الشأن السوريسلايد رئيسي

بإشراف من أسماء الأسد.. تسريبات حول مصير عماد خميس بعد أن وقع “كبش فداء”

انتشرت الكثير من الروايات حول مصير رئيس الوزراء السابق في حكومة النظام السوري “عماد خميس”، بعد عزله من قبل رأس النظام السوري بشار الأسد، في حزيران الماضي، وتقول معظم المصادر إنه موقوف على ذمة التحقيق بقضايا فساد ارتكبها خلال سنوات ترؤسه الحكومة.

عماد خميس على ذمة التحقيق

وبحسب مصدر مطلع مقرب من دوائر أمنية في النظام لـ”العربي الجديد”، فإنّ “التحقيق مع عماد خميس يتم عبر أحد الضباط المرتبطين بالقصر الجمهوري، وبتكليف مباشر من رئيس النظام السوري بشار الأسد، في حين تتم متابعة التحقيق من قبل زوجته أسماء الأخرس بشكل شخصي”.

وذكر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية أنّ “أسماء عدّة مسؤولين كبار في النظام السوري من بينهم وزراء ومديري إدارات، ذكرت في التحقيقات على خلفية تورطهم بقضايا فساد كبرى تزيد قيمتها عن مئات ملايين الدولارات”.

و نوّه أنّ :”كل تلك الاتهامات لا تعني معاقبة جميع من يثبت تورطهم بتلك القضايا، فالنظام السوري لديه معايير أخرى فوق القانون، أهمها الولاء الأعمى ورضا الدولة العميقة على الشخص، وهذا يفتح احتمالات عدة أهمها اختيار كبش فداء، غالباً ما يكون الشخصية الأضعف بين من تدور حولهم الاتهامات لتحميله كامل المسؤولية ويتم التخلص منه في ما بعد”.

وأضاف المصدر بأن عماد خميس ممنوع من إجراء أي اتصال أو تلقي أي زيارات وذلك بأمر من زوجة رأس النظام السوري أسماء الأسد.

وأشار إلى أن خميس وخلال التحقيق معه، قاد إلى شخصيات أمنية كبيرة، وقد تم إيقاف بعضها رهن التحقيق ومنهم اللواء ابراهيم الوعري نائب رئيس شعبة المخابرات، وفواز أسعد مدير إدارة الجمارك، مازن حماد أحد التجار الكبار في طرطوس.

وذكر المصدر أن التخلص من أولئك الأشخاص يتم من خلال مسلسل معروف بحسب تعبيره، وأوضح أنه: ” يتم إخضاع الشخص المختار للإقامة الجبرية أو زجه في السجن، ثم يتم إعلان انتحاره أو موته جراء مرض عضال أو جلطة، وبالتالي تتحمل تلك الشخصية أخطاء وفساد مرحلة ما، ويكون موتها وأداً لما تحمله من حقائق وأسرار من جهة، ومن جهة أخرى، تكون عبرة لغيرها من مسؤولي النظام إن كان أحدهم يفكر بالشذوذ عن الطريق”.

ومن جهته تحدث أحد القياديين في حزب البعث عن الفساد المستشري في النظام السوري وأكد أنه يعود إلى بداية ما أسماه استيلاءه على السلطة عام 1963، إذ فتح “حزب البعث العربي الاشتراكي” بابه للجميع للتسلق على المناصب وجني المكتسبات مقابل الولاء الأعمى، وجراء عدم توفر الكوادر اللازمة لحكم البلاد حينها، وهو الأمر الذي تكرس مع تفرد حافظ الأسد بالسلطة لاحقاً، وزيادة سطوة الدولة الأمنية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

وقال القيادي الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، في حديث مع “العربي الجديد”: “كان حافظ الأسد يسمح بهامش من الفساد، يختلف من شخص لآخر، وبالطبع بشرط الولاء الأعمى، وكانت الأجهزة الأمنية توثق ملفات الفساد لتكون جاهزة عند الطلب، وهذا مقترن بمعايير الدائرة الضيقة والأسد بشكل مباشر”.

وبين أنّ “ملف مكافحة الفساد طُرح كعنوان براق مع بدء تحضير الأسد الأب في نهاية تسعينيات القرن الماضي بشار الأسد لتسلم زمام السلطة، وهو العنوان ذاته الذي يطرحه النظام خلال الاستعصاءات والأزمات التي يعيشها، وقد يكون رئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي أبرز الشخصيات التي تمت التضحية بها، تحت عنوان مكافحة الفساد عام 2000”.

