألة "التعريب" ومحاربة اللغة المحكية، وفرض اللغة العربية قسرًا، ومنع الأعياد والمناسبات القومية والمحلية... لينشأ لدينا جو من الترهيب والتوجس والخوف والفوبيا المتبادلة بين العرب والكرد إلى درجة وصل الأمر معها إلى أن مجرد حديث الشخص بلغته المحلية يجعله مشبوهًا وعُرضة للمساءلة الأمنية.

ومع الوقت بلغ الأمر حدّ منع تسجيل المواليد وعرقلة تثبيت الولادات ومنح الهويات، لينشأ لدينا جيل كامل من الشعب الكردي كان سقف مطالبه، مع انطلاق الثورة السورية، هو فقط الحصول على الهويات الشخصية!

كل ذلك وأكثر جعل الشعب الكردي في سوريا في طليعة المندفعين لإسقاط نظام الاستبداد، ومن أوائل المندفعين للتخلص من إرث هذا الحكم القمعي يدًا بيد مع بقية أبناء الشعب السوري من العرب وغيرهم.

أسئلة اليوم

اليوم باتت الأمور واضحة وسهلة الطرح، خاصة بعد أن صار تاريخها ومسارها واضحين أمامنا. فأين هي مصلحة الأكراد اليوم، بل كل الأقليات القومية والإثنية في سوريا؟ أين مصالحهم الحقيقية؟ وأين هو مستقبلهم ومستقبل أبنائهم ومناطقهم؟

هل هو في ربط مصائرهم بالألاعيب الدولية والاستخباراتية، وما يمكن تسميته بـ"لعبة الأمم" التي غالبًا ما تكون شديدة الهشاشة، وغالبًا ما يكون الخاسر الأكبر فيها هو شعوب المنطقة تحديدًا؟

كم مرة في تاريخنا الحديث والمعاصر تكرّر مشهد ارتباط مصائر أقليات قومية أو إثنية بمصالح أجنبية عابرة؟ وعند أول صفقة كبرى، فإن أول ما تُضحي به الدول الكبرى هو مصالح شعوب هذه الأقليات بالذات، ورميها عند أول مفترق طرق، والتخلي عنها وتركها لمصيرها.

أليس الأولى والأضمن والأثبت والأبقى والأرسخ هو التعاقد الاجتماعي الداخلي بيننا نحن السوريين، لنكون مركبًا ثابتًا قويًا متماسكًا مهما تقلبت أو تغيرت الأمواج والرياح الدولية والإقليمية؟

إن الدولة السورية اليوم في مرحلة التأسيس، والكل مدعو للمشاركة على أسس الديمقراطية والمساواة والحقوق الراسخة. فاللامركزية الإدارية، والحقوق الثقافية واللغوية والقومية، كلها دون استثناء مطروحة برحابة صدر على الطاولة للنقاش والحوار والاتفاق والتعاقد فيما بيننا، دون "عقد نقص"، ودون تشنجات أو مخاوف، وبأخوة كاملة وعلى أساس المساواة القومية والعرقية والإثنية الكاملة في الحقوق والواجبات، في وطن واحد وبلد واحد هو بلا شك غني ورحب ويتسع للجميع.

أليس هذا هو الطريق المنطقي؟ أليس هذا هو الحل الطبيعي للمسألة الكردية وكل القوميات في سوريا؟ أليس واضحًا أن ألمنا واحد ووجعنا واحد، وطريقنا واضحة واحدة، كلنا دون استثناء كسوريين نحو بناء دولة جامعة يعيش فيها كل أبنائها على أساس المواطنة والحقوق الفردية والقومية المتساوية؟

هذه هي أسئلة اليوم، نطرحها على أنفسنا وعلى كل السوريين، ونحن مدعوون للإجابة عليها لنحدد مستقبلنا ومصيرنا معًا في غدٍ أفضل.

 

ملاحظة|| الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر كاتبه، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

ملاحظة: الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر كاتبه، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع