بآمال كبيرة لإنهاء الحرب وفتح صفحة جديدة يسود فيها السلام في الشرق الأوسط، احتضنت مدينة شرم الشيخ المصرية، أمس، قمة وُصفت بالتاريخية برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة أكثر من 30 من قادة الدول العربية والأوروبية والآسيوية، حيث شهدت توقيع وثيقة دعم اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة.
ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت القمة، برزت تساؤلات حول التحديات التي قد تعرقل تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي، خاصة مع تأكيدات على صعوبة المراحل المقبلة.
وخلال القمة، بدا ترامب متفائلاً وهو يكرر مرارًا أن "الحرب انتهت"، متحدثًا عن "فجر جديد" يلوح في أفق الشرق الأوسط.
نقاط غامضة في الخطة
غير أن محللين حذروا من أن عدة نقاط لا تزال عالقة في "خطة غزة"، وقد تهدد استقرار الاتفاق، أبرزها مسألة نزع سلاح حماس، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وهوية الهيئة الدولية التي ستتولى إدارة غزة، إلى جانب الترتيبات الأمنية المستقبلية.
فحركة حماس ترفض حتى الآن تسليم سلاحها، معتبرة أن الأمر شأن داخلي فلسطيني، بينما تطالب بضمانات أمريكية لانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
في المقابل، تتمسك إسرائيل بعدم السماح للحركة بالاحتفاظ بسلاحها، وتلمح إلى أنها لن تنسحب بالكامل رغم إعلان التزامها بخطة ترامب.
حتى الآن، انسحب الجيش الإسرائيلي من معظم مدينة غزة وخان يونس ومناطق أخرى، لكنه لا يزال متمركزًا في رفح جنوبًا، وفي بلدات أقصى شمال القطاع وعلى طول الحدود.
مستقبل الحكم في غزة
ما زال مصير إدارة غزة غير محسوم، إذ تنص الخطة الأمريكية على إدارة دولية تشرف على حكومة تكنوقراط فلسطينية تدير الشؤون اليومية، بينما تصر حماس على أن تحديد حكومة القطاع يجب أن يتم من قبل الفلسطينيين أنفسهم.
كما تشير الخطة إلى احتمال عودة السلطة الفلسطينية بعد "إصلاحات جذرية"، وهو ما يرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتطرقت الخطة أيضًا إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، وهو ما لاقى رفضًا قاطعًا من نتنياهو.
"قوة الغموض"
ويرى دبلوماسيون غربيون أن قوة خطة ترامب تكمن في غموضها، إذ تجنّبت الدخول في تفاصيل قد تُفشل المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه تركت الكثير للحسم لاحقًا.
وحذر خبراء من أن أي تباطؤ في تنفيذ الاتفاق قد يدفع أطرافًا متشددة في إسرائيل إلى الضغط لاستئناف العمليات العسكرية، ما قد يهدد بانهيار الاتفاق مبكرًا.
نفوذ ترامب في إسرائيل
من جهة أخرى، بات ترامب يحظى بشعبية غير مسبوقة في إسرائيل تفوق شعبية نتنياهو نفسه، مما يمنحه نفوذًا قويًا في التأثير على القرارات الإسرائيلية.
وقال الخبير الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط جون ألترمان إن "ترامب قادر على توجيه نتنياهو لأنه أكثر شعبية منه في إسرائيل، ويمكنه دعم مستقبله السياسي أو إنهاؤه تمامًا".
وخلال خطابه أمام الكنيست، مازح ترامب نتنياهو قائلًا: "الآن يمكنك أن تكون ألطف قليلًا يا بيبي... لأنك لم تعد في حالة حرب".
لكن مراقبين حذروا من أن أي تغييرات في التحالفات داخل الكنيست أو تراجع الدعم العربي قد تعقّد مستقبل الاتفاق، خصوصًا في ظل الجدل حول إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، وهي النقطة الأكثر حساسية في الوثيقة.
يذكر أن ترامب أعلن الأربعاء الماضي (8 أكتوبر) التوصل إلى اتفاق حول المرحلة الأولى من خطة غزة، بعد مفاوضات غير مباشرة استمرت أربعة أيام في شرم الشيخ، تضمنت 20 بندًا لوقف الحرب وتبادل الأسرى.