وأشار المتحدث نفسه إلى أنّ النظام “قدّم بعدها بشار الأسد على أنه مخلص السوريين من الفساد المستشري، بما يدعم قبوله رئيس سورية القادم بغض النظر عن مسؤولية والده عن هذا الفساد”. وتابع: “عقب موت الأسد الأب وتسلم الابن، يبدو أن خللاً كبيراً أصاب منظومة الحكم، فأصبح هناك العديد من مراكز القوى ومنظومات الفساد التي كسرت قوانين الفساد السابقة، وراحت تستشري وتخلق محدثي النعمة وواجهات المتنفذين في النظام”.

وفي نهايات العام الماضي، عاد الأسد للحديث عن مكافحة الفساد بشكل مكثف، حتى أنه قال في إحدى مقابلاته التلفزيونية التي بثت نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنّ “الأولوية الآن لمكافحة الفساد بسبب الظروف الاقتصادية الحالية”، مضيفاً “لا يمكن أن نتحدث عن تطور الدولة من دون أن تكون هناك مكافحة فساد”.

وفي نهاية العام الماضي، قال رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية، محمد برق، إنّ قيمة المبالغ التي اختُلست من المال العام تجاوزت 5.8 مليارات ليرة، وأنّ المبالغ المستردة وصلت إلى 1.5 مليار ليرة.

اقرأ أيضاً : قبل إقالة حكومته.. عماد خميس يتحدث عن حل لإنقاذ الليرة السورية ومجلس الشعب يهدده

في حين أشار أخيراً لصحيفة “الوطن” الموالية للنظام السوري، إلى أنّ المبالغ المكتشفة والمطلوب استردادها لمصلحة الخزينة العامة للدولة من الجهات العامة، في القطاعين الاقتصادي والإداري، خلال العام الماضي 2019، تجاوزت 13.15 مليار ليرة سورية، إضافة إلى 425.37 ألف يورو و455.17 ألف دولار.

وبدأ النظام في النصف الثاني من العام الماضي يشعر بتزايد الضغوط عليه ولا سيما الاقتصادية منها، فجاء تسريب الحجز الاحتياطي على أموال وزير التربية السابق هزوان الوز في تموز 2019، إلى جانب 87 شخصاً من داخل النظام أو المرتبطين به مع زوجاتهم، بتهم فساد عدة تصل قيمتها إلى مئات مليارات الليرات، والتي سلط الإعلام الرسمي الضوء عليها بشكل لافت على غير عادته، فتسليط الضوء على مثل هذه القضايا كان محظوراً على الإعلام في مراحل سابقة من عمر النظام السوري.

وأخذت جملة “مكافحة الفساد” تتردد على ألسنة كل أركان النظام، وطاولت الإجراءات عدداً من رجال الأعمال المتنفذين في النظام ومن ضمن الدائرة الضيقة داخله، ولا سيما رامي مخلوف ابن محمد مخلوف خال بشار الأسد، وأحد أبرز المتهمين بالفساد طوال عقود مضت.

و اعتبر ناشطون أنّ ما حصل مع مخلوف لا يتعدى كونه مسرحية جديدة لما يسمى مكافحة الفساد التي تقودها أسماء الأسد، وقد يكون من بين أهدافها أولاً استبدال الواجهات الاقتصادية القديمة بأسماء جديدة مقربة منها، كابن خالتها مهند الدباغ الذي تسلم رئاسة مجلس إدارة شركة “التكامل”، لتجني مليارات الليرات شهرياً من جيوب السوريين عبر ما يعرف بالبطاقة الذكية الخاصة بتوزيع المخصصات التموينية والوقود، إضافة إلى تعزيز احتمال أن تكون الوجه الأبرز لتحل مكان زوجها في رئاسة الجمهورية إن قضى الحل السياسي بعدم ترشح الأسد مجدداً لمنصب الرئاسة.

وكان لرئيس الوزراء السوري الأسبق والمنشق عن النظام رياض حجاب، والذي أصبح أحد أبرز قيادات المعارضة السورية فيما بعد، رأيه الذي قدمه كشهادة عن استشراء الفساد في بنية النظام، على خلفية تصاعد مواجهة مخلوف الأسد. وأشار حجاب عبر حسابه الشخصي بموقع تويتر في أيار الماضي، إلى أنّ بشار الأسد “أصل الفساد” في سورية، مضيفاً أنّ مظاهر الفساد تنامت إثر تبني سياسات رفع الدعم الحكومي و”تحرير الاقتصاد” عام 2005، ما أدى إلى إفقار السوريين وظهور طبقة حول بشار الأسد، مثلت واجهة لمصالحه الخاصة عبر شركات وقطاعات عدة يملك الأخير الحصة الأكبر منها.

اقرأ أيضاً : رئيس وزراء نظام الأسد “عماد خميس” : مصر وأمريكا مسؤولتان عن أزمة النفط في سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى