الشأن السوري

“الإسلام ليس دين دولة تونس”.. مشروع دستور جديد يثير الجدل!

بعد حسمه منذ سنوات، عاد صراع الهوية في تونس إلى الواجهة عبر تصريحات منسق فريق صياغة الدستور، الصادق بلعيد، بشأن عدم ذكر مرجعية الإسلام في دستور تونس الجديد، ما أثار جدلاً واسعاً بالبلاد التي شهدت تغييرات كبيرة منذ اندلاع الربيع العربي واتخذت الأحزاب السياسية الإسلامية فيها مكانة أكبر بينما كانت تعرف قبل ذلك بأنها الأكثر علمانية بين الدول العربية.

دستور تونس الجديد يثير الجدل

قال رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد دستور تونس “الجمهورية الجديدة” ، العميد صادق بلعيد، إنه سيعرض على الرئيس قيس سعيّد، مسودة لدستور لن تتضمن ذكر “الإسلام دين الدولة”، بهدف التصدي للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على غرار حركة النهضة.

وأضاف أن “80% من التونسيين ضد التطرف وضد توظيف الدين من أجل أهداف سياسية، وهذا ما سنفعله تحديداً، وسنقوم بكل بساطة بتعديل الصيغة الحالية للفصل الأول من دستور تونس “.

ويقول الفصل الأول من الدستور: “تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها”، وكان سعيّد قد انتقد في مناسبات عدة هذا الفصل، بسبب التنصيص على أنّ الإسلام دين الدولة التونسية، مهاجماً كل من يستشهد بهذا الفصل.

وقال سعيّد، خلال موكب ديني في رمضان الماضي، إنّ “الإسلام هو دين الأمة وليس دين الدولة، ونحن لا نصلي أو نصوم بناء على الفصل الأول من دستور تونس، وإنما بأمر من الله”.

وأوضح بلعيد رؤيته بأنه: “إذا تم توظيف الدين من أجل التطرف السياسي فسنمنع ذلك” مضيفاً: “لدينا أحزاب سياسية أياديها متسخة، أيها الديمقراطيون الفرنسيون والأوروبيون شئتم أم أبيتم، فنحن لا نقبل بأشخاص وسخين في ديمقراطيتنا”.

وحركة النهضة هي الحركة التي تمثل التيار الإسلامي في تونس وتنظيم الإخوان المسلمين، تأسست أوائل سبعينات القرن الماضي تحت اسم “الجماعة الإسلامية”، ومن أبرز مؤسسيها رئيسها الحالي راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو.

وأثارت الحركة بلبلة في البلاد عندما قرر الرئيس قيس سعيد في بداية العام الجاري حل البرلمان التونسي ووصف رئيس الحركة راشد الغنوشي، قرار سعيّد بحل البرلمان بأنه غير دستوري وخطوة تعمق الأزمة السياسية في البلاد.

وفتح القضاء التونسي تحقيقاً مع حركة النهضة حول قضية عرفت باسم “اللوبينغ” وهي قضية تتعلق بوجود شبهات حول تلقي جهات بالبلاد تمويلاً خارجياً لدعم حملاتها الدعائية بانتخابات 2019، وبدأ القضاء التحقيق فيها في يوليو/ تموز الماضي ضد جهات شملت حزبي “النهضة” ( (53 نائبا من 217)، و”قلب تونس” (28 نائبا) وجمعية “عيش تونسي” (نائب واحد).

وأكد أن حزب “النهضة وأحزابا أخرى تخدم الكثير من القوى أو الدول أو الدويلات الأجنبية التي تمتلك أموالا كثيرة وتريد إنفاقها كما يحلو لها وتوظفها للتدخل في شؤون الدول… هذه خيانة”.

اقرأ أيضاً:بالفيديو|| مدن معاقل الاخوان بتونس تطرد الغنوشي..واحتجاجات لمنع “إسقاط الرئيس”

آراء مناهضة للتغير الدستوري

بدوره، قال رئيس المكتب السياسي لحزب ائتلاف الكرامة، يسري الدالي، إنّ “هذه رسالة واضحة إلى الغرب لمساندة سعيّد، من خلال مغازلة الإسلاموفوبيا الغربية، وتصريحات بلعيد ليست مجانية وهو يعلم جيداً ما يقول، فهي رسالة طمأنة ومناداة وطلب دعم، مقابل القضاء على الإسلام السياسي في تونس”.

وأضاف أن “هذه مناورة سياسية خطيرة جداً، فبالإضافة للقوة الصلبة التي تساند سعيّد، فهم يحتاجون إلى دعم دولي من الدول التي تدفع لتصبح تونس دولة علمانية وأكثر”، مشيراً إلى أنه “ليس لدينا مشكلة مع العلمانية”.

اقرأ أيضاً: الرئيس التونسي يأمر بطرد مبعوثي “لجنة البندقية” من بلاده

وأكد أن “توجه بلعيد معلوم ومن دُعي إلى الحوار ومن يشاركون فيه هم من اليسار المتطرف الراديكالي الذي يمثلون بطانة تمرير الدستور” بحسب تعبيره.

ومن جانبه، قال رضا بلحاج، القيادي في جبهة “الخلاص الوطني” المعارضة للرئيس قيس سعيّد: “إن تصريحات الصادق بلعيد تسير في سياق انطلق منذ يوم ال 25 من يوليو / تموز المنصرم حين قرر الرئيس التونسي احتكار السلطة في البلاد”، بحسب تعبيره.

وأضاف أن “تونس تتوفر على دستور تم التوافق عليه عام 2014 بعد مسار حوار طويل ومتشعب، والصيغة الموجودة في دستور 2014، هي صيغة تحمل حياد الدولة باعتبارها ليست دولة دينية وليست دولة إسلامية”.

اقرأ أيضاً: بالفيديو|| تونس.. بعد تسببه بقلع أنياب أسد برنامج رمضاني يثير غضب المتابعين

وأكد بلحاج أن “الصيغة التوافقية التي جاء بها دستور 2014 تشير إلى أن الدولة ترعى الدين وهي الصيغة التي اتفقت عليها كل الأطراف عام 2014، وهي صيغة تحمي الحريات العامة، وحرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية لكل الأديان”، بحسب رأيه.

وتأتي تصريحات صادق بلعيد عقب أيام من تعيينه منسقا للهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد دستور تونس، والتي باشرت مشاوراتها وسط انتقاد واسع من نقابات ومن أحزاب سياسية، وبالتزامن مع تغيرات كبرى في الحالة السياسية بالبلاد تمثلت قبل أيام بعقد اجتماع تحت شعار “إسقاط الرئيس” ومحاولة تنظيم الإخوان ومجموعات مناصرة له الانقلاب على سعيّد، تمت مواجهتها من مناصري الرئيس جنوب البلاد.

دستور تونس الجديد يثير الجدل
دستور تونس الجديد يثير الجدل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى