قصص خبريةسلايد رئيسي

تحت ستار الخيمة المهترئة وعلى فراش المرض.. أكبر أحلامه بات طعامًا مطبوخًا على الغاز!

جالسٌ على فراشه تحت خيمته المهترئة، مع تلك الزوجة التي تحملت معه أفراحه وأتراحه عشرات السنين، متكئة على كتفه المتمايلة نحو الأسفل، قواسمهما المشتركة كثيرة منها المرض والتجاعيد الكثيرة المحفورة في كل أجزاء وجههما، يشاركهما المرض ابنٌ معاق وأفراد جياع وابنةٌ أرملة.

تحت ستار الخيمة المهترئة وعلى فراش المرض.. أكبر أحلامه بات طعامًا مطبوخًا على الغاز!

عائلة “أبو محمد” ستُ سنواتٍ من التنقل والنزوح من منطقة إلى أخرى، ومن محطة أمانٍ إلى أخرى ليحط بهم الرحال أخيراً بعد عناء في مخيمات دير حسان، حتى من النزوح قلَّت حظوظهم، حوتهم خيمةٌ مهترئة لا تكاد تتسع ل7 أفراد، فكيف لعائلةٍ تملك 12 فرداً!.

مراسل وكالة “ستيب الإخبارية” في ريف إدلب، حسن المحمد، رغم صعوبة الوصول وخطورة الطريق، تمكن من الوصول إلى خيمة “أبو محمد”، التي تبعد كل البعد عن مسمى سكن أو مأوى، ممزقة من سقفها ورقيقة في بنيتها.

ما إن بدأنا الحديث حتى أجهش “أبو محمد” بالبكاء، رقيق القلب وفي عينه تلتمع خيوط الابتسامة لدى مرور أحفاده من ابنه الوحيد الذي لايعرف مايدور حوله من مرارة الحياة، بعد صمتٍ ساد للحظات قال: كنت أعمل في مجال الزراعة في أرضي بحماة، ولكن ما إن اندلعت الثورة حتى بدأت قوات النظام السوري باقتحام منازلنا لأننا معارضين لنظامه.

تكاد عند النظر إلى تعابير وجه هذا الهرم، أن تحصي ما بها من تجاعيد عريضة، يبدو أن تجاعيد وجهه أيضاً باتت تتكاتف لتسانده طويلاً: نزحنا من ريف حماة إلى قرية صغيرة بالقرب من مدينة كفرنبل إلا أن طيران الحقد لاحقنا بصواريخه، حينها أصبت بشلل دماغي جعلني عاجزاً مقعد الفراش ومن خلفي أكوام من اللحم دون أي معيل، فقصدنا الحدود التركية على الفور، وكانت صخور مخيمات دير حسان بانتظار أفراد عائلتي التي لا حول لها ولا قوة.

تحت ستار الخيمة المهترئة وعلى فراش المرض.. أكبر أحلامه بات طعامًا مطبوخًا على الغاز!

كل مرض قابلٌ للشفاء، إذا توفر العلاج الممكن والمال الكافي أو أيادٍ بيضاء خيرية، لكن “أبو محمد” لم يتمكن من العلاج لعدم وجود أحد من أقربائه بجانبه ليأخذه إلى المركز، وعدم توفر المال لدفع إيجار جلسات المعالجة الفيزيائية، وهو ما حال بينه وبين عافيته.

مراسلنا عند زيارة خيمة “أبو محمد”، لاحظ ضيق مساحتها نسبةً لعدد أفراد عائلته، حيث تقتصر على حصيرة ممزقة وسجادة قديمة مهمتها تغطية التراب وفصله عن أجساد الموجودين.

يتحدث “أبو محمد” بلهجته القروية وهو ملقى على ظهره وفمه يكاد لايحسن النطق جيداً: “مو بس هون القصة كمان عنا مصروف الدوا كل كم يوم بدنا مبلغ لنحسن نجيبو”، مشيراً إلى أن خيمته تحوي 3 من أبناء بيته بحاجة الدواء هو وزوجته وابنه المعاق.

اقرأ أيضاً : بقدمٍ واحدة وأحشاء مزّقتها شظايا الإجرام.. الوطن لم يعد حنوناً على “أبو عمر” والدواء لا يفيد

وتسكن مع عائلة “أبو محمد” ابنته الأرملة التي قتل زوجها العام الماضي بقصف الطيران، حيث ضاقت بها الأيام حتى رأت نفسها بين يدي أب عاجز وأخ معاق وعائلة تنتظر الفرج من الله، فكانت سنداً لعائلتها، بدأت بمساعدة أهلها تطبخ لهم على الحطب لأن عبوة الغاز من المستحيل الوصول إليها فثمنها يعادل مصروفهم شهراً كاملاً.

شاهد أيضاً : قُتِلَ ابنه تاركاً خلفه أطفالاً صغار تركتهم أمهم برعاية جدهم العاجز لتتزوج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى