تحقيقات ستيب

بـ مستشفى ابن خلدون في حلب .. تحقيق لـ”ستيب” يكشف تورط ضباط وممرضين بالاعتداء جنسيًا على النزيلات

عانت المستشفيات السورية بشكل عام ومستشفيات مدينة حلب بشكل خاص ما عانته، خلال العقد الأخير، وخاصة فترة تواجد المعارضة بالمدينة نتيجة الانتهاكات التي طالتها عن طريق الغارات الجوية والقصف الممنهج من قبل آلة النظام السوري وحلفائه العسكرية، وفساد الكثير من العاملين في القطاع ضمن القسم الذي بقي تحت سيطرة النظام السوري من المدينة، وهو ما أدى لتدهور القطاع الطبي بشكل عام، ليبقى التدهور يلقي بظلاله على سكان المدينة على شكل حالات وفاة ناتجة عن الأخطاء الطبية، وحتى عمليات تصفية لمصابي فيروس كورونا عن طريق ضباط المخابرات بالنظام السوري.

وربما هذا التدهور لم يكن كافيًا، ليرافقه انتهاكات جمّة من قبل من يصنفون بمستشفيات دول العالم على أنهم ملائكة الرحمة والجيش الأبيض، والتي وصلت لحد اغتصاب المريضات والاعتداء عليهن جنسيًا، وهو ما ستكشفه وكالة “ستيب الإخبارية” في هذا التحقيق الصحفي الذي يتحدث عن خفايا مستشفى ابن خلدون في حلب، والمخصصة لحالات الأمراض النفسية والعقلية.

مستشفى ابن خلدون في حلب.. خط جبهة لعدّة سنوات

يقع مستشفى ابن خلدون في حلب بمنطقة دويرينة بالجهة الشرقية للمدينة، ويبعد عن مطار المدينة الدولي نحو خمسة كيلومترات، ويحاذيه مطار النيرب العسكري.

بـ مستشفى ابن خلدون في حلب .. تحقيق لـ"ستيب" يكشف تورط ضباط وممرضين بالاعتداء جنسيًا على النزيلات
مستشفى ابن خلدون في حلب

وكان المستشفى في الفترة ما بين 2013 و 2014 على خطوط الجبهة بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام السوري وحلفائها، ليعاد تأهيل قسم منه عقب خروج قوات المعارضة من المدينة.

ويضم المستشفى حاليًا نحو 210 نزيلًا، مقسمين على أقسام للرجال والنساء، بالإضافة لقسم للحالات الخطرة يتسع لـ 12 مريضًا، ومركز عزل لمصابي فيروس كورونا يتسع لـ 50 مصابًا، فيما كان سابقًا يتسع لـ600 نزيلًا، ولكن الدمار الذي لحقه فترة الحرب خفَّض طاقته الاستيعابية للنصف.

وفي المستشفى عدة أقسام هي: الجناح القديم ويضم النزلاء الأكثر هدوءًا، والجناح الاحترازي المخصص للنزلاء المحكومين من قبل القضاء، وجناح للنساء مؤلف من طابقين أحدهم للحالات الهادئة والآخر لأصحاب الميول العنيفة، والجناح الجديد الذي يضم جناحين للمرضى ومطعم، وجناحين للإدارة ومطبخ ومستودع وصيدلية في قسمه الأرضي، و 3 أجنحة للمرضى وجناح للإدارة بقسمه العلوي.

وتتم حالات العلاج في المستشفى بالاعتماد على الأدوية المهدئة التي تسبب النوم الطويل والعميق للمرضى، وعلاج بعض الحالات بالموسيقى وممارسة الهوايات كالرسم والرياضة.

بينما يتم إعطاء المرضى من أصحاب الحالات الخطرة أدوية مهدئة على المدى الطويل تسبب لهم الإدمان، وتجعلهم لا يستجيبون ضد حالات الانفعال والخروج عن الوضع الطبيعي إلا بتناولها.

حفلات جنس جماعي وفاحشة في مستشفى ابن خلدون في حلب

انتشرت الأقاويل حول وجود حفلات راقصة أبطالها المرغمين هم المصابين بالأمراض النفسية والعقلية من النساء، والنزيلات في إبن خلدون، حيث قالت لنا المريضة التي كانت نزيلة حتى وقت قريب بالمستشفى ذاته، والتي سنرمز لها بناءًا على طلبها وحفاظًا على سلامتها بـ” سمر. ح” قائلة: “الممرضين وعدد من الأطباء المناوبين يقيمون حفلات مسائية في قسم النزيلات النساء، وتحديدًا بالطابق الأرضي، بعد إغلاق الأبواب الخارجية للمستشفى ليلًا”.

مواضيع ذات صِلة : خاص|| عمليات تصفية لمصابي كورونا في مستشفى حلب الجامعي بأوامر من ضباط مخابرات النظام السوري!

وأكملت سمر:” يعمل الممرضون والممرضات على إحضار النزيلات إلى الحفل وانتقاءهن بحسب نسبة جمالهن أو بناءًا على طلب الحضور، ليبدأ بعدها الحفل الراقص الذي يتخلله الكثير من التصرفات المخلة بالآداب”.

وتابعت بأنَّه:” عقب انتهاء الحفل، يُقدِم بعض الممرضين على إعطاء النزيلات مادة مخدرة لا أعرف ماهيتها، ولكنها تعمل على إضعاف قواهن وتخفيض معدلات الشعور لديهن، ليقوموا بعدها بالاعتداء عليهن جنسيًا” منوهًة إلى أنَّ “الاعتداء الجنسي لا يجري بكل حفل منعًا لإثارة الشبهات أو كشفهم عن طريق الفحوصات الطبية للأعضاء الجنسية للمريضات، وعمليات الاعتداء الجنسي تتم من قبل كادر الطاقم المناوب ليلًا ذاته، حيث تتبدل المناوبات بشكل دوري، ولكن كادرًا واحدًا من المناوبين ليلًا هم من يعتدون على المريضات عند ساعات بعد منتصف الليل”.

وهو ما أكدته لنا الممرضة في مستشفى ابن خلدون في حلب، والتي سنطلق عليها اسم، أماني، حفاظًا على سلامتها، حيث قالت إنّ:” الممرضين المسؤولين عن تسيير هذه الحفلات هم: علي يوسف، نهى أحمد و محمد البني، ومدير المستشفى الدكتور، بسام الحايك، يبدو أنَّه يتعرض لضغوط بغية إكمال تسيير هذه الحفلات بشكل دوري، وهو ما يثبته عدم وجوده بهذه الحفلات واعتراضه عليها، ولكن الطبيبين، عماد جزماتي و محمد سعيد بركات يترددون إلى هذه الحفلات وأحيانًا يشرفون عليها”.

مؤكدًة بأنَّ الممرضين يعطون النزيلات عقاقير طبية بالقول:” عند انتهاء النزيلات من الرقص الذي يجبرونهن عليه، يعطي الممرضين لهن عقاقير مثل: أريبيبرازول وباروكسيتين وترامادول وزيبراسيدون وكلوزابين، والعقار المنوم دوكسيبين، بغية السيطرة عليهن عند الاعتداء الجنسي، وهو ما تسبب بإدمان بعض النزيلات على هذه الأدوية”.

حفلات مستشفى ابن خلدون في حلب تتحول إلى تجارة جنس

غالبًا ما تتحول الانتهاكات الجنسية التي تكون بهذا الشكل مع أشخاص مقيدي الحرية إلى تجارة جنسية ينتفع منها القائمون عليها، ويجذبون بها الشخصيات الأمنية بغية التقرب منها وطلب حمايتها وودها، وهو ما يعرف في سوريا باسم “واسطة” وهي معرفة شخص ذو منصب حكومي غالبًا ما يكون أمني، ممن يكون لذكر اسمه داخل الدوائر الحكومية القدرة على تسيير الأمور بشكل غير قانوني خوفًا منه.

وهنا شددت سمر على أنَّ :” بعض هذه الحفلات يحضرها أناس من خارج المستشفى، ويدفعون للممرضين مبالغ مالية تتراوح ما بين 10 إلى 25 ألف ليرة سورية مقابل قضاء وقت محدد بممارسة الجنس مع النزيلات، أو متابعة الحفل والرقص واحتساء المشروبات الكحولية وخلافها، وببعض الأحيان يكون هناك حضور من الأشخاص المقربين من الطاقم الطبي وبشكل مجاني، وكل هذه الممارسات تتم بالطابق الأرضي من جناح النساء كونه مغلق تمامًا ومعزول عن بقية الأقسام”.

ومن جهتها، كشفت أماني عن أنَّ :” الحفلات يحضرها ضباط من الأمن العسكري والمخابرات الجوية، ولكني لم أستطع معرفة سوى اسم شخص واحد منهم يدعى علي حمد من الأمن العسكري، ويبدو أنه صاحب رتبة رفيعة كون غالبية الحضور يهابونه، والبقية يحملون ألقاب مثل أبو سليمان وأبو حيدر وأبو نمر”.

أطباء مستشفى ابن خلدون في حلب يتحايلون على ذوي النزيلات عند تلقي الشكاوي

كون المستشفيات ليست سجون، وبإمكان الأقارب والأهل زيارة مرضاهم بها والاطمئنان عليهم، وهو ما حددته سمر بزيارات دورية محددة من قبل إدارة المستشفى ضمن الساعات الممتدة ما بين الـ12 ظهرًا وحتى الساعة الـ3 من بعد الظهيرة.

ولفتت سمر وهي مريضة “سوية عقليًا” تعاني من آثار المرض النفسي الناتج عن فقدان زوجها ومنزلها خلال فترة الحرب بالمدينة إلى أنَّ عددًا من النزيلات يشتكين لذويهن حول ما يحدث لهم خلال الحفلات، موضحًة بأنه: “عندما يستفسر الأهالي عن الموضوع من طاقم المستشفى الطبي يكون الرد بالاستهزاء والإنكار، والادعاء بأنَّ الموضوع مجرد محض خيال وأوهام من المريضة، حيث يبدي الطاقم الطبي استغرابه من سؤال الأهالي وإيضاحه بأنّ مريضتهم تعاني من الأمراض النفسية والعقلية، وهو السبب الرئيسي لإحالتها إلى المستشفى”.

إعداد: يزن توركو

شاهد أيضاً : انتحار طبيبة بمشفى يعج بمصابي فيروس كورونا المستجد لأسباب صادمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى